تتطلع ولاية الطارف التي سيحل بها الوزير الأول عبد المالك سلال غدا الأربعاء في إطار زيارة عمل التي تشتهر بمؤهلات سياحية وموارد مائية وقدرات فلاحية كبيرة إلى تثمين مؤهلاتها لتحقيق تنميتها المستدامة. وبالنظر إلى موقعها الجغرافي المميز بأقصى شمال شرق البلاد فإن الطارف التي تتربع على 2891,75 كلم مربع وتقطنها 500 ألف نسمة تتميز بتعدد أنظمتها الإيكولوجية مشكلة بذلك فسيفساء من الأوساط الطبيعية تشجع على الاستكشاف والاستثمار في عديد القطاعات. وعلى الرغم من أنها تضررت كثيرا في فيفري 2012 جراء أمطار طوفانية ألحقت خسائر كبيرة خاصة بالفلاحة والطرقات وعديد المنشآت إلا أن ولاية الطارف تمكنت بفضل الإرادة القوية للسلطات العمومية من تجاوز تلك المحنة مواصلة بذلك مشوارها التنموي. — السياحة طابع يستحق التثمين: كما أن مركبها للمناطق الرطبة ومساحة من الغابات تتربع على 166 ألف هكتار من الغابات الخضراء و واجهاتها البحرية بطول 90 كلم وغطاءها النباتي وسهولها الواسعة ومروجها ومنابعها الحموية تعد أيضا من بين المؤهلات التي شجعت الدولة على تخصيص خلال السنوات الأخيرة أكثر من 12 مليار د.ج موجهة لتجسيد عديد المشاريع التنموية. وتشتهر ذلك هذه الولاية الحدودية مع تونس بشواطئها الخلابة وعددها 25 شاطئا في المجموع من بينها 16 مفتوحة أمام السباحة على غرار لمصيدة والحناية وكاب روزا بالقالة القديمة التي تستقطب خلال كل موسم اصطياف آلاف السياح والباحثين عن الراحة والاستجمام. ويضاف إلى هذا الثراء كذلك الحظيرة الوطنية للقالة المتربعة على أكبر من 80 ألف هكتار والمشكلة من ثلاثة أنظمة إيكولوجية (بحر بحيرة وغابة) مصنفة تراث طبيعي وثقافي دولي ومحمية من طرف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) منذ سنة 1990 . كما تتميز مناطق التوسع السياحي الخمس بكل من المفرغ (2) وحناية (بريحان) وكاب روزا ولمصيدة بالقالة ومناطقها الرطبة السبع التي تتشكل من برك وبحيرات صغيرة بالجزء الشمالي لهذه الولاية بجمالها وأهميتها الإيكولوجية وثرائها النباتي والحيواني مشكلة بذلك وسطا طبيعيا تلجأ إليه آلاف الطيور المهاجرة. --- الفلاحة إحدى المؤهلات الأخرى: ومن جهتها تشكل الفلاحة أفضل ضمان لمستقبل هذه الولاية الخضراء من خلال مساحة فلاحية صالحة تقدر ب74173 هكتار منها 11500 هكتار مسقية من شأنها أن تضمن الأمن الغذائي لهذه المنطقة من البلاد وذلك بالنظر إلى عديد الزراعات من بينها الزراعات الصناعية وذلك بإنتاج سنوي يقارب 2 مليون قنطار. وفي مجال الإنتاج الحيواني تحصي الطارف 100 ألف رأس من البقر من بينها 45 ألف بقرة أزيد من 30 بالمائة منها بقرة حلوب عصرية فضلا عن ثروة هامة من رؤوس الماعزوالغنم وكذا تربية النحل والدواجن. ويعول على تنمية قطاع الفلاحة أن يفتح بهذه الولاية آفاقا صناعية جديدة هامة في مجال الصناعات الغذائية على غرار الوحدات السبع لتحويل الطماطم التي تشتغل حاليا. وبإمكان سدودها الثلاثة وهي الشافية ومكسة وبوقوس بقدرة تخزين تقارب 250 مليون متر مكعب بالإضافة إلى سلسلة من الحواجز المائية ونقاط مائية أخرى أن تسمح لهذه الولاية بأن تطور أكثر هذا القطاع