عقد الاجتماع الجزائري-الايطالي الثاني رفيع المستوى اليوم الاربعاء بالجزائر العاصمة. و على اثر هذا الاجتماع صدر بيان ختامي مشترك فيما يلي نصه الكامل: "تجسيدا لمعاهدة الصداقة و حسن الجوار و التعاون الموقعة في 27 جانفي 2003 ترأس كل من رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عبد العزيز بوتفليقة، والسيد ماريو مونتي رئيس مجلس الوزراء الايطالي يوم 14 نوفمبر 2012 بالجزائر العاصمة الاجتماع الثاني رفيع المستوى الجزائري-الايطالي بمشاركة اعضاء الحكومتين. وفضلا عن المحادثات التي جرت بين الرئيسين بوتفليقة و مونتي تم تنظيم لقاءات قطاعية بين اعضاء الوفدين و التي سمحت بتبادل مثمر حول وضعية العلاقات الثنائية في مختلف مجالات النشاط و حول السبل و الوسائل الكفيلة بتطويرها اكثر خدمة لمصالح الشعبين الصديقين و ذلك في اطار الهدف المشترك في بعث مسار ارساء شراكة استراتيجية جزائرية-ايطالية و الذي انطلق خلال القمة الثنائية الاولى بالغيرو. كما سمحت اشغال القمة الثانية رفيعة المستوى التي جرت في جو اتسم بالثقة و الصداقة و التفاهم المتبادل بتجديد التاكيد على الارادة السياسية للرئيسين في جعل العلاقة الجزائرية-الايطالية مثالا للتعاون المفيد للجانبين و التشاور المنتظم في المنطقة الاورو-متوسطية. كما اعرب الوفدين عن ارتياحهما للتقدم الملموس المسجل منذ قمة ألغيرو في مسار تعزيز علاقات التعاون الثنائي ملتزمين بدعم هذه الديناميكية و تسريع وثيرتها. في ذات السياق حيا الطرفان مستوى و نوعية الحوار السياسي القائم بين البلدين من خلال المشاورات التي جرت على مستوى الاطارات العليا و كذا على المستوى الوزاري و عبرا عن ارتياحهما للتقدم المسجل من حيث تعزيز علاقتهما في قطاعات الدفاع و الامن و مكافحة الارهاب و العدالة و الصيد البحري و الصناعة و الفلاحة و الثقافة و السياحة و تطوير الاستثمارات في المنشأت و النقل و ذلك من خلال شتى الزيارات الوزارية التي جرت منذ انعقاد الاجتماع الاول رفيع المستوى بألغيرو سنة 2007. كما عبر الرئيسان عن ارتياحهما لكون ايطاليا اصبحت الشريك التجاري الاول للجزائر في اوروبا و ان الجزائر تعد شريكا اقتصاديا طاقويا اساسيا لايطاليا في حوض المتوسط حيث جددا تاكيدهما على استغلال سبل جديدة من اجل تطوير المبادلات التجارية بين البلدين و توجيه العلاقات الاقتصادية الثنائية نحو مزيد من مشاريع الشراكة التي تستجيب لمصالح البلدين. وأعرب الجانبان عن املهما المشترك في تعزيز العلاقات الثنائية الجيدة من اجل مواجهة متناغمة للمسائل الامنية ذات الاهتمام المشترك في المنطقة المتوسطية. كما عبر الطرفان عن ارتياحهما للتطور الجيد لعلاقتهما الاقتصادية خلال السنوات الخمس الاخيرة مع افاق واعدة لتعزيزها سواء من حيث المبادلات التجارية او مشاركة المؤسسات الايطالية في انجاز مشاريع اقتصادية في السوق الجزائرية. ودعيا في هذا الخصوص المؤسسات الايطالية الى مزيد من تطوير مشاريع الشراكة مع المؤسسات الجزائرية و استغلال مختلف الفرص المتاحة على مستوى السوق الجزائرية في مختلف المجالات و المشاركة بشكل اكبر في مشاريع استثمارية مباشرة تتضمن نقل