باتت مطالب الدول الإفريقية بضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي وحصول القارة السمراء على تمثيل أكبر في المجلس أكثر إلحاحا من أي وقت مضى باعتبار أن تركيبة الهيئة الأممية بصورتها الراهنة "لا تعكس حقيقة التطورات التي يشهدها العالم" إلى جانب إيمان هذه الدول بأن مشاكلها لا يمكن أن تحل إلا من خلال قرارات إفريقية وتطلعها إلى لعب دورها المنوط بها في المساهمة في حماية السلام والاستقرار الدوليين. وقد زادت الأحداث والمتغيرات الدولية المتلاحقة سواء على المستوى القاري أو العالمي من أهمية المطلب الإفريقي في حصول القارة الإفريقية على عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي وهو ما أكد عليه كثير من المسؤولين الأفارقة في عديد من المناسبات. وفي هذا الصدد قال مفوض السلم و الأمن للاتحاد الإفريقي اسماعيل شرقي أول أمس الأحد بالجزائر على هامش الاجتماع رفيع المستوى حول السلم و الأمن في إفريقيا انه " من غير المنصف أن لا تكون إفريقيا ممثلة في هذه الهيئة لاتخاذ القرار في الوقت الذي تضم حاليا أكبر عدد من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة". وتظل إفريقيا القارة الوحيدة غير الممثلة في فئة الأعضاء دائمة العضوية بمجلس الأمن كما أنها ليست ممثلة بالقدر الكافي في فئة الأعضاء غير الدائمين ولا يملك أي منها حق النقض مع العلم أن القضايا ذات الصلة بإفريقيا أزيد من 70% من أجندة المجلس وفق التقديرات الإفريقية. ويضم المجلس حاليا خمسة أعضاء دائمين يتمتعون بحق الفيتو (الولاياتالمتحدةالأمريكية و روسيا و فرنسا و المملكة المتحدة و الصين) و 10 أعضاء غير دائمين لا يتمتعون بحق الفيتو انتخبوا لعهدة سنتين. وكما حبذ أن يطلق عليه بتصحيح "ظلم تاريخي" قال فاندي شيدي مينا (سييرا ليون) في تدخله باسم مجموعة دول إفريقيا خلال نقاش على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مسألة إصلاح مجلس الأمن أنه "منذ 2005 استمرت عدة بلدان إفريقية في تجديد تأكيدها على ضرورة إصلاح مجلس الأمن لجعله أكثر تمثيلا و أكثر شفافية و أكثر شرعية و أكثر نجاعة". وشدد على ضرورة أن يتضمن هذا الإصلاح مبادئ و أهداف و مثل الأممالمتحدة من أجل عالم يقوم على الشمولية و الإنصاف و التوازن الإقليمي. و طلب الممثل مقعدين دائمين إفريقيين على الأقل في المجلس مع كل الصلاحيات و الامتيازات بما فيها حق الفيتو إذا ما بقي هذا الأخير واردا و مقعدين غير دائمين. — لقاء الجزائر فرصة لتجديد الإجماع الإفريقي حول المسألة— وشكل الاجتماع رفيع المستوى حول السلم و الأمن الذي عقد مؤخرا في الجزائر مناسبة لتجديد مطالب الأفارقة على أهمية توسيع مجلس الأمن الدولي و تمسك الجزائر بالإجماع الإفريقي حول هذه المسالة. حيث تم إبراز جهود إفريقيا المتواصلة من أجل السماح للقارة السمراء بممارسة حقها بمجلس الأمن والسعي إلى تحسيس الآخرين بأنها تريد حلولا إفريقية للمشاكل الإفريقية. ولا يقتصر إصلاح مجلس الأمن فقط على ملف زيادة الدول دائمة العضوية ولكن هناك أيضا حق النقض الفيتو والتوزيع