يواصل أعضاء المجلس التأسيسي التونسي التصويت على فصول دستور البلاد الجديد الذي من شانه فسح المجال لاستكمال المسار الانتقالي وإقامة المؤسسات الدستورية القارة قبل تولي الحكومة المستقلة الجديدة مهامها لتعوض الحكومة الحالية التي يقودها حزب النهضة الإسلامي الذي تعهد بالتخلي عن السلطة طبقا لخارطة الطريق المتفق عليها في الحوار الوطني. وتجرم بنود دستور تونس الجديد "التكفير والتحريض على العنف" كما تنص على أن " الدولة حامية للمقدسات وضامنة لحياد المساجد عن التوظيف الحزبي". ورفض النواب مقترحات بتضمين الدستور نصا يعتبر الإسلام "المصدر الأساسي للتشريع" وتبنوا فصلا يؤكد أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها". وصادقت الهيئة النيابية التونسية على فصل من الدستور الجديد يؤكد "الطابع الجمهوري لقوات الأمن والجيش ويلزمهما ب"الحياد التام عن الأحزاب السياسية". كما تمت المصادقة على الفصل الذي يقر المساواة بين التونسيات والتونسيين في الحقوق والواجبات. ومنح الدستور المناطق والفئات الاجتماعية " الأقل حظا الأولوية" في مجال التنمية كما أكد على أن الدولة تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات والاستغلال الرشيد للثروات الوطنية استنادا إلى مؤشرات التنمية ". وتتمثل أهم النقاط الخلافية بين نواب البرلمان في الفصول الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتركيبة السلطة القضائية . وتوصلت اللجنة البرلمانية المختصة إلى إحداث فصول جديدة لتوسيع صلاحيات رئيس الدولة وذلك لمحاولة "تحقيق المعادلة "بين صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء ). ويعد الدستور المرتقب ثاني دستور للجمهورية التونسية بعد الدستور الأول الذي صدر في جوان 1959 والذي تم التخلي عن العمل به عقب "ثورة الياسمين "وبعد انتخاب المجلس تأسيسي. ومن المنتظر أن يتبنى المجلس التأسيسي التونسي النص الكامل للدستور قبل 14 يناير القادم الذي يصادف الاحتفالات بالإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وحسب القانون المعمول به فان المصادقة النهائية على النص الكامل يتطلب أغلبية الثلثين مما يلزم موافقة 145 نائبا على الأقل من أصل 217 عضوا في المجلس التأسيسي. وفى حال عدم التحصل على نسبة الثلثين خلال جلسة التصويت فإنه يمكن عرض نص الدستور على الاستفتاء الشعبي وهو الخيار الذي ترفضه جل القوى السياسية كون هذه العملية تتطلب عدة أشهر مما "يطيل" في الفترة الإنتقالية . ويرى المراقبون أن عملية الاستفتاء قد تزيد في التوترات السياسية "وتعمق" الأزمة السياسية القائمة علاوة على تكلفة الاستفتاء على الخزينة العامة للدولة. كما ابرز المتتبعون للشأن التونسي أن لجنة التوافقات داخل المجلس التأسيسي "حسمت بشكل عام أغلب الخلافات الكبيرة بين القوى السياسية مما سيجعل المصادقة على مشروع الدستور في 14 من الشهر الجاري أمرا واردا دون المرور إلى الاستفتاء الشعبي.