التكنولوجيا. كما قررا اعطاء ديناميكية جديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين عبر تنصيب لجنة خاصة ثنائية تتكفل بمتابعة و دفع الشراكة في المجال الصناعي و ستعقد هذه اللجنة الخاصة اجتماعها الاول في مطلع سنة 2013. وأكدت الجزائر و ايطاليا الاتزام الذي تم خلال قمة ألغيرو باقامة شراكة سياسية و اقتصادية و طاقوية بين البلدين مبرزين اهتمامهما بتطوير التعاون في قطاعات الحماية المدنية و النقل البحري و حماية المستهلكين و مراقبة نوعية المنتجات والخدمات و الصناعة و ترقية الشراكات الصناعية و التكنولوجية و التجارة الخارجية بين المؤسسات الجزائرية و نظيرتها الايطالية على غرار "ألجاكس" و "آيس" و الارشيف التاريخي والبحث و الانقاد البحري و الدفاع. في هذا الصدد، قام الطرفان بالتوقيع على اتفاقيات تعاون في مختلف القطاعات. وجددا في هذا الخصوص ارادتهما في مواصلة هذه الديناميكية الايجابية وادراج التعاون الثنائي في اطار منطق استثمار و شراكة مستديمة تعود بالفائدة المتبادلة سيما بالنظر الى الوضعية الاقتصادية للجزائر التي تمنح فرصا كبيرة في هذا المجال و بفضل الارادة المشتركة في استغلال امثل لعوامل التكامل بين اقتصادي البلدين. وبذات المناسبة حيا الجانبين قرار الجمعية الوطنية للصناعيين الايطاليين بتنظيم بعثة الى الجزائر في مطلع السنة المقبلة مما سيشكل فرصة اضافية لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين. وفي هذا الإطار اتفقت الجزائر و إيطاليا على توسيع تعاونهما في قطاعات الثقافة و الصيد البحري و السياحة و الفلاحة و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و التعليم العالي و الأشغال العمومية و النقل و الشبيبة و الرياضة. وأبرز الطرفان البعد الهام لتبادلاتهما الثقافية و قررا تكثيفها من خلال إدماج ترميم الآثار الرومانية في الجزائر و حمايتها باعتبارها شاهدا على العلاقات العريقة التي تربط الشعبين الصديقين. و أكد أيضا على أهمية الشراكة بين المؤسسات الجامعية لترقية التعاون في مجال التعليم العالي و البحث العلمي و التوأمة بين الجامعات. وسجل الطرفان بارتياح التقدم الملموس في أشغال مشروع "غالسي" الذي يمثل مرحلة هامة في تجسيد هذا المشروع الإستراتيجي في مجال تموين السوق الإيطالية بالغاز على المدى البعيد. وقررت كل من الجزائر و إيطاليا توسيع تعاونهما إلى الجماعات المحلية لكلا البلدين من خلال التعاون اللامركزي الذي سيقدم قيمة مضافة أكيدة لشراكتهما الإقتصادية و العلمية و الثقافية و التكنولوجية. و يعترف الطرفان أن موضوع المعرض العالمي لميلانو "ضمان الغذاء لكوكب الارض طاقة من أجل الحياة" يعد أحد أهم تحديات البشرية بحيث التزما بمباشرة تعاون في أفق 2015 سينعكس بمشاركة نوعية للجزائر. وأعربت الجزائر و إيطاليا عن ارتياحهما لمستوى تعاونهما في المجالين الأمني و مكافحة الإرهاب. كما سجلتا بارتياح أيضا عقد اجتماعين للمجموعة الثنائية حول الإرهاب و شجعتا بهذا المصالح المختصة لكلا البلدين على تعزيز هذا التعاون. و بالإضافة إلى ذلك التزم الطرفان بتفيعل آلية التكوين المشترك التي تم وضعها في إطار