يتجه المشهد السياسي في مالي الى المزيد من التعقيد بعد رفض المجلس العسكرى الذى تسلم السلطة اثر انقلاب خطة المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا (ايكواس) لتمديد المرحلة الانتقالية التي تقودها حكومة مدنية الى 12 شهرا قبل تنظيم الانتخابات و ارسال جنود من دول التجمع اقليمي الى بلاده. و قال النقيب امادو سانوغو الذي قاد انقلاب 22 مارس الماضي ضد حكم الرئيس امادو توماني توري بعد اجتماع مع وسطاء المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا (ايكواس)"اؤكد للجميع ان المجلس العسكري لن يلتزم الا بالاتفاقية التي وقعت مع ايكواس و من غير المحتمل تغييرها" في اشارة الى الاتفاقية التي وقعت في وقت سابق بين الطرفين لتسليم السلطة لحكومة مدنية يقودها الرئيس المؤقت ديانكوندا تراوري لمدة 40 يوما ثم السماح بعد ذلك بإجراء انتخابات رئاسية بحلول نهاية ماي المقبل. و اتهم المجلس العسكري ايكواس باتخاذ هذا القرار" دون التشاور معه " قائلا ان هذا التغيير في موقف ايكواس "قد يغير العملية الانتقالية برمتها". وقال سانوغو ان "كل القرارات المتخذة فى ابيدجان تم اتخاذها من دو التشاور معنا" مضيفا انه لا يوافق على وصول جنود من المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا الى بلاده. واكد انه سيتحمل "مسوءولياته" عقب انتهاء الولاية الدستورية للرئيس المالي بالنيابة ديوكونادا تراورى الذى تسلم الحكم فى 12 افريل الجارى قائلا "بعد 40 يوما سنقرر اي اجهزة الدولة التي ستستمر في الحكم و هذا ما اتفقنا عليه في السابق مع ايكواس و لا يمكن تغييره". وينص الدستور المالي على انه فى حال شغور السلطة على الرئيس بالنيابة تنظيم انتخابات فى مهلة اقصاها 40 يوما من تاريخ تسلمه مهامه لكن اتفاق الخروج من الازمة فى مالي الذى تم التوصل اليه فى 6 افريل الجاري بين المجلس العسكري ومجموعة ايكواس "يعترف" بعدم امكانية الالتزام بهذه المهلة. و كان رؤساء دول و حكومات ايكواس قرروا في قمة استثنائية عقدت اول امس الجمعة بابيدجان لبحث الوضع في غينيا بيساو و مالي تمديد المرحلة الانقالية في هذه الاخيرة التي حددت ب40 يوما الى 12 شهرا داعية الانقلابيين الى العودة الى ثكناتهم. و قالت ايكواس في بيان "يجب ان تنتهي المرحلة الانتقالية في مالي باجراء انتخابات رئاسية و تشريعية "محذرة من "اي عمل تعسفي احادي الجانب قد يرتكبه الانقلابيون مما قد يعرضهم الى عقوبات فردية مستهدفة". كما دعت قمة ابيدجان الانقلابيين الى "التكفل" بحق عودة الرئيس المطاح به امادو توماني توري الى مالي و اطلاق سراح كل الشخصيات التي اضطرت الى الرحيل خارج البلاد. و يذكر ان المجلس العسكري في مالي سلم السلطة الى حكومة مدنية في 12 افريل الجاري بعد استقالة امادو توماني توري بموجب اتفاق "الاطار" المبرم بين بين الانقلابيين وممثلي ايكواس". و سمح هذا الاتفاق بتشكيل حكومة انتقالية برئاسة رئيس الوزراء شيخ ماديبو ديارا تضم 24 وزيرا من بينهم ثلاثة عسكريين. وتاتي هذه التطورات فيما ما يزال شمال مالي يواجه تمردا انفصاليا مما ارغم عشرات الآلاف من الاشخاص على النزوح خارج المنطقة المضطربة. وأوضح مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن أزيد من 268 ألف مالي فروا من شمال البلاد منذ اندلاع أعمال العنف في 15 جانفي الماضي سعيا إلى إيجاد ملجإ سواء داخل البلاد أو في البلدان المجاورة. واعلن رئيس الوزراء المالي شيخ موديبو ديارا انه يتم التخطيط لفتح رواق من اجل تموين سكان شمال البلاد بالمواد الغذائية و ذلك خلال لقاء مع الرئيس الانتقالي ديونكوندا تراوري في باماكو. و قال تراوري " مواطنينا هم اسرى حرب حاليا في الشمال انهم معتقلون من طرف اشخاص ليس لديهم ربما غالبا وسائل تغذيتهم ولكن ليس لديهم حتى وسائل معالجتهم". وأضاف هذا الامر يشكل "مشكل إنساني" و "يجب علينا في اسرع وقت ان نستقبل هؤلاء المواطنين الذين يوجدون في هذه الظروف من اجل تقديم لهم العلاج (...) و في نفس الوقت محاولة فتح رواق لكي يتمكنوا من الحصول على المؤن بالادوية و الغذاء". من جهته قال رئيس البعثة الاقليمية للجنة الدولية للصليب الاحمر في تقرير اصدره اليوم انه "على الرغم من العوائق الهائلة المرتبطة بحالة انعدام الأمن الا أن اللجنة الدولية والصليب الأحمر المالي يواصلان سعيهما في شمال مالي لتلبية احتياجات السكان الذين يعانون من أعمال العنف المسلح". ونقلت مصادر اعلامية عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر قولها ان مايزال الحصول على خدمات الرعاية الصحية ومياه الشرب والمواد الغذائية في هذه المنطقة التي تعاني أصلا من أزمة غذائية "أمرا صعبا" للغاية بالنسبة لعشرات الآلاف من النازحين والمقيمين على حد سواء".