أفتتح يوم الثلاثاء بجامعة "عباس لغرور" بخنشلة ملتقى "الكاهنة ملكة الأمازيغ" في طبعته السابعة التي تحمل شعار" الكاهنة رمز المرأة الجزائرية العظيمة". وتميزت أشغال جلسة افتتاح هذا الملتقى الذي دأبت على تنظيمه الجمعية الثقافية العلمية لولاية خنشلة والمندرج ضمن البرنامج الثقافي والتاريخي الولائي المسطر للاحتفال بخمسينية الاستقلال وعيد الشباب بالإعلان عن تأسيس لجنة علمية للملتقى لأول مرة يرأسها مدير المركز الجهوي للبحوث في عصور ما قبل التاريخ لعين مليلة (أم البواقي) بمعية سبعة أساتذة مختصين في التاريخ و علم الآثار و ذلك بهدف ترقية هذا النوع من الملتقيات للاهتمام أكثر بالتاريخ الجزائري القديم حسب ما أفاد به رئيس ذات اللجنة السيد حسين طاطاو. و في أول مداخلة في أشغال هذا اللقاء بعنوان "تاريخ الكاهنة يتوقف على الحفريات بقصر بغاي" تطرق الأستاذ محمد نيكيا من جامعة خنشلة إلى أهمية الحفريات باعتبارها تشكل جزءا ماديا في معرفة تاريخ الكاهنة مشيرا إلى ضرورة تصنيف المعالم والآثار التاريخية و إنشاء بنوك للمعلومات على مستوى المتاحف والعناية بالآثار وحمايتها من الاندثار و التلف والسرقة و النهب. وشدد على أهمية القيام بالحفريات بمنطقة قصر الكاهنة ببغاي التي اتخذتها الكاهنة عاصمة لها ومنطقة إستراتيجية عسكرية في التصدي للجيوش الإسلامية في أواخر حكمها وتربعها على عرش الملك. أما محاضرة الأستاذ خليفي لعروسي من جامعة سطيف فتناولت "الإستراتيجية العسكرية للملكة كاهينا" أبرز فيها دهاء هذه المرأة عندما داهمتها جيوش الفتح الإسلامي على يد القائد العربي حسان بن النعمان والتي استطاعت في المرة الأولى أن ترده بإتباعها سياسة الأرض المحروقة بحرقها للمحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة و كذا طريقة حرب المياه واعتمادها على الطلائع والعيون المعروفة اليوم بالجاسوسية والحرب النفسية في تحريض البربر على المسلمين وغيرها من الطرق الحربية المحكمة لهذه المرأة التي وصفتها الكتب التاريخية ب"المرأة العبقرية". وخلص المحاضر بعد الإشارة إلى عديد المصادر التاريخية إلى أن عرش الكاهنة سقط في المرة الثانية عند عودة الجيش الإسلامي في معارك عديدة آخرها ببئر العاتر قرب تبسة حاليا سنة 701 للميلاد. كما تطرق الأستاذ نجيب زردوم من جامعة بوزريعة (الجزائر العاصمة) إلى "المغالطات التاريخية" التي اعتمدها بعض المؤرخين المشرقيين في وصف هذه المرأة وانتصارها في الحروب وقيادة الجيوش في لجوئها إلى الشعوذة والسحر. وتأسف المحاضر عن غياب الأسطورة الشعبية التي لم تنسج حول هذه البطلة غير المعروفة جيدا في الوسط الشعبي والثقافة الشفوية. ودعا المحاضر إلى ضرورة تقصي الحقائق التاريخية في الأدوار التاريخية والاجتماعية لهذه المرأة وكشف جوانب من حياتها الغامضة وكيف استطاعت أن تتربع على عرش الملك وتقود الجيوش. وذكر أن الكاهنة تمثل المرأة البربرية في الجزائر .وقد استلهمت منها الكثير من النساء المثقفات الشجاعة والتضحية من أجل الوطن والموت بشرف دون الاستسلام. و للإشارة فإن أشغال هذا الملتقى ستتواصل يوم الغد الأربعاء بتقديم ما تبقى من المداخلات المبرمجة وتسليط الضوء على جوانب أخرى من حياة الكاهنة "المدنية والعسكرية" والحقبة التاريخية التي حكمت وبسطت نفوذها فيها بمنطقة الأوراس إلى غاية سقوط عرشها على أيدي المسلمين الفاتحين . وسينظم على هامش هذا الملتقى الذي سيختتم مساء غد الأربعاء بتوصيات معرضا للكتاب الأمازيغي و الأشرطة السمعية البصرية وكذا لوحات في الفن التشكيلي بالإضافة إلى زيارة سياحية واستكشافية لفائدة المشاركين نحو المواقع الأثرية والتاريخية على غرار الموقع الأثري لقصر الكاهنة ببلدية بغاي ومنطقة تبردقة و "الزاوية" و "تبعليين" بششار.