قالت صحيفة الأيام البحرينية أمس الاثنين أن قوات خليجية أرسلت إلى البحرين للمشاركة في حفظ الأمن في المملكة التي تشهد تحركات احتجاجية مطالبة بالتغيير وسط توتر امني وطائفي متصاعد. وذكرت الصحيفة التي تعد مقربة من السلطات إنه "علم من مصادر مطلعة أن قوات من مجلس التعاون لدول الخليج العربي تصل البحرين للمشاركة في حفظ الأمن والنظام". وأبدت سبع جمعيات سياسية بحرينية معارضة قلقها من الأنباء الواردة حول إرسال قوات خليجية إلى البحرين، مؤكدة رفضها لأي "تدخل عسكري خارجي في الشؤون المحلية يمس سيادة الدولة". ونقلت عدة مواقع إخبارية خليجية معلومات مشابهة وتحدث بعضها بالتحديد عن "قوات سعودية". وكان ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد ال خليفة أكد الأحد الاستعداد لطرح مسألة توسيع صلاحيات مجلس النواب وأن تكون الحكومة تمثل إرادة الشعب، مجددا الدعوة إلى البدء بالحوار الوطني بأسرع وقت. وأصيب العشرات في مواجهات الأحد بين المتظاهرين وقوات الأمن في دوار اللؤلؤة في وسط صنعاء حيث مقر الاعتصام الرئيسي للمطالبين بالتغيير، وبالقرب من مرفأ البحرين المالي، فيما شهدت جامعة البحرين مواجهات ذات طابع طائفي. وللمرة الأولى منذ 17 فيفري، وأطلقت قوات مكافحة الشغب البحرينية الأحد قنابل مسيلة للدموع على المعتصمين في دوار اللؤلؤة بوسط المنامة بعد أن تمركزت على جسر يطل على الدوار، بحسب الشهود. ووقعت مواجهات قوية في وقت سابق الأحد عندما قامت قوات الأمن البحرينية بتفريق معتصمين بالقرب من المرفأ المالي في المنامة، حسبما أفاد شهود عيان ووزارة الداخلية التي أشارت إلى سقوط 14 جريحاً في صفوف رجال الأمن. من جهة أخرى، هاجم ملثمون الأحد طلاباً معارضين معتصمين في جامعة البحرين بالعصي والسيوف، حسبما أفاد موظفون في الجامعة. رفض لأي تدخل عسكري خارجي في الشؤون البحرين ووجهت الجمعيات السبع المعارضة وتجمع الوحدة الوطنية (ائتلاف قوى وشخصيات سنية موالية للحكم) نداء للمواطنين البحرينيين دعتهم فيه "للابتعاد عن التصادم" مؤكدة "لا نقر ما ورد إلى مسامعنا من مصادمات في بعض مناطق البحرين" حسب بيان أصدرته هذه القوى بعد اجتماع عقدته أمس. وأضاف البيان "نرجو من قوات الأمن أن تحافظ على الأمن في جميع مناطق البحرين وأن يمنعوا الصدام بين الأطراف (...) كما وندعو إلى إنهاء جميع مظاهر التمييز الطائفي في الخدمات وعدم منع الغير من أداء أعماله". وفي بيان ثانٍ، أعربت الجمعيات السياسية المعارضة السبع "عن قلقها من الأنباء الواردة عن قدوم قوات خليجية للبحرين" وأكدت "رفضها لأي تدخل عسكري خارجي في الشؤون المحلية يمس سيادة الدولة" مشددة على "أهمية التوصل إلى حل داخلي ديمقراطي وسريع يجنب البلاد استمرار الأزمة الخطيرة التي تمر بها". وهذه الجمعيات السياسية المعارضة هي الوفاق الوطني الإسلامية (التيار الشيعي الرئيسي)، المنبر الديمقراطي التقدمي (يسار)، العمل الوطني الديمقراطي (وعد - يسار قومي)، الإخاء الوطني (ليبراليون شيعة)، التجمع القومي الديمقراطي (البعث)، العمل الإسلامي (شيعة)، التجمع الوطني الديمقراطي (يسار قومي). خلافات الأسرة الحاكمة ويبدو أن البحرين قد دخلت إلى المنطقة الحمراء. فهناك تصعيد في الشارع من جانب المعارضة، يرافقه نزاع داخل الأسرة المالكة بشأن طرق إدارة الأزمة، مع انهزام الخط المتشدّد؛ وإعلان الجار السعودي بالتدخل في «معركة نفسية»، قد تصل إلى التدخل العسكري. وبعد شهر على اندلاعها، فجّرت الانتفاضة خلافات الأسرة