أثار حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية بابطال منع حق التصويت للجيش والشرطة في الانتخابات العامة جدلا واسعا في الاوساط السياسية والقانونية في مصر. وقد انتقدت احزاب التيار الاسلامي بشدة قرار المحكمة الدستورية واعتبرته "قرارا خاطئا" ومحاولة ل"عرقلة إجراء انتخابات مجلس النواب وادخال البلاد في حالة من الفوضى". وقال نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين عصام العريان ان قرار المحكمة الدستورية "خاطئ" لان اعطاء الجيش حق التصويت في الانتخابات العامة يعني "ادخاله المجال السياسي" مشيرا إلى ان مثل هذا الاجراء يدخل ضمن "محاولات تعطيل الثورة". وأضاف hلعريان في تصريحات له اليوم للاحد ان مجلس الشورى ليس له الحق في الاعتراض على تنفيذ الحكم غير انه سيقوم باخطار الحكومة والتي تقوم بدورها باستشارة الهيئات المعنية. وقال "اننا امام منعطف خطير" وانه ينبغي فتح حوار واسع حول قرار المحكمة الدستورية وكيفية تطبيقه. ومن جانبه اعتبر حزب الوسط الاسلامي المقرب من جماعة الاخوان المسلمين أن المحكمة الدستورية - بقرارها باعطاء الجيش والشرطة الحق في مباشرة الحقوق السياسية- "تستمر في عرقلتها لإجراء انتخابات مجلس النواب بطرقها المبتكرة... وتريد أن تدخل البلاد في حالة من الفوضى". واعتبر نائب رئيس الحزب حاتم عزام ان القرار "يهدد استقرار الدولة المصرية ويقودنا للمجهول". وطالب قياديون بحزب الوسط الرئيس المصري محمد مرسي باستخدام حقه الدستوري في إجراء استفتاء شعبي لحل المحكمة الدستورية على اعتبار ان هناك تصارع بين مؤسسات الدولة. ومن جانبه قال وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى وعضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة أن تصويت الجيش والشرطة فى الانتخابات هو "أمر جديد وغريب على الشأن المصرى" حيث جرى العرف السياسى فى مصر على تجنيب المؤسسة الأمنية والعسكرية الدخول فى المعترك السياسى. وقال أن هذا "أمر مستهجن وسوف يؤثر بالسلب على العملية السياسية فى مصر" مشيرا إلى ان "المحكمة الدستورية تريد أن تقحم الشورى فى جدل ومعركة". ويعيد هذا الحكم إلى السطح خلافات جماعة الاخوان المسلمين وحلفائها من التيار الاسلامي مع المحكمة الدستورية واتهاماتها ب"تسيس احكامها" وذلك منذ حكمها بحل مجلس الشعب في جوان الماضي حيث حاصر الاخوان مقر المحكمة في العديد من المناسبات لمنع نظرها في قضايا اخرى تتعلق مجلس الشورى واللجنة التاسيسية للدستور. وتعتبر بعض الاوساط السياسية المصرية ان التيار الاسلامي يرى ان قرار المحكمة الدستورية سيكون في صالح الاحزاب العلمانية غير ان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة اعتبر ان هذا القول بميل الجيش والشرطة للانتخاب للعلمانيين مجرد تخمين لا اساس له من الصحة. ومن جهتهم يرى قانونيون وقياديون في قوى التيار المدني ان قرار المحكمة الدستورية العليا هو قرار يستند إلى دستور اعده الاخوان وصادقوا عليه. واعتبر محمد البرادعي رئيس حزب الدستور وأمين عام جبهة الانقاذ المعارضة ان وجود 13 مادة غير دستورية في قانوني الانتخابات والحقوق السياسية يعني ان السلطة التشريعية "عاجزة او تحاول الالتفاف على الثورة". ومن جهته اعتبر وزير الدولة المصري للشؤون القانونية والنيابية ان كثير من الملاحظات التى أبدتها المحكمة الدستورية العليا على مشروعي قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الانتخابات كانت متوقعة وبرر قرار المحكمة بجواز تصويت الجيش والشرطة فى الانتخابات أنه لأول مرة يعرض على المحكمة هذا الأمر مشيرا إلى انها رأت أن الانتخابات حق دستورى يشمل الجميع ولا يمكن أن يحرم أحد بحكم عمله. ومن جهته اكد عبد الغفار شكري القيادي بحزب التحالف الشعبي العضو بجبهة الانقاذ ان قوات الجيش والشرطة كان لهما حق التصويت إلى غاية منتصف الثمانينات من القرن الماضي. وأضاف ان عودتهم للتصويت حق اصيل لهم غير انه يجب توضيح الكيفية والمكان و غيرها من الامور المعلقة بالعملية الانتخابية بالنسبة للهيئتين. وكانت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى قد شرعت اليوم النظر في ملاحظات المحكمة الدستورية العليا حول قانونى مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات حيث أشارت مصادر برلمانية ان اللجنة ستاخذ بالملاحظات كما وردت. وتطرح اعادة المحكمة الدستورية قانوني الانتخابات والحقوق السياسية إلى مجلس الشورى التساؤل حول ما سيكون موقف المحكمة الدستورية من قانون السلطة القضائية الذي تصر جماعة الاخوان المسلمين على مناقشته واقراره رغم معارضته للدستور حسب المعارضة.