توالت أمس ردود الأفعال الدولية المنددة بالاعتداء العنيف الذي نفذته قوات الأمن المغربية على مخيمات النازحين الصحراويين في العيون. تفقد أعرب المتحدث باسم الأمين العام الأممي مارتن ناسيركي عن استياء المنظمة الأممية للهجوم المسلح الذي شنته أول أمس قوات الأمن المغربية على المدنيين الصحراويين العزل بمخيم "الحرية"، معربا عن تأسفه لوقوع قتلى و جرحى بين النازحين المعتدى عليهم، مشيرا إلى اعتزام بعثة الأممالمتحدة بالصحراء الغربية إعداد حوصلة مستوفية حول هذه الأحداث، كما تأسف من تأثير هذا التصعيد العسكري المغربي على المناخ الذي تجري فيه مفاوضات الاجتماع غير الرسمي الثالث بنيويورك بين المغرب وجبهة البوليزاريو حول الوضع المستقبلي للصحراء الغربية، حيث كان رئيس البعثة الصحراوية المفاوضة خاطري أدوح قد صرّح قبل افتتاح هذا الاجتماع بأن المغرب بدل أن يأتي بالتزامات ذات مصداقية لتسوية مشكل الصحراء الغربية، فإنه فضّل المشاركة في هذا الاجتماع "باستعراض العضلات لإفشال جهود المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي".من جهته أكد الاتحاد الأوروبي عن انشغاله البالغ لتطورات الوضع الأخيرة في العيونالمحتلة التي تشهد أعمال قمع خطيرة ضد الصحراويين والتي أسفرت عن مقتل عدد من النازحين، وأكدت المتحدثة باسم الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي مايا كوتشيانتشيتش في تصريح للصحافيين أن "الاتحاد الأوروبي يأسف بالتأكيد للحادث الدموي الذي وقع أول أمس في منطقة الصحراء الغربية" مضيفة " إننا قلقون للغاية إزاء ما يجري في تلك المنطقة"، كما أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أستون، في مداخلة أمام البرلمان الأوروبي استعدادها لتناول المسألة مع الأممالمتحدة والنظر معها فيما يمكن فعله، موضحة أنه على الاتحاد الأوروبي أن يدين عملية اقتحام مخيم النازحين في العيون.خطورة الاعتداء الذي أقدم عليه المغرب حركت حتى من هم محسوبين كحلفاء تاريخيين له، حيث أن فرنسا التي تدعم طروحاته المتعلقة باقتراح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، قد أدانت ما اقترفته قوات الشرطة والدرك المغربية في حق الصحراويين العزل في مخيمات العيون، إذ وصف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ما حدث "بالخطير جدا"، معتبرا ما أقدمت عليه السلطات المغربية التي طردت برلمانيا فرنسيا من المغرب بعد محاولته الوصول إلى مكان المخيم الذي تعرض للإعتداء " غير المقبول"، وأكّد كوشنير أنه أعلم السفير المغربي بفرنسا بعدم رضاه بطرد النائب الفرنسي الذي تم احتجازه بمطار الدارالبيضاء قبل أن يتم ترحيله إلى فرنسا. الخارجية الاسبانية طالبت مجلس الأمن الدولي إلى التدخل عقب الاعتداء ضد المواطنين الصحراويين، حيث دعت وزيرة الخارجية الإسبانية ترينيداد خيمينيث من مجلس الأمن الدولي التدخل إثر أعمال القمع التي وقعت يوم الاثنين بالعيونالمحتلة، وأوضحت في مؤتمر صحفي أن تفكيك الشرطة المغربية للمخيم يمثل قضية "ذات أهمية دولية"، وأنه يتعين على مجلس الأمن الذي تتولى بريطانيا رئاسته الدورية التدخل في أقرب وقت ممكن، وفي سياق متصل أعرب الوزير الإيطالي للشؤون الخارجية فرانكو فراتيني عن انشغاله الكبير عقب الهجوم على "مخيم الحرية" بالعيون، وقال فراتيني في بيان نشرته وزارة الخارجية "نحن جد منشغلون بشأن الضحايا والعديد من الجرحى" الذين خلفهم هذا الهجوم، داعيا إلى مواصلة مفاوضات بناءةتتحت إشراف منظمة الأممالمتحدة، والتي من شأنها أن تفضي حسبه إلى حل سلمي للنزاع وتحافظ على الهدوء والانضباط الضرورين لتفادي خسائر في أوساط المدنيين، كما دعا زعماء من الحزب الديمقراطي الايطالي الذي يمثل أهم قوة سياسية لليسار إلى ممارسة ضغوطات على المغرب من أجل حمله على احترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ووضع حدّ للقمع ضد السكان الصحراويين، وطالبتتجمعيات ومنظمات نقابية وشخصيات برلمانية الحكومة الايطالية باتخاذ إجراءات صارمة وفورية من طرف الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي لحمل المغرب على احترام حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، ودعت أيضا إلى ممارسة ضغوطات من أجل وضع حد لقمع الشرطة و الجيش المغربيين الذي استهدف النازحين العزل وحقهم في التعبير بحرية، ودعت هذه التنظيمات إلى تدخل بعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية(مينورسو) لحماية حقوق وأمن الشعب الصحراوي.تألمانيا هي الأخرى لم تقف موقف المتفرج، حيث ندّدت المجموعة البرلمانية لحزب اليسار الألماني بما وصفته بالتدخل "العنيف" و"الشنيع" الذي نفذه الجيش المغربي ضد الصحراويين العزل، داعية ألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى إدانة "شديدة" لهذا الهجوم، وأشارت الناطقة الرسمية باسم المجموعة سيفيم داغدلين، إلى أن هذا التدخل "الهمجي المحط من كرامة الإنسان ضد نازحين محتجين سلميا على احتلال أرضهم، يجب الرد عليه بتدابير سياسة رادعة"، مضيفة أن المغرب بعمله هذا "يبرهن على استعداده لاستعمال أية وسيلة من أجل عرقلة تنظيم استفتاء يمّكن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير، كما طالبت الحكومة الألمانية ب"العمل في إطار الاتحاد الأوروبي على تجميد اتفاقية الشراكة مع المغرب" ، مضيفة أنه "من غير المعقول أن يستفيد هذا الأخير من اتفاقية الوضع المتقدم وهو الذي يرتكب منذ سنوات خروقات جسيمة لحقوق الإنسان بالصحراء الغربية".