السقوط الأخير لبرنار هنري ليفي هذه المرة قد تكون السقطة الأخيرة للفيلسوف المثير للجدل والعجب، الترويج الكبير لكتابه الجديد لم يدم طويلا لأن "الفضيحة" حولت برنار هنري ليفي إلى مادة للسخرية في الوسط الثقافي و في الصحف الفرنسية التي ابتهجت بالسقوط الجديد لفيلسوف الميديا الذي فقد الكثير من وجاهته وأصبح أقرب إلى ظاهرة سمعية بصرية منه إلى فيلسوف. بعض الصحف الفرنسية خصصت مقالات عن مسيرة الفيلسوف أشبه ما تكون بالنعي وتعداد مناقب الأموات كما فعلت صحيفة لوفيغارو اليمينية قبل يومين وهي تستطلع أراء رفاق الدراسة لليفي. ملخص الفضيحة الجديدة أن "الفيلسوف" استند إلى كتاب غير موجود وكاتب لم يولد بعد في كتابه الجديد "عن الحرب في الفلسفة" الكتاب يحمل عنوان "الحياة الجنسية لامانويل كانط" لكاتبه "جون باتيست بوتول" باعتباره من أتباع كانط الجدد واستغل فقرات من الكتاب للتدليل على صورة كانط كفيلسوف ساخط قبل أن تفجر مجلة "لونوفال أوبسرفاتور" القنبلة المدوية وتكشف بأن الأمر يتعلق بمؤلف ساخر كتبه الصحفي في مجلة "لوكانار أونشيني" الساخرة فريديريك باجيس، بمعنى أن الفيلسوف الكانطي الجديد بوتيل لم يوجد إلا في المؤلف الساخر الذي كان بمثابة الطعم السام الذي ابتلعه الفيلسوف الهمام، الذي شرع في بعض المراجعات لأعمدة الفكر الفرنسي كما فعل في كتاب "قرن سارتر" الذي أثار استهجان محبي الفيلسوف الحقيقي جون بول سارتر. و المثير أن مؤسس مجلة لونوفال أوبسارفاتور و صاحبها وهو يهودي جزائري الأصل تماما كما برنار هنري ليفي( الأول من البليدة والثاني من بني صاف) كتب افتتاحية مثيرة بعنوان: "بخصوص برنار هنري ليفي". قال فيها أنه كان يخاف دائما على ليفي "الحالم بأن يرث مالرو و ليفيناس و برومال في نفس الوقت" وشبه دانيال الطريقة التي يعرض بها ليفي نفسه على وسائل الإعلام بطريقته الاستعراضية في تغطية الحروب والنزاعات، في إشارة إلى أن الفيلسوف عرض نفسه للقتل بواسطة الميديا حين تنقلب عليه. ولم يتردد جون دانيال في التذكير بما يفرقه عن صديقه: طريقته في محاربة معاداة السامية ودفاعه عن أمن إسرائيل. مشيرا إلى أنه كان يترك الحرية لمحرري المجلة ونفس الشيء فعله مع ابن العم برنار. وهكذا وجد ليفي الذي قرر افتتاح موسمه الجديد بكتابي "عن الحرب في الفلسفة" و"أوراق هوية" الذي يدافع فيه عن المخرج بولانسكي المتابع في أمريكا بتهمة اغتصاب قاصر في مقصلة الإعلام الذي أراد استغلاله لترويج كتابه، ودعا ليفي في الحصة الشهيرة on n'est pas couchés التي تبثها القناة الفرنسية الثانية يوم السبت إلى ضرورة الاستماع للضحية في حالة بولانسكي مشددا على أنه رب أسرة ولم يكرر فعلة اغتصاب قاصرة مستهجنا رد الفعل الغاضب على إطلاقه حملة توقيع لدعم المخرج اليهودي في محنته، وبخصوص كتاب "عن الحرب في الفلسفة" وقضية بوتيل دافع ليفي عن نفسه وقال أن ما يهمه هو الكتاب عن كانط ولا يهم اسم الكاتب سواء كان بوتيل أو اسما آخر فكرة أن يكون وقع في الفخ مؤكدا أنه حاول البرهنة على أنه يمكن التحقيق في موت دانيال بيرل والتطرق لصعود التطرف الإسلامي دون النزول من مقام الفلسفة في هذا الكتاب. وتعد قضية "بوتيل" حلقة في سلسلة فضائح BHL طويلة كشف البعض منها صحفي التحري الشهير فيليب كوهين في كتاب عن سيرة الفيلسوف كشف فيه كيف كون ليفي شبكة علاقات مع وسائل الإعلام ووضع استراتيجية ظهور له ولزوجته الدمية الميكسيكية آريال دومبال، وكشف كيف سعى الفيلسوف في ثمانينيات القرن الماضي لانقاذ شركة الخشب التي يملكها والده من الإفلاس باستغلال علاقته مع الإليزي وهو ما لم يتردد صديقه ميتيران عاشق الأدب والفلسفة في القيام به بتوفير موارد من دول إفريقية وقرض من الخزينة لم يكن يقدم سوى للمؤسسات العمومية( الرئاسة الفرنسية سخرت طائرات لنقل ضيوفه)، وحتى حفل زواجه من آريال استخدم فيه وسائل عمومية فضلا عن تسريبات قام به لمجلات الإطارات التي نشرت صور الثنائي في وضعيات سعيدة عادت على الفيلسوف بمزيد من الشهرة ( باع صور زواجه في 1993 لمجلة باري ماتش وكشف للبارازي عن الشواطئ التي يتردد عليها)، كما رصد الكتاب حالات استغلال نفوذ من طرف الفيلسوف من أجل البقاء على أغلفة المجلات بالضغط على الصحفيين عن طريق مالكي المجلات. وبالطبع فإن الفيلسوف الذي تحول إلى عراب البؤر الساخنة آثار الجدل حول تغطيته لأفغانستان حيث كشف كوهين بأن ليفي لم يكن صديقا لشاه مسعود كما أدعى في كتاب أصدره عنه بعد اغتياله، ونفس الفضيحة أثيرت حول كتابه- التحقيق الملفق : من قتل دانيال بيرل؟ الصحفي الأمريكي الذي تمت تصفيته في باكستان، وتبين أن ليفي كتب رواية عن الحادثة وليس تحقيقا كما أدعى، حيث بينت تحريات صحفية أن الفيلسوف لا يعرف حتى خارطة باكستان كما كشف صحفي أمريكي قال أن ليفي لم يكن يحقق بل قاد حملة من أجل ضرب باكستان وتجريدها من القنبلة النووية. وإذا كان برنار هنري ليفي يستغل اللوبي الصهيوني في الإعلام الغربي لكشف محاولات تعريته، فإنه هذه المرة جنى على نفسه بنفسه حين كشف أنه ليس فيلسوفا رصينا ولكنه يأخذ معلومات كيفما اتفق ويظلم بها الفلسفة، لذلك قد تكون "قضية بوتيل" هي القضية التي تنزع قميص الفيلسوف عنه هو الذي يتلقى هذه الأيام حمامات باردة حتى في حصص "التوك شو" التي أنزل إليها الفلسفة. سليم-ب -Jean Daniel, A propos de Brnard-Henry Lévy, le nouvel OBS du 10-02 10 -On n'est pas couchés, france2 ,13-02-10 - مقال سابق بعنوان: الفيلسوف ذو القميص الأبيض بقلب أسود