مذكرة التفاهم الجزائرية الإيطالية الموقعة يوم 23 جويلية 2009 بهدف توطيد التعاون في مجال الشرطة. وتعترف الجزائر و إيطاليا بأهمية التعاون الإقليمي بغرض الوقاية من الظواهر الاجرامية و قمعها و مكافحة الإرهاب. و بهذا أعرب الطرفان عن إرادتهما في بعث التعاون الثنائي في إطار حوار مجموعة ال"5+5". و حرصا منهما على توحيد مجموع مبادرات التعاون الثنائي المنبثقة عن هيئات أو مؤسسات البلدين أكد الطرفان على ضرورة وضع آلية مؤسساتية دائمة و مرنة للتعاون تتمثل مهمتها في متابعة و تقييم تطبيق أعمال التعاون الثنائي حسب خارطة طريق تتضمن مشاريع مشتركة طبقا لمعاهدة الصداقة و حسن الجوار والتعاون. و وعيا منهما بأن التعاون الثنائي في مجمله و تعارف أفضل بين الشعبين يمران عبر تسهيل تنقل الأشخاص بين البلدين اتفق الطرفان طبقا للمعاير المعمول بها على اتخاذ الإجراءات الضرورية التي تضمن مزيد من المرونة و السرعة في منح التأشيرات من قبل الممثليات الدبلوماسية و القنصلية لكلا البلدين لا سيما لصالح الأشخاص الذين يتنقلون في إطار رحلات سياحية و أعمال و دراسة و استكشاف أو أعوان الدولة أو المؤسسات الإقتصادية التي تقوم بمهمات رسمية إضافة إلى أعضاء العائلات المقيمة بالجزائر و إيطاليا و الطلبة و الأشخاص المعنيين بتجسيد المشاريع المتعلقة بالتبادلات و التعاون بين البلدين سواء تعلق الامر بمشاريع ذات طابع اقتصادي او خاصة بالتعاون العلمي و التقني و الثقافي تقودها مؤسسات البلدين. وفي هذا الإطار تؤكد الجزائر و إيطاليا قرارهما المتخذ خلال القمة الأولى المتمثل في منح في إطار مبدأ المعاملة بالمثل لتأشيرات طويلة الأمد للمتعاملين الإقتصاديين و التقنيين لكلا البلدين في إطار إقامة شراكات بين هيئاتهما و مؤسساتهما. و قام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة و رئيس مجلس الوزراء الإيطالي السيد ماريو مونتي بتبادل وجهات النظر و التحاليل حول ملفات عديدة تخص مواضيع الساعة على الصعيدين الإقليمي و الدولي. وأكد الطرفان مجددا سعيهما إلى التوطيد الفعلي لعلاقات التعاون الأوروبية المتوسطية قصد جعل من هذا الفضاء منطقة سلام و أمن و ازدهار متقاسم. واتفقا في هذا الإطار على تقديم مساهمتهما لدعم كل ديناميكية طموحة تهدف إلى إرساء إطار تعاون حقيقي بين ضفتي المتوسط. كما قاما بتقييم الإنجازات المحققة في إطار مسار برشلونة/الإتحاد من أجل المتوسط. كما أكدت الجزائر و إيطاليا على تمسكهما بحوار المتوسط الغربي "5+5" حرصا منهما على تعزيز التعاون بين البلدان المعنية معربين عن ارتياحهما لنوعية التبادلات و نتائج القمة الأخيرة لمجموعة "ال5+5" التي عقدت يومي 5 و 6 أكتوبر الفارط بلافاليت (مالطا). كما جدد الطرفان دعمهما لجهود الأممالمتحدة في إطار المفاوضات الجارية من أجل التوصل إلى حل عادل و نهائي و مقبول من طرفي النزاع في الصحراء الغربية طبقا للشرعية الدولية و لوائح الأممالمتحدة ذات الصلة التي تكرس حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره". وفي هذا الصدد، أكدا مجددا دعمهما لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية معربين مرة