خيمت حالة من التوتر على مملكة البحرين بعد أن وصلت طلائع قوات "درع الجزيرة" التابعة لمجلس التعاون الخليجي إلى المملكة للمشاركة في إستعادة النظام في البلاد التي تشهد منذ منتصف فيفري الماضي مظاهرات تنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي تحولت إلى مواجهات مع قوات الأمن فيما اعتبرت المعارضة أي تدخل عسكري خارجي "احتلالا سافرا". وطبقا لإتفاقية الدفاع المشتركة والحفاظ على الأمن في أي دولة خليجية أرسلت السعودية يوم الإثنين أكثر من 1000 جندي والإمارات العربية المتحدة 500 جندي من قوة "درع الجزيرة" -التي تشكلت عام 1986- الى البحرين لمساعدة السلطات على فرض الأمن بعد مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين مطالبين بإصلاحات سياسية و واقتصادية أسفرت حتى الآن عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات بجروح. ويأتي توافد القوات الخليجية إلى مملكة البحرين "انطلاقا من مبدأ وحدة المصير وترابط أمن دول مجلس التعاون على ضوء المسؤولية المشتركة لدول المجلس في المحافظة على الأمن والاستقرار التي هي مسؤولية جماعية باعتبار أن أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ " حسب ما ذكرت وكالة أنباء البحرين. وقد ناشدت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين كافة المواطنين والمقيمين "التعاون التام والترحيب بقوات درع الجزيرة المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجى". والجذير بالذكر، أن قوات "درع الجزيرة" المشتركة ومقرها مدينة حفر الباطن شرق السعودية تأسست عام 1986 من قوات دول مجلس التعاون الست وهي السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان بدأت ب 5000 جندي و تجاوزت الآن 30 ألفا من الضباط والجنود من بينهم نحو 21 ألف مقاتل. ومهمة قوات "درع الجزيرة" هي "حماية أمن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من أي عدوان خارجي لأي من هذه الدول". وشكلت قوات دفاع "درع الجزيرة" بعد حوالي خمس سنوات من قيام مجلس التعاون الخليجي عام 1981 كرد فعل رئيسي لدرء الأخطار الناجمة عن اشتعال الحرب العراقية - الإيرانية وتداعيات الثورة الإيرانية تجاه دول الخليج وبعد اجتياح القوات الإيرانية لمنطقة الفاو العراقية أثناء الحرب علاوة على تصاعد التهديدات على الحدود اليمنية-السعودية. وبعد وقت قصير من تأكيد السعودية دخول 1000 جندي سعودي إلى أراضي البحرين للحفاظ على الأمن وجهت المعارضة البحرينية بيانا إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ل"حماية شعب البحرين من دخول قوات سعودية وخليجية" إلى البلاد محذرة من خطر "شن حرب من قبل جيش مسلح ضد المواطنين البحرينيين" ومعتبرة دخول تلك القوات"احتلالا سافرا". واعتبر المعارضة البحرينية والتي تضم جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية العمل الوطني الديمقراطي وجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي وجمعية التجمع القومي الديمقراطي وجمعية العمل الإسلامية وجمعية الإخاء الوطني وجمعية التجمع الوطني الديمقراطي والائتلاف الوطني أن "دخول أي مجند أو آلية عسكرية إلى اقليم مملكة البحرين البري أو الجوي أو البحري احتلالا سافرا لمملكة البحرين وتآمرا على شعب البحرين الأعزل ويخالف الاتفاقيات والأعراف الدولية في السلم والحرب". وأضافت أن التهديد الجاد هو "دخول قوات سعودية وخليجية أخرى لمواجهة شعب البحرين الأعزل". وكان العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى ال خليفة جدد أول يوم الأحد الدعوة للإسراع في بدء الحوار الوطني في المملكة للوصول إلى التوافق الوطني المنشود وفقا لما نقلته وكالة أنباء البحرين وهو ما أكد عليه الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد البحريني -الذي يقود الحوار الوطني مع كافة التيارات السياسية- للتوافق على مجمل القضايا بما في ذلك إجراء استفتاء شعبي حولها. وفي أعقاب إرسال كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة لقوات إلى البحرين بناء على طلب السلطات البحرينية و نظرا للاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها المملكة حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جميع الأطراف المعنية بالأزمة في البحرين على "الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس وفعل كل ما هو ممكن" لتجنب وقوع المزيد من العنف. ودعت من جهتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى ضبط النفس إزاء البحرين واحترام الحقوق هناك والعمل على دعم ومساندة الحوار بدلا من تقويضه وحماية المتظاهرين السلميين وعدم استخدام القوة ضدهم وذلك خلال لقائها بباريس مع وزير خارجية دولة الإمارات العربية الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان. بدورها، حثت وزارة الخارجية الأمريكية مواطنيها على تجنب السفر إلى البحرين ملمحة إلى ضرورة أن يغادر الأمريكيون المقيمون هناك البلاد. وأشارت الى أنه على المواطنين الأمريكيين "تفادي كل المظاهرات لأن حتى السلمية منها يمكن أن تخرج سريعا عن نطاق السيطرة ويمكن أن يصبح الأجنبي هدفا للمضايقة أو ما هو أكثر". ميدانيا شهدت البحرين أمس تجدد المواجهات بين قوات الأمن أثناء قيامها بتفريق معتصمين بالقرب من المرفأ المالي أسفرت بحسب تقارير إعلامية عن سقوط 17 جريحا في صفوف الأمن وتعرض مجموعة من المتظاهرين لإصابات متفرقة أيضا نتيجة إطلاق الغاز المسيل للدموع حسب وزارة الصحة البحرينية. للتذكير، فإن مملكة البحرين -التي يشكل الشيعة 75% من سكانها- تشهد منذ حوالي الشهر تظاهرات تطالب بإصلاحات سياسية حقيقة وجادة في مقدمها إقالة الحكومة وتشكيل أخرى تبدأ بإصلاحات سياسية وديمقراطية حقيقية ووضع دستور جديد للبلاد يتضمن نظام ملكية دستورية. وقد قتل خلال هذه التظاهرات ستة أشخاص فيما أصيب العشرات بجروح وفق حصيلة رسمية.