اعتبر المشاركون في اجتماعات الدورة الربيعية للبنك العالمي و صندوق النقد الدولي بواشنطن أن الإقتصاد العالمي قد استمر في الإنتعاش ولكن دون مستوى التطلعات و ذلك بسبب هشاشة ميزانية بعض اقتصاديات الدول المتطورة. وصرح المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان أنه بالرغم من الانتعاش الاقتصادي "لا يجب التراخي" ملحا على وجه الخصوص على مشكل البطالة. و في تطرقه للمشاكل المالية في البلدان المتقدمة و خطر الغليان في البلدان الناشئة و أثر ارتفاع أسعار المواد الأولية على اقتصادات البلدان النامية اعتبر مسؤول صندوق النقد الدولي أن تسوية كل هذه المشاكل ستتطلب اكثر من ذي قبل تعاون دولي. و بخصوص البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا أكد أن تقديرات صندوق النقد الدولي تتوقع احتياجات قروض من طرف هذه البلدان تقدر ب35 مليار دولار. و يرى ستروس كان أن الحلول التي قدمت للازمة المالية و الاقتصادية لسنة 2008 غير منظمة و انه يجب من الآن فصاعدا وضع تصور شامل لتسوية المشاكل الاقتصادية التي تطرح عبر العالم. و من جهته حذر محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي في مداخلته خلال اجتماع اللجنة الدولية النقدية و المالية كممثل المجموعة التي تضم الجزائر و أفغانستان و غانا و إيران و المغرب و باكستان و تونس في هذه الدورة من التقلبات التي قد تعيق استئناف النمو الاقتصادي الذي لا يزال هشا. و أكد لكصاسي أنه بالرغم من استئناف نمو الاقتصاد العالمي و تحسن الاستقرار المالي فالوضع "لا زال هشا" و يتميز "بنمو كبير على مستوى العديد من الاقتصاديات النامية أو في طريق النمو و أداء ضئيل في مجال النمو و مستويات البطالة التي لا زالت مرتفعة في الاقتصاديات المتقدمة". و أوضح لكصاسي أن الآفاق الشاملة لا تزال مهددة "بهشاشة الأوضاع في العديد من الدول المتقدمة من خلال ضعف الأوضاع المالية للدول و الأسر و القطاع المالي". و اعتبر لكصاسي أن أزمة الديون السيادية في بعض الدول الواقعة بمنطقة الأورو و ارتفاع أسعار المنتجات الطاقوية و المواد الأساسية و الزلزال الأخير الذي ضرب اليابان و الاضطرابات السياسية التي تشهدها بعض دول منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا "قد عززت هذه التقلبات". و أكد أن بعض الدول النامية أو في طريق النمو تشهد نسبة تدفق هامة لرؤوس الأموال مما يعتبر "مصدرا محتملا للمخاطر" مبرزا ضرورة مواصلة التعاون و تنسيق السياسات على الصعيد الدولي. و دعا لكصاسي إلى تعزيز ميزانية العديد من الاقتصاديات المتقدمة "بغية تطهير المالية العمومية و تقليص الديون العمومية المرتفعة". و من جهتها دعت اللجنة النقدية المالية الدولية لمجلس حكومات صندوق النقد الدولي في تطرقها إلى الاستقرار المالي العالمي إلى دفع وتيرة الجهود الرامية إلى تعزيز القطاع المالي و قدرته على دعم الانتعاش الاقتصادي مشددة على تعزيز الإشراف و القوانين في القطاعات المالية. و من جهة أخرى أبرزت اللجة ضرورة تقييم معمق و مراقبة صندوق النقد الدولي للوضعية المالية الدولية وكذا إحداث التجديد الضروري لإطار الرقابة التي يجب أن تخص أساسا تحديد المخاطر و البلدان التي تطرح أكبر هذه المخاطر. و في حديثها عن تدفق رؤوس الأموال طلبت من صندوق النقد الدولي تعميق تحليله حول السيولة العالمية و مختلف تجارب البلدان الأعضاء في تسيير حساب رأس المال و تحرير تدفقات رؤوس الأموال العابرة للحدود و تطوير الأسواق النقدية الوطنية. و بالنسبة للبلدان ضعيفة الدخل أكدت اللجنة النقدية المالية الدولية لمجلس حكومات صندوق النقد الدولي أن هذه الأخيرة صمدت بشكل أفضل خلال الأزمة العالمية منه في الماضي و لكن تبقى مع ذلك هشة بالنسبة للارتفاع الأخير لأسعار المواد الغذائية و النفط. و أوصت اللجنة ب"أهمية التطرق إلى الأثر الاقتصادي و الاجتماعي للارتفاع المذهل للأسعار" مضيفا انه على صندوق النقد الدولي مواصلة تقديم الدعم السياسي والمالي لمساعدة البلدان الضعيفة ذات الدخل الضعيف على مواجهة مشاكل ميزان المدفوعات.