الجزائر - يشهد التعاون بين الجزائر و مالي في الآونة الأخيرة حركية جديدة تجسدت بالتوقيع على عدة اتفاقات ثنائية تنم عن تطور ايجابي للعلاقات القائمة بين البلدين التي تشكل محور استراتيجي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. و قد تجسد هذا التطور خاصة من خلال الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى الجزائر سومايلو بوبيي مايغا الوزير المالي للشؤون الخارجية و التعاون و المبعوث الخاص للرئيس أمادو توماني توري. و خلال هذه الزيارة كان الوزير المالي قد عبر عن إرادة الرئيس المالي في "تعزيز العلاقات الثنائية بين الجزائر و مالي أمام المشاكل الحالية التي تعيشها المنطقة". و يندرج هذا التصريح في نفس إتجاه المقاربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب وتحقيق الإستقرار في منطقة الساحل التي استعرضت خلال اجتماع وزراء خارجية دول المنطقة الستة التي عقدت بالجزائر العاصمة في 16 مارس 2010 و التي حدد خلالها المشاركون معالم التعاون في مجال مكافحة الإرهاب و فروعه و بعث التعاون الإقتصادي و الإجتماعي في المنطقة. كما نظمت عدة اجتماعات لقيادة أركان جيوش الدول الستة في المنطقة من أجل تحديد معالم تعاون وطيد في مجال تأمين المنطقة سيما في ظل المعطيات الجديدة التي تفرضها الأزمة التي تهز بلد مجاور المتمثل في ليبيا التي شكلت محور الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى باماكو الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الوطني الشعبي. هذا و كانت الجزائر قد لعبت عدة مرات دور الوسيط بين الحكومة المالية وحركات تمرد الطوارق في شمال مالي باحتضانها محادثات بين الطرفين التي توجت أهمها بالتوقيع في 2006 على اتفاق الجزائر. و في إطار بعث التعاون الاقتصادي و الاجتماعي سيما في شمال مالي الذي يعد فضاء يستعمله تنظيم القاعدة في المغرب العربي الإسلامي كملاذ آمن قامت الجزائر التي دعت دوما إلى مرافقة مكافحة الإرهاب بنشاطات تنموية لفائدة السكان المحليين يوم الخميس بمنح هبة بقيمة 10 ملايين دولار إلى الحكومة المالية. و توجه هذه الهبة لتمويل مشاريع تنموية اختارها البلدان لفائدة ثلاث مناطق من شمال مالي (غاو و كيدال و تومبوكتو). و تتعلق المشاريع التنموية المختارة لاسيما بمجالات الري و الصحة والتكوين المهني. و تأتي هذه المساعدة تجسيدا للقرارات المتخذة خلال أشغال اللجنة الثنائية الحدودية الجزائري المالية التي عقدت في جوان 2009 بباماكو و التي توجت بالمصادقة على عدة مشاريع جوارية. و يتعلق الأمر ببناء و تجهيز ثلاثة مراكز للتكوين المهني و مراكز للمساعدة الاجتماعية و حفر ثلاثة آبار في كل محافظة من شمال مالي و كذا تشييد مركزي علاج و ترميم مركز ثالث. و كان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية و الإفريقية عبد القادر مساهل قد أكد خلال زيارة مايغا إلى الجزائر في نهاية أفريل على ضرورة "بعث" التعاون بين البلدين على ضوء بعث اللجنة المختلطة الكبرى و اللجنة الثنائية. كما أكد أن الطرفين مدعوان إلى إعداد خارطة طريق مع إيلاء أهمية خاصة لتطوير التعاون العابر للحدود. و بعد القرار الذي إتخذته باماكو في فيفري 2010 بتحرير إرهابيين كان يجري البحث عنهم في البلدان المجاورة و هو الإجراء الذي أثار إستياء الجزائر بحيث أكدت على لسان وزير خارجيتها مراد مدلسي أن هذا القرار "لا يخدم المنطقة و لا استقرارها و لا مكافحة الإرهاب" مضيفا أن الوضعية الحالية تستدعي تطابقا في الآراء. و كان وزير الشؤون الخارجية المالي ميغا قد أكد مؤخرا أن "محاربة شبكات الإرهاب في منطقة الساحل يجب أن ترتكز على الجهود الفردية و المشتركة للبلدان المعنية في المنطقة هذه". كما ذكر مايغا بأهمية اجتماع مارس 2010 بالجزائر الذي ضم وزراء خارجية أربعة بلدان (الجزائر و مالي و موريتانيا و النيجر). و أعرب عن ارتياحه لكون "بلداننا الأربعة تمكنت من وضع أدوات مثل قيادة الأركان المشتركة لتمنراست حيث قال انه في غضون سنة استطعنا الوصول إلى قدرة تخطيط الأعمال التي سنقوم بها سويا".