تشكل الشواطئ الصخرية بالساحل الوهراني مقصدا مفضلا لهواة الصيد وملاذا من أجل قضاء بعض الأوقات المريحة خلال أيام شهر رمضان الكريم. وبتعداد يزيد عن الأشهر الأخرى تتميز يوميات رمضان بتوافد عدد كبير من الصيادين الهواة على الشواطئ الصخرية التي تزين ساحل وهراني وتتميز بمناظر خلابة لتمضية أوقات من النهار في وسط طبيعي هادئ يبعث على الاسترخاء والتأمل على حد وصف أحد هؤلاء الصيادين. ويقول لطفي وهو أحد المولعين بالصيد والذي يفضل أخذ عطلته السنوية خلال شهر الصيام "قصبة صيد والقليل من الطعم وقطعة فراش هو كل ما أحتاجه لقضاء وقت مميز في رمضان بإحدى صخور شاطئ لامادراغ". ويضيف "رغم أن هذا النشاط يبدو روتينيا بحكم طوله إلا أنه غير ممل بل أجد فيه متعة لا تضاهي وأجهز متاعي بمجرد تناولي وجبة السحور ثم أتوجه إلى نفس الصخرة بعد أداء بعض الواجبات صباحا". ومن جهته يرى الحاج العربي أن اللجوء إلى الصيد البحري الهاوي خلال أيام رمضان قد برز بشكل خاص بعد أن صار الشهر الكريم يتزامن وفصل الصيف. "الأمر موات للغاية. ففصل الصيف يتيح مناخا مناسبا لممارسة هذا النشاط وهو الموسم الذي يمنح فيه لعامة العمال عطلهم السنوية وخاصة عندما يتزامن ذاك مع شهر رمضان" يضيف المتحدث الذي لم يفارق قصبة الصيد وزرقة البحر منذ أزيد من أربعة عقود -كما ذكر. أما محمد الذي يرتاد يوميا خلال هذا الشهر على إحدى صخور شاطئ الرأس الأبيض صحبة ابنه فارس ذي 10 سنوات والذي لم يخف هو الآخر ولعه بهذه الهواية فيقول "أجد في ممارسة هذه الهواية خلال رمضان نكهة خاصة وشعورا بالراحة النفسية ومتعة ترقب رجفة القصبة التي تنذر بوقوع صيد". ولم تكن قبل شهر رمضان الماضي لدى محمد أدنى فكرة عن متعة هذه الهواية حيث يقول "بدأت التجربة عندما دعاني صديق يهوى الصيد البحري لمرافقته في خرجة صيد خلال أولى أيام رمضان لأكتشف في ذلك سحرا شدني". وأبرز أن نشوة ممارسة هذه الهاوية خلال رمضان تكتمل كذلك عندما تشكل الأسماك المصطادة التي جادت بها قصبة الهاوي المتواضعة أحد مكونات مائدة الإفطار لنفس اليوم. للراديو والمطالعة نكهة مميزة في الصيد بين الصخور وعلى خلاف أولئك الصيادين الذين لا يحبذون سماع إلا خرير مياه البحر وصوت إلتطام الأمواج بالصخور أو زفير الرياح فإن هناك من يفضل الإستماع إلى الحصص الإذاعية من خلال جهاز صغير يشتغل بالبطاريات أو قراءة رواية وفيهم من يجد نشوة الصيد الجماعي للدردشة والأنس. ويرى عثمان الذي ألف إحدى صخور شاطئ رأس كاربون بأرزيو متنقلا من منزله بدراجة لمسافة تقارب 5 كيلومترات أن الكتاب عنصر أساسي في حقيبته "إذ أجد في قراءة إحدى الروايات بيد وحمل القصبة بأخرى أجمل إحساس وفسحة خاصة مع الهدوء والسكينة التي تتيحها أيام الشهر الكريم". "الرواية وزرقة البحر والسماء والصخور ومنظر أفواج طائر البطريق التي تتموج بين الماء والهواء كلها عناصر لديكور طبيعي منسجم" يضيف ذات المتحدث صاحب الشخصية الشاعرية المولعة بالأدب وحب الطبيعة. وبرأي عكاشة فان ممارسة الصيد بإحدى الصخور المنعزلة والاستماع إلى البرامج الإذاعية أو لشريط غنائي من التراث الموسيقي الجزائري العريق على غرار الشعبي والبدوي تنسي تماما الجوع والعطش.