الإقليمي للمقاعد وحجم المجلس وأسلوب عمله وعلاقاته مع الجمعية للأمم المتحدة. وفي هذا المقام قال مفوض السلم و الأمن للاتحاد الإفريقي اسماعيل شرقي أن إفريقيا تطالب "اما بالغاء حق النقض (الفيتو) واما منح (القارة الإفريقية) مقعدين دائمين بنفس حقوق البلدان الأعضاء الأخرى فضلا عن المقاعد الثلاثة غير الدائمة". وتتفق غالبية دول العالم على أن مجلس الأمن بمكوناته الحالية لايعكس توازنات العالمية والإقليمية. ومن بين المنابر التي تم التأكيد فيها على أهمية إجراء إصلاح في المنظومة الأممية قمة حركة عدم الانحياز ال16 التي عقدت بطهران حيث شددت بلدانها على أن إصلاح مجلس الأمن ينبغي أن يكون "شاملا و شفافا و متوازنا " و ينبغي أن يجعل جدول أعمال المجلس يعكس حاجيات و مصالح البلدان المتقدمة و البلدان النامية على حد سواء و ذلك بشكل موضوعي و غير انتقائي. وقد خلصت القمة إلى أن الإصلاح الذي ينبغي أن يكون كذلك مدعما من قبل أكبر عدد ممكن من الدول يجب أن يفضي إلى مجلس أمن أكثر تمثيلا معترفا بالظلم الذي يستهدف إفريقيا. — تعثر المفاوضات الحكومية الدولية حول إصلاح مجلس الأمن الاممي— وتجدر الإشارة إلى أن المفاوضات الحكومية حول إصلاح المجلس مستمرة منذ عقدين اثنين وقد مرت بعدة جولات قاربت العشر جولات حيث ظلت الرهانات الكبرى فيها تتمثل في فئة الانتماء و مسألة حق الفيتو و التمثيل الإقليمي و توسيع عدد الأعضاء و مناهج عمل المجلس و كذا علاقاته مع الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة. ولم يسجل مؤتمر روما حول إصلاح مجلس الأمن الاممي في جوان الماضي أية نتيجة ملموسة ل"دمقرطة اكبر لمنظومة الأممالمتحدة و إصلاح عميق لجهازها الرئيسي المتمثل في مجلس الأمن". وأكدت الجزائر رسميا خلال هذا الاجتماع أنها وبوصفها عضو في "لجنة العشرة" المكلفة بترقية الموقف الإفريقي حول الإصلاح و توضيحه و الدفاع عنه في الشكل الذي تم تبنيه خلال إجماع ايزولويني و المؤكد في إعلان سرت تظل واثقة بأنه في مسار المفاوضات الحكومية "بإمكان إفريقيا الحفاظ على روح الانفتاح لدى ترقية موقفها". أما موقف الأممالمتحدة من المسالة فقد ضمنه رئيس الجمعية العامة بالمنظمة الدولية جون آش امام الجمعية العامة الماضية خلال جلسة عقت لمناقشة البند رقم 123 الخاص "بالتمثيل العادل في مجلس الأمن وزيادة عدد أعضائه والمسائل ذات الصلة" حيث قال أن "الأممالمتحدة ويجب أن تبقى المكان الذي نصل فيه إلى حل وسط" داعيا إلى تبنى روح التوافق حول موضوع إصلاح مجلس الأمن الدولي. وأضاف "تنتهي المفاوضات دائما بالفشل عندما لا يكون هناك أي استعداد لتقديم تنازلات ولذلك أحثكم على أن لا يكون هذا الحال بشأن موضوع إصلاح مجلس الأمن الذي قد يكون أهم بند على جدول أعمال هذه الجمعية". وانشأت الجمعية العامة بقرارها 557/ 62 المفاوضات الحكومية الدولية بشان إصلاح مجلس الأمن الا انه وبعد مضي أكثر من عشرين عاما على المناقشات الرامية وطرح المبادرات والأفكار لتوسيع عضوية المجلس وتحسين أساليب وطرق عمله تبقى القضية ولا تزال متعثرة للغاية.