أجمع الخبراء المشاركون في أشغال الورشة الدولية الجهوية حول حرائق الغابات بدول البحر الأبيض المتوسط على ضرورة تكثيف فرص التكوين وتبادل الخبرات بين الفاعلين في قطاع الغابات بالمنطقة من أجل تسيير أنجع لإشكالية الحرائق الغابية. وأوضحوا في ختام أشغال هذا اللقاء يوم الأربعاء بباتنة أن "تدعيم" القدرات البشرية تقنيا وماديا والاستفادة من تجارب الآخرين في مجال مكافحة الحرائق الغابية والوقاية منها "يعد عاملا أساسيا "في مواجهة هذه الظاهرة التي "أصبح خطرها في تزايد مستمر في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم". وشدد الخبير كريستوف بساسييه من معهد الغابات بالمنظمة العالمية للزراعة والتغذية "فاو" (سكرتارية سيلفا مديترانيا) على "أهمية مشروع التعاون الإقليمي" الذي انطلق منذ مدة في ست دول 3 منها بشمال إفريقيا وهي تونس والمغرب والجزائر و كذا بكل من سوريا وتركيا و لبنان بقيادة اللجنة المنظمة سيلفا مديترانيا والشراكة التعاونية في مجال الغابات المتوسطية. وأوضح أن هذا المشروع الممول من طرف التعاون الألماني والإتحاد الأوروبي يهدف أساسا إلى تحسين إنتاج السلع والخدمات من قبل النظم الإيكولوجية للغابات بالبحر الأبيض المتوسط مشيرا أنه "على هذه الدول تقديم المعلومات اللازمة في هذا المجال حتى تتمكن من استعمال والاستفادة من النظام الإعلامي الأوروبي للغابات والحرائق. واقترح "تشكيل نواة بكل دولة" مما يسمح بتنظيم دورات تكوينية على المستوى الوطني وكذا للخبراء بكل منطقة "بالمساهمة في التأطير للوقاية من حرائق الغابات" مشيرا أن فريق (سيلفا مديترانيا) موجود لهذا الغرض الذي "لن يتحقق إلا إذا تمكنت الدول من معرفة وتحديد احتياجاتها في هذا المجال". أما الخبير فرانسيسكو ريقو من المديرية العامة للموارد الغابية بالبرتغال فشدد على "أهمية مخططات تهيئة الغابات" مذكرا بتجربة بلاده في هذا السياق مشيرا أن "الغابة المهيأة تسهل عملية التدخل في حالة نشوب الحرائق فيها" داعيا الى "التفكير في توحيد هذه المخططات بالجهة لكن مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جهة وكذا التسيير المستدام للأنظمة البيئية". وذكر ريقو أن بلاده البرتغال استطاعت وضع إستراتيجية غابية "بالإمكان اقتسامها مع آخرين" عن طريق التعاون وعلاقات الشراكة مع جمعيات غابية أوجهات ذات صلة بالميدان. ومن جهته، أشار مدير حماية النباتات والحيوانات بالمديرية العامة للغابات السيد بومزبر عمار أن الجزائر هي الأخرى وضعت إستراتيجية وطنية في هذا السياق بالتنسيق مع المنظمة العالمية للزراعة والتغذية "فاو" "و إن كانت لم تجد التبسيط والتعميم اللازمين فإن تنظيم هذه الورشة جاء بطلب من المديرية العامة للغابات بهدف وضع خطة للمحافظة على كل غابات الجزائر". وأضاف السيد بومزبر أن هذا الإجراء يأخذ بعين الاعتبار السكان المجاورين للغابة واحتياجاتهم من خلال برامج التنمية الريفية المندمجة التي انتهجتها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية. وعرفت هذه الورشة -التي عرفت مشاركة نوعية لخبراء معروفين عالميا في مجال الغابات ومكافحة الحرائق جاؤوا من إيطاليا وفرنسا وقبرص وإسبانيا والبرتغال واليونان والمغرب وألمانيا وتونس وكذا لبنان -في يومها الأخير تقسيم المشاركين على 4 ورشات مصغرة لتقييم التدخلات فيما يخص المحاور الأربعة للقاء والمتمثلة في "الوقاية من الحرائق تخطيط الأخطار وإجراءات الحماية" ثم "مكافحة الحرائق من خلال رفع فعالية مقاومة النيران" إلى جانب "الإجراءات المتخذة بعد كل حريق من حيث تسيير المعطيات وترميم المناطق المحروقة" وأخيرا "آفاق التعاون المتوسطي في هذا المجال". وتخللت أشغال المشاركين في اللقاء جولة ميدانية إلى غابة بني ملول بخنشلة التي أتلفت فيها النيران مساحة ب 15 ألف هكتار خلال الصيف الماضي حيث لاحظ الخبراء بعين المكان كيف تسبب غياب عوامل تهيئة هذه الغابة التي تعد الأكبر على المستوى الوطني بمساحة إجمالية تقدر ب 75 ألف هكتار في اندلاع الحريق بها والذي دام 22 يوما. ونظمت هذه الورشة المتوسطية حول حرائق الغابات التي احتضنتها جامعة باتنة على مدار ثلاثة أيام بمبادرة للمديرية العامة للغابات بالتنسيق مع المنظمة العالمية للتغذية والزراعة "فاو" بالإضافة إلى التعاون الألماني للتنمية الذي أكد ممثلها السيد ألكسندر كاستي أن هذا اللقاء كان فرصة "جد هامة" لتبادل التجارب بين المختصين في مجال الغابات بدول البحر الأبيض المتوسط.