تشهد المرحلة الانتقالية في مالي مزيدا من التعقيدات في اعقاب الاعتداء الذي تعرض له الرئيس ديونكوندا تراوري مما قد يضعها على المحك و يزيد من انغماس البلاد في مستنقع الفوضى. وأدى الغضب من قرار المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا "ايكواس" ابقاء الرئيس ديونكوندا في السلطة لفترة انتقالية مدتها 12 شهرا حسب الاتفاق المبرم بينها و بين قادة الانقلاب العسكري بمئات المتظاهرين الى اقتحام القصر الرئاسي في مالي والاعتداء على الرئيس الانتقالي بالضرب المبرح حيث اصيب في راسه وتم نقله الى المستشفى وهو فاقد للوعي. وأفادت تقارير صحفية بأن قوات الامن اطلقت النار على المتظاهرين الغاضبين الذين اعتدوا على الرئيس الانتقالي مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل واصابة عدد آخر بجروح مضيفة أن المحتجين طالبوا بأن يخلف الكابتن امادو سانوغو الضابط الذي قاد الانقلاب العسكري في ال22 مارس الماضي الرئيس تراوري. وقالت مصادر طبية في العاصمة باماكو ان الرئيس الانتقالي غادر المستشفى و تم نقله الى مكان آمن. وكان قائد الانقلابيين الماليين الكابتن امادو سانوغو قد صرح اول امس للتلفزيون الرسمي أنه تم التوصل إلى اتفاق مع "إيكواس" يقضي ببقاء الرئيس الانتقالي ديونكوندا تراوري/الذي كان من المقرر أن تنتهي فترة رئاسته للبلاد (مدتها 40 يوما) امس في الحكم إلى غاية إجراء انتخابات جديدة. و ينص الاتفاق ايضا على حصول قائد الانقلاب سانوغو على "جميع مزايا رئيس دولة سابق" لكن ادوار كل من رئيس الدولة و رئيس الوزارء و الانقلابين غير واضحة المعالم. و في خضم هذه التطورات قررت إيكواس اتخاذ عدة إجراءات لمعالجة الأزمة السياسية والإنسانية في مالي لضمان تنفيذ برنامج استعادة الديمقراطية في البلد و السماح بعودة النظام الدستوري. و تشمل الاجراءات الجديدة إرسال وفد مكون من الإتحاد الإفريقي و إيكواس إلى مالي لتوجيه رسائل شديدة اللهجة إلى قادة الإنقلاب بضرورة استعادة الديمقراطية والحكم المدني. و كانت ايكواس قد اعلنت انها تعتزم إرسال نحو 3500 من قوات حفظ السلام إلى مالي من أجل استعادة الأمن بعدما سيطر متمردون مسلحون على شمال شرق البلاد الشهر الماضي. و من جهته أكد وزير الدفاع النيجيري بيلو هاليرو محمد مؤخرا أن إيكواس سترسل قوات عسكرية إلى كل من مالي لمساعدتهما على تحقيق الأمن واستعادة الحكم المدني بعد الإنقلاب العسكري.ودعا رئيس الوزراء في مالي شيخ موديبو ديارا الماليين الى الهدوء مشيرا الى ان البلاد "تواجه مشاكل خطيرة و في حاجة الى الوحدة و الاستقرار". و قال ديارا في تصريحات للتلفزيون العمومي "ما حدث لايحدث الا في دولة بدون قانون وهذا أمر ليس لائق بنا". و اضاف "ان مالي لاتستحق هذا ونحن الماليون لا نستحق هذا(...) ادعو السكان وخاصة الشباب الى وقف المسيرات" مشيرا الى اعمال التخريب التي وقعت خلال المظاهرات وكذا الى اعمال اخرى. و وجه رئيس الوزراء نداءا الى مواطنيه لعدم الاستجابة للداعين الى التظاهر قائلا "لقد اخترتموني رئيسا للحكومة اذن ارجوكم دعوني اعمل". كما اثار الاعتداء على الرئيس الانتقالي المالي استياء وفد مجلس الامن الدولى الذى يزور كوت ديفوار حاليا معتبرا ان "الخروج من الازمة في مالى يستدعى اعتماد طرق أخرى". و قال سفير فرنسا لدى الاممالمتحدة جيرار ارو خلال مؤتمر صحفي عقده امس في كوت ديفوار "بدى لنا ان الجهود الدبلوماسية التي قامت بها ايكواس وضعت في خطر كبير بسبب التطورات الاخيرة" مضيفا انه " يعود للايكواس ان تحل الازمة في مالي و لكن لا يمكنها ذلك لوحدها و يجب ان تلقى الدعم من الاسرة الدولية و خصوصا من مجلس الامن فلهذا لا بد من اعتماد حاليا طرق اخرى". ويذكر ان تراوي قد ادى اليمين الدستورية في شهر افريل الماضي لشغل منصب الرئيس الانتقالي لمدة 40 يوما بعد ان قدم الرئيس السابق امادو توماني توري استقالته رسميا عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح به في 22 مارس الماضي. ورغم أن الانقلابيين سلموا السلطة الى حكومة مدنية حسب الاتفاق المبرم مع ايكواس الا انهم ما زالوا يمارسون دورا فعالا في ادارة شؤون البلاد مما ادى بالتجمع الاقليمي/ايكواس/ الى التهديد بتجديد فرض العقوبات عليهم. و يذكر ان البرلمان المالي أقر الجمعة الماضي مشروع قانون ينص على العفو على منفذي انقلاب 22 مارس الماضي ضد نظام الرئيس امادو توماني توري. و يشمل العفو منفذي الأعمال التي وقعت بين 21 مارس تاريخ بدء تمرد العسكريين الذين أطاحوا في 22 مارس بالرئيس توماني توري وحتى 12 افريل تاريخ أداء اليمين من قبل رئيس الجمهورية بالنيابة. وجاء هذا العفو في إطار الاتفاق الإطار الذي وقع في 6 أفريل الماضي بين الانقلابيين والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا حول عودة النظام الدستوري إلى مالي.