يعد الحفاظ بفرنسا على رفاة العشرات من الثوار الجزائريين بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس شهادة على وحشية و لا إنسانية المستعمر حسبما صرح به مؤرخون لوأج. و اعتبر المؤرخ جيل مانسيرون أن مثل هذه "المجموعة" تبرز لنا "الذهنيات الإستعمارية خلال تلك الحقبة التي كانت تجحد البشرية حتى لهؤلاء الذين كانت فرنسا تصفهم بالأهالي" . و أكد المؤرخ أنه "إذا كانت فرنسا تريد التحرر من هذا الماضي فإن إرجاع هذه الرفاة بشكل رسمي و مشرف أصبح حتميا حتى و أن الظرف مناسب للتعبير عن هذه الإرادة" في الوقت الذي تتهيأ فيه الجزائر للإحتفال بالذكرى الخمسين لإستقلالها مذكرا بأن فرنسا قد شرعت في إرجاع رفاة بعض الجثث لدول سبق لها و قدمت طلبات بشأن ذلك. و يتم الحفاظ برفاة ثلاثين من المقاومين الجزائرين للاستعمار الفرنسي خلال القرن ال19 منهم الشهيد شريف بوبغلة و شيخ بوزيان بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس. و تعود هذه الرفاة التي أغلبها جمجمات صلبة لمحمد لمجد بن عبد المالك المعروف باسم شريف "بوبغلة" و لشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة (بمنطقة بسكرة في سنة 1849) و موسى الدرقاوي أو سي مبارك بن علال الضابط و الذراع الايمن للأمير عبد القادر. و يتم الحفاظ على هذه البقايا في صناديق من الورق و التي تذكرنا بتلك التي تستعمل في محلات الأحذية حسب مونسيرون الذي أعرب عن استيائه لذلك معتبرا انه "من الأفضل أن تقدم الجزائر طلبا رسميا لاسترجاع هذه الرفاة". من جانبه اعتبر المؤرخ ترامور كومونور أن الحفاظ على بقايا بشرية من طرف القوى الإستعمارية القديمة يبرز "الممارسات الأنتربولوجية القائمة على خلافات عرقية".و اعتبر المؤرخ أن "إسترجاع رفاة الثوار الجزائريين المحفوظة بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس ستعكس دلالة رمزية قوية للحكومة الفرنسية في سياق العلاقات الثنائية القائمة على المساواة و ليس على علاقة غير عادلة بين القوة المستعمرة القديمة و المستعمرات القديمة". و أضاف الأستاذ الجامعي "للجميع نفس الحق في إحترام موتاهم حيثما دفنوا". و يرى مدير المجموعات بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي لباريس فيليب مينيسيي ان "ليس هناك اي مانع لاعادة رفاة هاته الشخصيات الى ارض الوطن بشرط أن يتم إحترام الإجراءات الخاصة لذلك. و يرى مسؤول مصلحة الحفاظ عن المجموعات الأنتربولوجية البيولوجية ان "إدارة المتحف ليس لها اي مانع لاعادة هاته الرفاة بشرط أن يقدم الطرف الجزائري الطلب". كما أكد ذات المسؤول أنه لم يتلقى لحد الآن طلبا من اجل ذلك مشيرا انه منذ توليه منصب مسؤوليته لم يتلقى مؤخرا سوى "شكوى من حفيد سي مبارك بن علال الضابط و الذراع الايمن للأمير عبد القادر التي قدمها مؤرخ فرنسي بإسمه. و كان باحث مختص في التاريخ القديم و علم النقوش الليبية و الفينقية علي فريد بن قاضي قد أعلن في أفريل 2011 عن وجود رفاة المقاومين الجزائرين للاستعمار الفرنسي بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس مؤكدا أن بعض عظام الجثث محتفظ بها في هذا المتحف الموجود بباريس منذ سنة 1874 أي سنوات بعد مقاومة الزعاطشة (سنة 1849).