برأ أبو القاسم سعد الله الخلافة العثمانية من مسؤولية التخلف الذي عرفه العالم الإسلامي والجزائر لقرون مبرزا أن الانحطاط الحضاري بدأ قبلها بكثير لكنه اعترف أن الأتراك لم يهتموا بالتعليم لاسيما في فترة القرن والنصف الأولى من حكمهم بالجزائر الذي استمر ثلاثة قرون . وفي محاضرة له حول السلطة والأدب في العهد العثماني ضمن فعاليات الملتقى الدولي حول الجزائر والعالم الإسلامي الذي اختتمت أشغاله مساء أمس الأول بكلية الآداب والعلوم الإنسانية لجامعة الأمير بقسنطينة وشارك فيه عشرات الباحثين من الجزائر والمغرب وتونس والعراق وليبيا أكد صاحب موسوعة تاريخ الجزائر الثقافي أن التخلف ران على العالم الإسلامي مشرقا ومغربا قبل الأتراك غير أن هؤلاء أيضا لم يهتموا بالتعليم فلم تؤسس السلطة العثمانية نظاما للتعليم برعاية رسمية حيث كان التعليم شعبيا وكان الحكام العثمانيون في الجزائر كأنهم مواطنون عاديون حيث يساهموا مع غيرهم في بناء المساجد والأوقاف لكنهم لم يبنوا مركزا ثقافيا أو مدرسة عالية أو جامعة ولاغيرها على غرار القرويين مثلا وقد اشتهرت المكتبات العامة وبعض المدارس كمدرسة محمد بالكبير والكتانية وفي معرض عرض لواقع الأدب الجزائري في العهد العثماني اعترف سعد الله بوجود هجرة جزائرية شرقت وغربت ولم يؤسس لشعر البلاط وشعر القصور بسبب طبيعة السلطة السياسية ولم تعرف الجزائر نهضة علمية وأدبية لكنه رفض أن يصف هذا العصر بالصحراء القاحلة إذ سرعان يقول - ما تأسس أدب جزائري وطني كان مفتقدا قبل الأتراك لعوامل عدة منها حلول عائلات أندلسية متعلمة ومتشبعة بروح الأدب والشعر الأندلسي وظهور شعر الاستصراخ (الدعوة للجهاد) وحلول بعض المثقفين من المشرق حاملين الأنغام العراقية والفارسية والخط العثماني والأشعار المولدية كما ظهر أدب الشروح وشعر في أغراض أخرى كالغزل والسياسة والمدح والرثاء والصوفية وهذا كله ضمن الأدب الفصيح وقد نشأ بجانبه الأدب الشعبي واستعمال اللغة الدارجة .في حين ذكر عبد الله بوجلال (قسنطينة)مجموعة عوامل لما سماه القحط الأدبي بالجزائر إبان الحكم العثماني منها التأثر بالانحطاط الذي عرفه العالم الإسلامي ككل والجهل باللغة العربية وعدم الاهتمام بها وعدم حاجة الأتراك لأدباء البلاط والطبيعة العسكرية للحكم العثماني أما أ.عميراوي فيرى انه كانت هناك قطيعة سوسيولوجية ضاربة أطنابها بين نظام الحكم العثماني وابرز الفواعل الاجتماعية الجزائرية والسلطة القائمة اجتماعيا أقوى من نظام الحكم السائد وعلى الرغم من عدم ظهور أقطاب دينية دعوية إصلاحية بالجزائر حسب (أ.محمد أوجرتي) إلا لأنه أكد أن المجتمع الجزائري ومن خلال كتب الرحالة ظل ملتزما في عاداته وأخلاقه في العهد العثماني بالشريعة الإسلامية كما كان شديد التمسك بالشعائر التعبدية وفي معرض تشريحه لواقع العلاقات العثمانية المغربية أكد. خاليد فؤاد طحطح (المغرب) أن الخلافة العثمانية وجدت نفسها مضطرة لترسيم الحدود بينها وبين المغرب الأوسط منتصف القرن السابع عشر بسبب عدة عوامل أهمها التخوف العثماني من خطر التوسع السعدي والعلوي من بعده على حساب المغرب الأوسط لحساب المغرب الأقصى وأشار إلى أن مجموعة من الكتابات التاريخية ترى أن فكرة الحدود السياسية دخيلة على المنطقة المغاربية، وأن الفهم الذي كان سائدا خلال هذه الفترة هو أن دار الإسلام مجال جغرافي وفضاء حضاري يحق للمسلم أن يستوطن في مختلف جهاته، و أن الحدود لا يمكن أن تكون إلا بين دار الإسلام ودار الحرب ففكرة ترسيم الحدود تعد سلوكا جديدا في تاريخ العلاقات المغربية.وبرأ أ.ابراهيم السعداوي (تونس) حكام الجزائر إبان الفترة العثمانية من أطماع ضم تونس وفي دراسة لبعض الوثائق خلال تلك الفترة كشف أ.خليفة حماش (قسنطينة) عن النص الكامل لمعاهدة جزائرية بريطانية أبرمت عام 1695 تتعلق أساسا بالملاحة البحرية كما أكد أ.حمد صاري أن العلاقات الجزائرية على المستوي الشعبي والضمير الجمعي لم تنقطع بين الجزائريين والأتراك مند الاحتلال الفرنسي إلى سقوط الخلافة سنة 1924.