كانت كافية لكي تزلزل الشابة السمراء العالم. لم تستخدم أسلحة الدمار الشامل ولا مفاتنها التي استعملتها في رحلة المجد. لم تستعمل سوى كلمتين لتهتز أمريكا والغرب على وقعهما. نعم، كلمتان من «ريهانا» كانتا أقوى من النفط والغاز العربيين ومن ترسانات الأسلحة ومن الأخوة ومعاهدات الدفاع المشترك المنسية. ومن الأشعار و الأغاني العربية ومن اكتشافات مراسلي الحرب للجثث الثمينة تحت الأنقاض. في سبع دقائق تقاسم تغريدتها على تويتر أكثر من سبعة آلاف معجب وشاهدها الملايين وتحركت الصحافة منددة بالفضيحة، مع أن المغنية الأمريكية لم تنشر صورا فاضحة كما تعودت ولم تلق بكلمات بذيئة، لكنها اضطرت إلى حذف تغريدتها والتصريح بأنها نشرتها خطأ! ولا شك أن عشاقها العرب أصيبوا بصدمة وهم الذين اكتشفوا ميلها إليهم من خلال تغريدات الإعجاب التي خصت بها كريم بن زيمة في مونديال البرازيل، قبل أن تلقي بالكلمتين السحريتين اللتين أغضبتا الصحافة الغربية من أمريكا إلى أوروبا ولم تتردد مجلة فرنسية عريقة في تشبيه التغريدة بتعرية الصدر في معرض هجائها لفنانة ما كان عليها وفق المنطق الغربي أن تقرب السياسة. كانت ريهانا ضحية لنوع من المكارتية الالكترونية التي استهدفت النجوم الذين يجاهرون بآرائهم هذه الأيام. النجوم الذين يخرجون عن الصف، النجوم الذين يقولون الحق. لم تقرأ ريهانا إدوارد سعيد لتتعلم كيف تواجه القوة بخطاب الحق، لكن صور الفلسطينيين هزتها فكتبت بعفوية:»الحرية لفلسطين». وكذلك فعل الكثير من نجوم الرياضة وفي مقدمتهم بعض نجوم كرة السلة الأمركيين الذين اضطروا لحذف تغريداتهم في الوقت الذي واصل فيه مدعمو الجيش الإسرائيلي التغريد. وكذلك فعل بطل العالم اللاعب الألماني الكردي مسعود أوزيل الذي اضطر إلى المجاهرة بتبرعه لأطفال البرازيل ليكذب ضمنيا الأخبار التي قالت أنه تبرع لأطفال غزة. يعرف «المكارتيون الالكترونيون» الأثر الذي يخلفه تضامن نجوم لهم رمزيتهم في الواقع والافتراض، لذلك وسعوا حربهم إلى الفضاء الالكتروني. والهدف واضح: كسب المعركة على الأرض وكسبها رمزيا أيضا وحرمان الضحية حتى من حقها الأخير، الحق في جلب التعاطف. ملاحظة كانت تغريدة ريهانة أقوى من صراخ ملايين العرب، وفي ذلك درس مؤاداه: من لا أثر له لا صوت له.