يثير تواصل الإضراب الذي دعا إليه المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي و التقني (كناباست) منذ يوم 7 أكتوبر استياء أولياء التلاميذ نظرا للتأثير السلبي لهذا التوقف عن الدروس على تمدرس أبنائهم سيما المترشحين لاجتياز امتحانات نهاية الأطوار هذه السنة. و بدا هذا الإضراب الذي سجل تفاوتا في نسبة الاستجابة من منطقة إلى أخرى و من مؤسسة إلى أخرى يثير انتقاد الأولياء الذين زادت مخازفهم حول مستقبل أبنائهم بسبب قضية إعادة تثمين الاجور و المنح. و في ولاية الجزائر و بثانوية بوعلام دكار (قاريدي 2) بالتحديد جاء التلاميذ في الصباح الباكر أمام مؤسستهم التعليمية آملين في استئناف الدروس بصفة عادية و لكن آمالهم خابت عندما علموا بان أساتذتهم يواصلون حركة الإضراب. و قالت أسماء و هي تلميذة في القسم النهائي فرع "علوم الطبيعة و الحياة" أن "الشروع في سنة دراسية بإضراب قد يرهن مستقبل التلاميذ". من جانبه عبر التلميذ عبد الكريم الذي يدرس في القسم النهائي ضمن فرع تقني رياضي عن قلقه من الإضراب الذي سيتحمل نتائجه التلاميذ بالدرجة الأولى مضيفا بأن "الأساتذة بمجرد استأناف الدراسة يكون همهم الوحيد إتمام البرنامج الدراسي دون مراعاة قدرة استعاب التلاميذ لها أولا و بالخصوص ما تعلق منها بالمواد العلمية كالرياضيات والفيزياء. وبثانوية الإدرسي (ساحة أول ماي) ذكر ولي التلميذة زهرة التي تدرس في السنة الثالثة ثانوي أنه يعيش في "توتر مستمر" و "تذمر شديد" جراء هذا الإضراب الذي "يرهن مستقبل ابنته و الذي كلفه التغيب عن عمله". و في ولاية وهران أبدى العديد من أولياء التلاميذ استيائهم جراء استمرار الإضراب الذي دعا إليه الكناباست. وقالت لوأج والدة تلميذ في السنة الثانية ثانوي "أبنائنا لا دخل لهم في هذا النزاع القائم بين النقابة ووزارة التربية. إنهم يريدون استئناف دراستهم في أقرب وقت من أجل تجنب اضطراب تمدرسهم". وأشارت نورة وهي تلميذة أخرى في السنة الثالثة ثانوي إلى أن والديها اضطرا إلى "دفع" دروس الدعم لها وهو ما يشكل "عبئ إضافي على ميزانية الأسرة" كما تقول. وسواء بعين تموشنت أو سيدي بلعباس أو تلمسان أو معسكر أعرب الأولياء والتلاميذ عن قلقهم أمام استمرار هذا الإضراب التي يمكن أن تكون عواقبه وخيمة. وقد عبر العديد من الأشخاص الذين تم استجوابهم عن خيبة أملهم جراء عدم تحرك جمعيات أولياء التلاميذ. و بشرق البلاد اعترفت منى.ب أم ريان و مايا اللتين تدرسان بالسنة الثالثة ثانوي بثانوية ابن باديس بقسنطينة بأنها ترفض رؤية مستقبل ابنتيها يضيع في ظل صراعات إدارية بحتة" داعية الأطراف المعنية إلى "التعقل و التفكير في مستقبل جيل بأكمله". و تقول من جهتها السيدة عزيزة و هي طبيبة أسنان بعنابة بأن هذه الوضعية "الفوضوية" التي تعيشها الثانويات "تمثل خطرا حقيقيا على أبنائنا الذين يجدون أنفسهم يوما عن يوم بعيدين عن المدرسة" مؤكدة بأنها بدأت "تجد صعوبة في التحكم في يوميات ابنها نور الدين الذي يدرس في السنة الثانية من التعليم الثانوي". في حين بدا سمير (39 سنة و ولي تلميذ في الطور الثانوي بمدينة سطيف) في قمة الغضب لكونه صار يرى ولده يقضي معظم وقته في الشارع و ذلك منذ 10 أيام حيث ذهب بعيدا بوصفه لهذا الإضراب ب"الهذيان" و بأنه "مبالغة في غير محلها" حيث دعا هذا الولي السلطات العليا للبلاد إلى التدخل و إنقاذ مستقبل تلاميذ من "كارثة تتقدم بخطوات كبيرة". و بمدينة سطيف نشرت فيدرالية جمعيات أولياء التلاميذ اليوم الاثنين بيانا دعا فيه الناطق باسمها السيد رشيد برحال إلى حوار بناء بين أطراف النزاع من أجل "إنقاذ التلاميذ و عدم تعريض مستقبلهم للخطر". و بولايات الجنوب أعربت جمعيات أولياء التلاميذ عن امتعاضها من هذه الوضعية التي أصبحت حسبها تكرر كل سنة و يدفع ثمنها التلاميذ الذين تضيع منهم العديد الدروس مما يؤثر سلبا على عملية التحصيل العلمي لديهم. و دعا ممثلو هذه الجمعيات الأطراف المعنية إلى إيجاد حلول توافقية من أجل وضع حد في أقرب وقت ممكن لهذه الحركة الاحتجاجية للأساتذة. وفي منتدى المجاهد يوم الاحد الفارط أكد وزير التربية أن اغلبية مطالب الكنابيست لا سيما تلك المتعلقة برفع الاجور تمت تلبيتها "بشكل واسع في الماضي". واشار قائلا أن "الصنف 16 الممنوح (من طرف الوظيف العمومي) لاساتذة الثانوي يمنح عادة للاطباء واصحاب الدكتوراه (الجامعيون)". وقال الوزير انه "مستعد لمواصلة الحوار مع ممثلي نقابات القطاع من بينهم الكنابيست" مشيرا الى أن بعض مطالب هذا الاخير "يستحيل تلبيتها كتلك الخاصة بالمنح". كما حذر الوزير انه في حالة مواصلة الاضراب فان الوصاية "ستكون مضطرة لتطبيق الاجراءات القانونية والقيام بخصم من رواتب المضربين".