اقترح محامون يوم الاثنين بالجزائر العاصمة الغاء النصوص القانونية التي تجرم فعل التسيير معتبرين ان كثيرا من الكفاءات قد راحوا ضحية هذا التشريع. و قد اكد محامون لدى تدخلهم في منتدى المجاهد حول موضوع "المسؤوليات المدنية و الجنائية لمسيري المؤسسات الاقتصادية العمومية" ان القضايا التي تتعلق بتجريم عمل التسيير "تشوه" صورة الجزائر كما انها "تضر بالاقتصاد الوطني من خلال تجريم الاطارات الاكثر كفاءة". و اضاف هؤلاء ان عمل التسيير "ليس من اختصاص العدالة" و في حالة وقوع خطا في التسيير يمكن اللجوء الى الاجراء التاديبي من خلال تخفيض رتبة رئيس المؤسسة المرتكب للخطا او تنحيته من منصبه. كما اشار ذات المحامين الى ان فعل التسيير "لا يمكن ان يكون خال من الاخطاء" مضيفين انه غالبا ما يكون "كبش فداء في قضايا التسيير". و اوضح نفس القانونيين ان القضاة ليس باستطاعتهم "الالمام" بالمستوى التقني لملفات القضايا المتعلقة بالتسيير "حيث ان تكوينهم لا يسمح لهم بالحكم في مثل هذه القضايا". في هذا الصدد اكد الاستاذ ميلود ابراهيمي "اننا نطالب قضاتنا بالنظر في ما يفوق طاقتهم" مضيفا انه مهما كان هناك قضاة "على قدر كبير من الكفاءة" فان تكوينهم "غير كاف للحكم على مسيري شركات كبيرة". كما اشار الى ان "المؤسسات الاقتصادية العمومية ليست معنية بقانون الصفقات العمومية منذ سنة 1988" و ان "تسييرها ينبغي ان يكون من صلاحية الاطارات المسيرة وحدها". و تابع السيد ابراهيمي يقول ان "الاعمال الوحيدة التي يجب تجريمها في اطار التسيير هي الفساد (الرشوة) و الاختلاس و السرقة و خيانة الامانة"معتبرا ان تجريم عمل التسيير "استعمل على الدوام كمطية للفساد". كما ان تجريم عمل التسيير يعد -حسب رايه- "ذريعة لعدم مكافحة الفساد الحقيقي". و دعا الاستاذ ابراهيمي في الاخير الى الحق في الخطا بالنسبة للمسير حيث يرى انه من "غير المعقول" ان نعترف بالخطا لذلك الذي يحكم على عمل تسيير و لا نعترف بذلك للمسير. و بهذه المناسبة دعا الاستاذ براهيمي رئيس الدولة إلى تجسيد قراره المتعلق برفع التجريم عن فعل التسيير الذي وصفه "بثورة حقيقية من شأنها تغيير طبيعة سير النظام". و من جهته اعتبر الأستاذ رشيد واعلي أن تجريم فعل التسيير كان "انحرافا سياسيا لا جدوى منه" مشيرا إلى أن الكثير من الإطارات "نزهاء و أبرياء" وضعوا بالسجن مع كل ما ينجر عن ذلك من "مساس لعائلاتهم و سمعتهم و مشوارهم". و أضاف أنه يمكن لمسير مؤسسة أن "يأخذ قرارات في عجلة مع حساب الأخطار" و أنه "لا يمكن إدانة فعل التسيير لأنه تمليه قواعد عالمية".و يرى أن الطلب من المسير التوقيع على تصريح شرفي على نزاهته يعد "تجاوزا يقصد به أن كل المسيرين غير نزهاء". و من جهته أكد الاستاذ حبيب زرهوني أنه لا يجب على "السلطة السياسية أن تتدخل في السلطة القضائية" موضحا أن "المشكل الحقيقي في القضايا المتعلقة بالتسيير يكمن في تداخل السلطات". و دعا السلطة القضائية إلى وضع محكمة مالية (قطب مالي) على مستوى كل المجالس القضائية يضم مختصين في كل الشعب المالية و الاقتصادية كموظفين في العدالة تابعين للمحكمة المالية. و يرى مدقق الحسابات جراد جمال أنه يمكن تجريم فعل التسيير "غير العادي" متسائلا حول ما إذا كان رفع التجريم عن فعل التسيير يعني أن المسيرين أحرار في تسيير المؤسسة العمومية كما يحلو لهم. و أشار إلى أن قانون التجارة ينص على أحكام جزائية غير أنه هناك عدة أحكام جزائية أخرى تتضمنها قوانين خاصة وصفها "بالقمعية". و قال أن المؤسسات الخاصة لا تخضع للتشريع التجريمي لفعل التسيير في حين أنها تنشط في الاقتصاد الوطني.و تم طرح خلال النقاش مسألة فصل السلطات و كذا ضرورة تحديد فعل التجريم و حدوده.