أبرز الوزير الأول، عبد المالك سلال، يوم الأربعاء بالجزائر العاصمة، أهمية مواصلة الجهود التي تبذلها حركة البلدان غير المنحازة في سبيل عولمة ذات مسحة إنسانية أكثر توازنا وتضامنا. وأوضح السيد سلال في كلمة ألقاها باسم رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في افتتاح الدورة الوزارية لحركة البلدان غير المنحازة، أن الغاية من مواصلة ذات الجهود هي "توزيع ثمار التقدم العالمي على البشرية جمعاء". و أكد في نفس الوقت ضرورة التزام أعضاء الحركة على تعزيز تضامنهم و قدرتهم على الدفع بها ك"قوة عمل واقتراح من شأنها المشاركة في إثراء النقاش الدولي وفي مسارات اتخاذ القرار على المستوى العالمي"، و كذلك لمواجهة التحديات الراهنة التي تفرضها العولمة، منوها بقيم التآزر والتضامن التي تصنع قوتها وصاغت تاريخها ورسمت هويتها منذ تأسيسها. و بعد أن ذكر بفضل العولمة في تفجير قوى الإنتاج أشار سلال في نفس الوقت، إلى المجال الذي فتحته للمضاربة وللاقتصاد الافتراضي، معتبرا أنها "قربت بفضل التجارة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال بين بلدان وأناس كانوا بالأمس يجهل بعضهم بعضا لكنها قد رمت، كذلك، بالأشد ضعفا وحرمانا من بيننا إلى الهامش فزادتهم ارتباكا وارتيابا". و في هذا الشأن، أكد أن إصلاح المنظومة المتعددة الأطراف "يفرض إضفاء مزيد من التناسق السياسي والتوافق الاقتصادي الكلي، حتى يتسنى تكييفه مع واقع الراهنة"، مبرزا ضرورة استقطاب كل طاقات تعزيز دور الجمعية العامة وإصلاح مجلس الأمن باتجاه توسيعه موازاة -كما أوضح- مع إعادة تشكيل المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية. و اغتنم سلال هذه المناسبة، للتطرق إلى الإرهاب المتواطئ مع الإجرام العابر للأوطان وتهريب المخدرات واصفا إياه ب"الآفة بالغة الخطورة بالنسبة للمجموعة الدولية" لكونه "يرمي إلى النيل من النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي لدولنا ويسعى، تدريجيا، إلى توسيع مساحات اللاأمن واللااستقرار، كما هو الحال في منطقة الساحل". و في هذا الصدد، أعرب عن ارتياحه لكون "المجموعة الدولية أصبحت تعي مدى خطورة هذا التهديد وأنها قررت التصدي لها بطريقة منسقة وتوافقية على مستوى الأممالمتحدة وعلى المستوى الجهوي على حد سواء"، مؤكدا في هذا الشأن "الأهمية القصوى" لمواصلة الحركة التزامها الجماعي والمتضامن و توحيد دولها الأعضاء جهودها بغية "قطع شأفة هذه الآفة العابرة للأوطان". و من جهة أخرى قدم سلال عرضا حول التحولات التي شهدتها الجزائر منذ سنة 1988 في المجال السياسي و الاقتصادي و التي تواصلت و تعمقت رغم تعطل مسارها خلال سنوات الإرهاب، بفضل "سياسة الوئام والمصالحة الوطنية، وإعادة الاعتبار لدور الدولة وتحديث الاقتصاد". و لم يفوت الفرصة للحديث عن رئاسيات ال17 أبريل 2014، التي شكلت -كما قال- "محطة نوعية جديدة في تعميق الممارسة الديمقراطية وتعزيز دولة الحق والقانون" و عن خارطة الطريق التي تلقتها الحكومة الجديدة من رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، و التي تحدد المعالم لمخطط عمل ذو بعدين، سياسي واجتماعي-اقتصادي. و أوضح سلال أن خارطة الطريق هذه تبرز أولولية إصلاح الدستور، الذي سيشرك فيه من منطلق روح توافقية كافة الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والفاعلين في المجتمع المدني و تضع على عاتق السلطات العمومية تنفيذ إجراءات تحسين ملموسة لممارسات الحكم الراشد، لاسيما محاربة الفساد والحفاظ على المال العام وترشيد النفقات العمومية وتحسين الخدمة العمومية. و أضاف أن هذه الخارطة تنص كذلك على آلية للإنعاش الاقتصادي المرجو منها، بعد أمد، تنويع الاقتصاد الوطني وجعله أكثر إنتاجية وأكثر تنافسية، مشيرا أن ذات المخطط سيعزز الإنجازات الكبرى المحققة خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء المنشآت القاعدية الأساسية وتأهيل الجهاز الإنتاجي وانعاشه. و أكد سلال على ضرورة استجماع شروط الاستقرار والأمن الدائمين، من أجل جني ثمار هذه الإصلاحات و تأمين التنمية ورفع التحديات والتهديدات التي ما تزال تلقي بظلالها على العلاقات الدولية. و اغتنم الوزير الأول المناسبة لاستحضار ذكرى القمة الرابعة لحركة البلدان غير المنحازة التي انعقدت في سبتمبر 1973 بالجزائر برئاسة الرئيس الراحل هواري بومدين عقب ندوة وزارية ترأسها عبد العزيز بوتفليقة، وزير الشؤون الخارجية آنذاك.