حظي مشروع رفع التجريم عن فعل التسيير بردود فعل إيجابية من المحامين الذين اعتبروا انه سيضع حدا لحالة "الغموض" التي خلفت ضحايا من بين الإطارات المسيرة و سيحرر النشاط الاستثماري. و كان رئيس الجمهورية قد كلف الحكومة خلال مجلس الوزراء الذي عقد يوم الخميس الفارط بإعداد الأحكام التشريعية المواتية بغية رفع التجريم عن فعل التسيير. كما أكد الرئيس بوتفليقة خلال مجلس الوزراء "إنني ادعوا الإطارات و المسيرين العموميين إلى النهوض بمهامهم في كنف الطمأنينة واضعين ثقتهم في الدولة التي يخدمونها وفي العدالة المستقلة". في هذا الصدد أوضح المحامي ميلود إبراهيمي "انه عكس ما يعتقده الجميع يعد هذا الإجراء أهم قرار يتخذه رئيس الدولة خلال المجلس الوزاري الأخير حتى و إن كانت الأغلبية تتكلم كثيرا عن رفع حالة الطواريء". ويرى هذا المحامي أن "النظام موجود قبل إرساء حالة الطوارئ و سيظل بعد رفعها أما التجريم عن فعل التسيير فيعد مرتبطا بهذا النظام". كما أضاف أن رفع التجريم عن فعل التسيير يعتبر "إشارة قوية في التقدم نحو الاتجاه الصحيح" لأنه كان هناك حسب رأيه، "ظلم كبير تعانيه إطاراتنا المسيرة الذين في الأخير لن يصبحوا مضادات للفساد في غياب مكافحة حقيقية للرشوة". ويرى عديد القضاة الذين اتصلت بهم وأج أن رفع التجريم عن فعل التسيير يعد "تحريرا للنشاط الاستثماري" مؤكدين على أن العمل المادي المتعلق بالقيام بسوء التسيير "يصعب إثباته و يخضع دائما إلى تقدير القضاة". كما يعتبرون أن سوء التسيير يبقى على مستوى العمل التأديبي و أن كل مسير يخضع لوصاية يمكنها أن تعاقبه لفشله. من جانبه، أوضح المحامي مقران آيت العربي انه "ليست العدالة التي تقدر العمل التسييري" معربا عن اسفه لكون عديد الإطارات المسيرة قد حوكموا لأعمال تتعلق بالتسيير. وتابع يقول أن "العدالة الجنائية لا يمكن أن تتدخل إلا في حالة استغلال السلطة أو اختلاس للأموال أما الباقي فيجب أن يرفع التجريم عنه". ونفس الطرح يذهب إليه المحامي حسين زهوان الذي يرى أن قرار رئيس الجمهورية "إيجابي" و سيسمح "برفع اللبس" و وضع حد "للغموض الذي ترك وراءه ضحايا" من بين الإطارات المسيرة. كما أشار إلى "ضرورة رفع الغموض بين التسيير الذي يعود للإدارة و الجزائي الذي يخص الجنائي" مضيفا أن العقوبة الخاصة بارتكاب "تقصير" أو خطا في التسيير "ينبغي أن تكون تأديبية". وفي الأخير، اعتبر الأستاذ فاروق قسنطيني قرار رفع التجريم عن فعل التسيير "إيجابي" مؤكدا انه سيسمح "بإعطاء دفع للاقتصاد". كما أشار إلى انه في حالة سوء تسيير "يمكن أن نكتفي بعقوبة تأديبية أو طرد عوض اللجوء إلى إجراء جزائي". أما الأستاذ بوشاشي فقد ارتأى أن الأهم في الأمر هو التفكير في مكافحة الفساد و نهب الأموال العمومية و التبذير مضيفا أن مسالة التسيير ينبغي أن تحظى "بنقاش كبير" و ليس "مقننة بأمر". فيما يرى بعض القانونيين أن سوء التسيير قد تم رفع التجريم عنه قانونيا منذ أمد طويل بما أن المادة 421 من قانون العقوبات التي تعاقب الجنح المتعلقة سوء التسيير قد تم إلغاؤها سنة 1988. و كانت المادة 421 من القانون 82-04 المؤرخ في 13 فيفري 1982 تنص على ما يلي "يعاقب بالحبس من شهرين إلى خمس سنوات و بغرامة من 2000 إلى 10000 دج كل من كان في ظروف صادرة عن إرادته و لم يتخذ أو لم يحاول اتخاذ التدابير اللازمة المختصة به قصد تجنب الخسارة أو لوضع حد لها أو ترك للضياع أو للتلف أو للفساد أو للتبديد أموالا أو عتادا أو أدوات أو منتوجات صناعية أو فلاحية أو قيم أو وثائق تملكها الدولة أو إحدى الهيئات المشار إليها في المادة 119". و تخص المادة 119 القضاة و الموظفين و الضابط العموميين و كل شخص تحت أي تسمية و في نطاق أي إجراء يتولى و لو مؤقتا وضعية أو وكالة باجر أو بدون اجر ويسهم بهذه الصفة في خدمة الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات الاقتصادية العمومية أو أية جهة أخرى خاضعة للقانون الخاص تتعهد بإدارة مرفق عام.