اخرى عن استعدادهما للتعاون مع الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل نهائي لهذه المسألة. و بشأن الوضع في الشرق الأوسط أكد الطرفان أهمية تعزيز المساعي لإرساء الثقة و بعث حوار حقيقي بين الأطراف المعنية بمختلف أبعاد النزاع الإسرائيلي-العربي بغية الإسهام في الاستئناف الفعلي لمسار السلام الإسرائيلي-الفلسطيني من أجل التوصل إلى حل عادل و دائم و شامل. وأعرب الطرفان عن انشغالهما العميق بشأن استمرار الأزمة في سوريا و تدهور الوضع الإنساني و تداعياتها على المنطقة قاطبة. ودعا الطرفان إلى تعزيز المساعدة الإنسانية من أجل تخفيف معاناة المجتمع المدني المتأثر بهذا النزاع. و لابد أن يمر حل هذه الأزمة من خلال وقف جميع أعمال العنف و جميع أشكال العدوان و كذا من خلال حوار شامل بمشاركة جميع الفاعلين. وأكدا الطرفان مجددا دعمهما للمبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة الى سوريا من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع في هذا البلد. و في إطار تعاونهما في مجال مكافحة الإرهاب أدان الطرفان بوضوح احتجاز الرهائن و إطلاق سراح إرهابيين معتقلين كما جددا رفضهما لدفع الفديات للجماعات الإرهابية و دعا إلى المزيد من التعاون الدولي للتصدي لظاهرة الإرهاب. ولدى تطرقهما إلى الوضع في الساحل أعرب رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، و رئيس مجلس الوزراء الايطالي السيد ماريو مونتي عن انشغالهما بشأن استمرار حالة اللاستقرار و اللاأمن في مالي لاسيما في الشمال كما دعيا إلى تعاون معتبر و إلى حل عاجل يضمن حماية الوحدة الترابية لمالي و سيادته لمواجهة الانعكاسات السلبية لهذه الأزمة على السلم و الاستقرار في المنطقة. وفي هذا الصدد، أعرب الطرفان عن دعمهما للإستراتيجية الإقليمية التي أعدتها دول الساحل وفق مبدأ تكفل هذه الدول بأمنها الإقليمي و مسؤوليتها الفردية و الجماعية في مكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة و كذا على أساس الشراكات التي أقامها الفاعلون الرئيسيون ضمن الاستراتيجيات الموسعة في هذه المنطقة. كما أعرب الطرفان عن قناعتهما بأن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى منطقة الساحل سيتمكن من حشد جهود المجموعة الدولية لإعداد و تطبيق إستراتيجية شاملة وصالحة و ناجعة. وفي هذا السياق اعتبرت الجزائر و إيطاليا أن المصادقة على اللائحة 2071 لمجلس الأمن الأممي تشكل خطوة هامة نحو إيجاد حل سياسي للأزمة في مالي كونها توصي بمقاربة شاملة و تحدد معالم حل سياسي يمر بإشراك جميع الأطراف المالية الفاعلة و التكفل بمطالبها الشرعية. وأكدا الطرفان إرادتهما في تكثيف جهودهما لمكافحة الإرهاب باختلاف أشكاله و مظاهره و كذا ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود و الاتجار بالمخدرات و المهلوسات و الجريمة المالية وفقا لميثاق الأممالمتحدة و معايير القانون الدولي و لوائح مجلس الأمن الأممي ذات الصلة. وبموجب معاهدة الصداقة و حسن الجوار و التعاون قرر الطرفان عقد القمة الرفيعة المستوى المقبلة في إيطاليا بتاريخ سيحدد عن طريق القنوات الدبلوماسية.