الحاكمة في البحرين، بين الجناحين، المتشدّد بزعامة وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد، والليبرالي بزعامة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بشأن طريقة إدارة الأزمة؛ وما كان يُثار داخل الغرف المغلقة، بات حديث الصالونات السياسية. أولى ثمار هذا الخلاف انسحاب رأس الجناح المتشدّد إلى لندن، لتخلو الساحة لولي العهد. وتحدثت مصادر عدة عن سبب سفر خالد بن أحمد إلى لندن، فذكرت صحف بحرينية أنها بداعي العمل، فيما أفادت مصادر أخرى أنها بداعي العلاج؛ لكن هناك روايات متنوعة تحدثت عن إشكال وقع بين ولي العهد ووزير الديوان على طريقة إدارة الأزمة مع «البحارنة» (ويقصد بهم الشيعة)، وذلك خلال اجتماع مجلس العائلة الحاكمة الأخير. فوزير الديوان يظهر امتعاضاً من طريقة إدارة ولي العهد للأزمة، والتعاطي الرسمي مع التظاهرات، ويحبّذ خيار استخدام القوة لضرب الاعتصامات، ويرى في مبادرة ولي العهد للحوار ضعفاً. وقالت مصادر قيادية معارضة لجريدة «الأخبار» اللبنانية إن انسحاب وزير الديوان يسهم في عزله من أجل التمهيد للحوار. تدخل سعودي حقيقي لصد أي تدخل إيراني. نتيجة يبدو أنها لم تعجب الحليف السعودي، وبالتحديد الجناح المتشدّد منه بزعامة وزير الداخلية، نايف بن عبد العزيز، الذي تجمعه مع وزير الديوان صداقة قديمة، فهو يمثل في النهاية امتداداً لجناحه في الأرخبيل الخليجي. وبعدما انتشى الأمير نايف بما عدّه "إنجازاً" في السعودية ضدّ "أشرار" التظاهرات، إثر "فشل" يوم الغضب السعودي، قرّر أن يسحب إنجازاته باتجاه البحرين، لنجدة حليفه. على الأقل، هذا ما يمكن تلمّسه من خلال أنباء راجت الأحد عن دخول قوات خليجية إلى البحرين عن طريق جسر الملك فهد، والأجواء التي رافقته، وهو خبر نقلته صحيفة «الأيام» البحرينية الموالية نقلاً عن مصادر مطلعة، ليُكرَّر نقلاً عن المستشار الإعلامي للملك نبيل الحمر على موقع «تويتر»، وذلك يعني تلقائياً دخول قوات سعودية، بما أنّ عماد القوات الخليجية سعودي. التدخل السعودي هو الورقة التي لُوّح بها منذ بداية الانتفاضة. بدأت أولاً مع فجر الخميس الشهير، حين اعتدي على المعتصمين وهم نيام في دوار اللؤلؤة، وانتشرت معلومات عن دخول قوات سعودية إلى المملكة للمشاركة في قمع الاحتجاجات؛ واستمر التلويح بها في كل اجتماع لاحق لدول مجلس التعاون الخليجي؛ فمع الجزرة المتمثلة في مساعدات بمليارات الدولارات للبحرين وسلطنة عُمان ومشروع «مارشال» خليجي، رُفعت العصا لتُلوّح بأن الأمن الخليجي كلّ لا يتجزأ، في إشارة مباشرة إلى التكتل في وجه رياح الثورات المتنقلة، وغير مباشرة تستهدف قطع الطريق على أي تدخل إيراني. الشعب الوفي دفع فشل «يوم الغضب» السعودي، الذي كان متوقعاً يوم الجمعة الماضي، وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز (الصورة)، إلى الإعلان أن شعب المملكة «الوفي» أحبط خطط «بعض الأشرار» لتنظيم احتجاجات، قائلاً: "أتقدّم بالتهنئة إلى سيدي الملك عبد الله، وولي عهده الأمين الأمير سلطان بهذا الشعب الكريم... الشعب الوفي". وأضاف: "أراد بعض الأشرار أن يجعلوا من المملكة مكاناً للفوضى"، مشيراً إلى أن الشعب السعودي "أثبت للعالم أنه في قمة التلاحم مع قيادته". ورأى نايف أن الشعب السعودي "شعب واع وكريم ولا تنطلي عليه الافتراءات»، قائلاً: «لا يفوتني في هذا المقام إلا أن أشكر مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وعلماءنا، فقد ردوا بقوة وثقة بالله على الأشرار".