الاستراتيجي. ويتوفر قطاع الري على قدرات مائية هامة تقدر ب283,23 مليون متر مكعب فيما توجه الموارد المعبأة إلى التموين بالماء الصالح للشرب (153,23 مليون متر مكعب سنويا) وللسقي الفلاحي (74,31 مليون متر مكعب) بالإضافة إلى 22,36 مليون متر مكعب للصناعة. ويرتقب في إطار تنمية هذا القطاع الاستراتيجي إنجاز ثلاثة سدود جديدة بطاقة تخزين إجمالية تصل إلى حوالي 220 مليون متر مكعب بالإضافة إلى عديد الحواجز المائية والآباروالخزانات. --- آفاق صناعية واعدة .. السكن الطاقة والصحة .. تحظى بالأولوية: وقد ظل قطاع الصناعة بهذه الولاية بعيدا عن التطلعات المرجوة منه إذ يقتصر على 3 مؤسسات وطنية (نجارة عامة مركز صغير لتعبئة الغاز ولمركز لأجهزة المعاقين) تضاف إليها 20 مؤسسة خاصة تختص في تحويل الجلود وإنتاج المواد الصيدلانية والصناعات الغذائية والمشروبات الغازية والإلكترونيك. وعلى الرغم من عددها القليل فإن هذه الوحدات الإنتاجية تساهم نوعا ما في استحداث مناصب شغل قارة لفائدة السكان المحليين . ولتنمية هذا القطاع تم بولاية الطارف إنشاء 14 منطقة للنشاطات التجارية من بينها واحدة بالمكان المسمى "كبودة" ببن مهيدي التي احتضنت إلى حد الآن 3 وحدات لإنتاج مواد صيدلانية في انتظار الموافقة على ملفات استثمار جديدة. وتمت الموافقة مؤخرا على ما لايقل عن 40 مشروع لإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة من طرف لجنة المساعدة على تحديد الموقع وترقية الاستثمار وضبط العقار تخص قطاعات كل من الأشغال العمومية والفلاحة والصناعة والخدمات التي من شأنها أن تمكن عند تجسيدها من فتح أزيد من 1600 منصب شغل. وفي مجال السكن تراهن ولاية الطارف على ترقية السكن الريفي لضمان استقرار السكان في مناطقهم الأصلية وتحسين ظروف معيشتهم. فمن مجموع أزيد من 30 ألف سكن من مختلف الصيغ استفادت ولاية الطارف ب12 ألف وحدة سكنية ريفية من بينها 8500 انطلقت أشغال بنائها. أما الباقي الموزع بين السكن الترقوي المدعم والسكن العمومي الإيجاري والسكن الموجه لامتصاص البنايات الهشة فيعرف بدوره معدل إنجاز مشجع. كما استفاد من جهته قطاع الطاقة من مشروعين كبيرين يتعلقان بمحطة توليد الكهرباء بكدية الدراوش (1140 ميغاواط) والموجهة لتعزيز القدرات الوطنية في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية. وتعد هذه المحطة التي تطلبت رخصة برنامج بقيمة 187 مليار د.ج بمثابة "طريقا سيارا للكهرباء". وتمون محطات الدعم (220 كيلوفولت) لكل من الحجار وخرازة (عنابة) سكيكدة رمضان جمال. الناظور (قالمة) عين البيضاء (أم البواقي) وكذا منطقة بسكرة كما ستضمن الربط بشبكة الشركة التونسية للكهرباء والغاز بجندوبة (تونس) . كما أن قطاع الصحة مرشح لأن يتعزز بدوره من خلال استلامه عما قريب مستشفى يتسع ل240 سرير بالبسباس وآخر ب120 سرير ومركز للاستعجالات الطبية الجراحية بمدينة الطارف. وتكتسي مجموع هذه المشاريع التنموية التي استفادت منها ولاية الطارف التي يتشكل إقليمها من 24 بلدية 8 منها حدودية أهمية ما سيسمح لهذه الولاية من استدراك التأخرالذي شهدته طيلة سنوات لتتجه قدما نحو التنمية المستدامة.