انقضى موسم الاصطياف منذ عدة أسابيع لكن ذلك لم يمنع محبي البحر من مواصلة التدفق على شواطئ القالة (ولاية الطارف) من أجل التمتع بمزاياه التي لا تنسى والتي يوفرها حاليا ما يمكن تسميته "الصيف الهندي". و بمجموعات قليلة العدد يقبل على البحر سباحو نهاية الموسم وهم الذين كانوا "هادئين" خلال موسم الاصطياف الماضي بغاية التمتع بدورهم بأحسن ما حبته الطبيعة بهذه الجهة التي تقع في أقصى الشمال الشرقي للبلاد من شواطئ رملية وبقع فردوسية. و من هؤلاء عبد الحق وهو موظف والذي يعترف بأنه اختار عمدا أخذ عطلته السنوية في هذه الفترة من السنة من أجل اغتراف "كيفما يحلو له" هذه الجنة العدنية على الأرض وارتشاف "في هدوء" لبعض لحظات الاستجمام والراحة والسباحة بعيدا عن حشود المصطافين في أوج فترات الصيف . و يبدو البحر نوعا ما هائجا هذه الأيام وكأنما هو يعطى إشارات ترحيب بهذه الموجة الجديدة من المصطافين رغم أن العدد يبدو قليلا ولكن التعلق بمتع البحر يظهر غير قابل للتزعزع . وهكذا وبعد تسجيل رحيل مصطافي شهر أوت الفارط والذين كان حضورهم مدهشا ومستمرا لغاية عشية الموسم الدراسي فإن شواطئ القالة مثل القالة القديمة أو مسيدة قد استعادت التواصل مع المصطافين ولكنهم مع نوع آخر منهم . إنهم أولئك الذين لا يرتضون ملامسة البحر خلال فترة الصيف مفضلين الخريف بما يمنحهم -على حد تعبيرهم- من درجات الأمان والراحة . "إن البحر مع سحره الذي لا حد له ورماله الذهبية الدقيقة لا يمكن أن تترك شخصا ما غير مبال "يقول عبد الباقي قبل أن يضيف أن هذه المنطقة الساحلية تختزن كل التوابل الضرورية لإقامة أكثر حيوية . و بالقالة القديمة وهو شاطئ جميل جدا يقع على بعد 5 كلم من عاصمة الولاية الطارف يعد مقصدا مفضلا للغالبية العظمى من المحبين المتأخرين للبحر يعكف هؤلاء المصطافين خلال يوم واحد وعلى عجل على غمر أجسامهم في ماء بارد بعض الشيء منعش أيضا و لكن وبالأخص نظيف جدا بعدما تخلص من الشوائب التي تركها المصطافون السابقون والتي أزالتها بسرعة الأمطار الخيرة مما أعطى المكان ديكورا أكثر نظافة ونقاء. و يستفيد المصطافون من وجودهم بالموقع من أجل الدردشة حول تاريخ المنطقة والأطلال والبقايا التي ما زالت تختزنها الأفران القديمة و"مطامير" الحبوب والمخازن الحجرية وهو ما يطلق العنان للألسنة في حديث حر يتناول أهمية الحفاظ على هذه المعالم ورعايتها كجزء من تاريخ الجهة . و لا يتوانى بعض السباحين في استعمال هذه الملاجئ الطبيعية من أجل الاختباء من الشمس وتنصيب طاولاتهم التي تقبل الطي من أجل تحميلهم أنواعا شهية من الأسماك المشوية في المكان . و بالمقابل اختار آخرون - وهم نحو عشرة أنفار - تثبيت شمسياتهم على الرمل بهذا الشاطئ الذي تخلص من إقبال الضيف ليبدو أكبر مساحة وحتى أكثر سحرا مما يجعله يمنح للناظرين متعة زرقة البحر التي تتقاطع مع زرقة السماء . وفي ذلك نشوة أكبر لمحبي التأمل بعيدا عن صخب المدينة . و بصرف النظر عن بعض القمامة الناتجة عن علب فارغة مرمية هنا وهناك تذكر بعدم تمدن البعض فإن هذا الشاطئ يظل إلى جانب شاطئ مسيدة المقصد الأكثر تفضيل من طرف السباحين النبهاء والذين يعرفون جيدا تلك مسارات المؤدية إلى الخلجان الجميلة حيث يمكن سماع ارتطام موجات البحر على الصخور.