إستقبلت شرفات غوفي الواقعة ببلدية غسيرة المتاخمة لولاية بسكرة على بعد 85 كلم جنوب مدينة باتنة اليوم الأربعاء قافلة الملكة الصغيرة على وقع أنغام فرقة الباندو الفلكلورية وزخات من المطر. ورغم الأجواء الباردة التي شهدتها المنطقة إلا أن حرارة الاستقبال كانت أقوى ليتوافد عشاق الملكة الصغيرة من غسيرة والمناطق المجاورة لها منذ الصباح الباكر ليكونوا على موعد مع مرور قافلة دورة الجزائر الدولية للدرجات الهوائية حتى و إن حالت الأحوال الجوية دون تمكين المتسابقين من وضع دراجاتهم على الطريق. وبدت شرفات غوفي الشامخة منذ قرون بعيدة بقلاعها الحجرية أو ثيقليعث التي تبرز عبقرية ساكنيها الأوائل أنيقة تحت المطر وهي تستقبل ضيوف الجزائر بل وتغريهم بسحرها الجذاب ليزوروها مرة أخرى ويربطون صلة الود معها مرة أخرى . ويمتد مسلك القافلة على طول الطريق الوطني رقم 31 الرابط بين ولايتي باتنةوبسكرة مرورا بمناطق ذات مناظر طبيعية تحبس الأنفاس حيث شكلت لسنوات طويلة (مقصدا مفضلا) للفنانين التشكيليين ومنهم المرحومان عبدو طمين والشريف مرزوقي وكذا آخرون أحياء مازالوا يستلهمون منها لوحاتهم وأعمالهم الفنية . فمن غابات النخيل الممتدة على طول الطريق الذي يقطع بلدية غسيرة إلى بساتين الأشجار المثمرة ومربعات الخضروات الموسمية التي تتوزع على ضفاف الوادي الأبيض أو إغزر أملال الذي شكل عهودا طويلة مصدر استرزاق سكان الجهة التي تعزي اخضرارها الدائم إلى مياهه التي تغذيها الثلوج المتراكمة في قمم الجبال . وباتجاه طريق آريس و باتنة حيث مضيق تيغانيمين الذي شهد أول عملية كانت إيذانا باندلاع الثورة التحريرية ذات الفاتح من نوفمبر 1954 من جبال الأوراس ستقف القافلة على الكثير من الشواهد التاريخية والطبيعية التي جعلت من هذه المنطقة متحفا مفتوحا على الهواء الطلق . وتعد مدينة آريس التي تحتضن بيت الشهيد أبو الثورة الجزائرية مصطفى بن بولعيد الذي تم تحويله إلى متحف تاريخي إحدى المحطات الهامة في مسار الملكة الصغيرة التي يتوغل المشاركون فيها عبر الطريق الوطني رقم 31 وصولا إلى وادي الطاقة المشهورة بمنطقتها الرطبة التي أصبحت في السنوات الأخيرة ذات جذب سياحي . وبعد مفترق الطرق الغير بعيد عن وادي الطاقة أو ما يسمى محليا ببوحمار تكون الوجهة نحو بلدية لامبيز أو لامبزيس ذات الآثار الرومانية العتيقة ليكون في استقبال القافلة قوس النصر ودروب مركونة الحجرية التي تبدو للعيان واضحة وكأنها تروي للزائر تاريخها العريق عبر الحقب الزمنية. ويكون اللقاء بعاصمة الأوراس عبر طريق تازولت والمركز الإستشفائي الجامعي وجامعة الحاج لخضر التي يدرس بها أكثر من 55 ألف طالب مع عشاق الملكة الصغيرة التي غابت عن شوارع المدينة منذ سنة 1995 مع رحيل الرياضي المهووس برياضة الدرجات الهوائية محمد بوزامندو الذي كان أيضا صحفي بوأج وكذا مسؤول نشط في هذه الرياضة. ويتواصل مسار القافلة عبر طريق قسنطينة مرورا ببلدية جرمة ثم فسديس بقطبها الجامعي الجديد ذي 22 ألف مقعد بيداغوجي ليعرج ضيوف الجهة عند مفترق الطرق قسنطينةوسطيف باتجاه مطار مصطفى بن بولعيد الدولي لتكون الوجهة بعدها بلدية العلمة بولاية سطيف عبر عين جاسر بباتنة. والمميز في هذه المرحلة الثالثة من دورة الجزائر الدولية للدرجات باتنة-سطيف انطلاقا من شرفات غوفي بجنوبباتنة أن الأمطار الغزيرة المتساقطة طيلة الصبيحة قضت على شوق عشاق الملكة الصغيرة لرؤية عناصر القافلة على دراجاتهم يقطعون المسافة المحددة بتراب الولاية إلا أن المتعة كانت حاضرة رغم ذلك بتحية القافلة تحت زخات المطر.