قدم فيلم "الوهراني" ثاني فيلم طويل للمخرج و الممثل اليأس سالم في عرض أولي أمام الصحافة صباح يوم السبت بالجزائر العاصمة. يثير الياس سالم في هذا الفيلم الجديد الطويل الذي يأتي بعد فيلمه الطويل الأول "مسخرة" الذي عرف نجاحا كبيرا على مدى ساعتين من الزمن "تيمات " عديدة في رحلة بعث عن الذاكرة تتعاقب فيها الصور و الذكريات في تجاذب بين اللحظات الحاسمة لقيام الحرب التحريرية ضد المستعمر وأهم المراحل بعد الاستقلال . من خلال قصة إنسانية تتحدث عن التضحية والصداقة والحب بنيت على خلفية علاقة صداقة ونضال بين بطل الفيلم جعفر الملقب بالوهراني (الياس سالم ) و حميد ( خالد بن عيسى) قام المخرج بمسح شامل لمرحلة هامة من تاريخ الجزائر انطلقت من أيام الثورة التحريرية لتواصل إلى أواخر الثمانينات. يطرح الفيلم بكثير من الجراءة قضايا سياسية و اجتماعية و الصراعات التي أفرزتها تلك المرحلة و الخلافات بين رجال وحدتهم قضية تحرير البلاد في يوم من الايام لكن فرقتهم هموم و انشغالات مرحلة بناء الوطن حيث كل واحد له نظرته الخاصة للموضوع . فضل المخرج و هو أيضا كاتب السيناريو البقاء محايدا في تناوله للتطورات و التغيرات التي طرأت على أبطال القصة و لم يريد إصدار أحكام على تصرفات و مواقف شخوصه كما صرح خلال النقاش الذي تلي الفيلم معتبرا أن هناك دوافع و ظروف تكون وراء ذلك . إلا أن ذلك لم يمنع الفيلم من أن يكون جريئا و ناقدا للأوضاع كما انه حاول قدر الإمكان تقديم صورة واقعية للإحداث التي تناولها بدأ من مرحلة الثورة إلى مرحلة بناء الوطن . كما اعتمد المخرج في عمله كثيرا على الجوانب الإنسانية والحميمة التي بلغت أوجها في بعض المشاهد المؤثرة على غرار لحظة عودة المجاهد جعفر أو الوهراني بعد الاستقلال إلى بيته ليفاجأ بنبأ وفاة زوجته ياسمين التي تم اغتصابها من قبل ابن احد المعمرين و تترك وراءها طفلا كان ثمرة ذلك الاغتصاب، فرغم تلك الصدمة يحتضن جعفر ذلك الطفل و يكون له بمثابة الأب الحقيقي . تبدأ رحلة أخرى بين جعفر و الطفل بشير حيث يصر الأب على إخفاء الحقيقة عليه لكن سرعان ما يبدأ الطفل في البحث على السر في اختلاف شكله عن باقي أفراد العائلة . و كان شبح ياسمين التي لم تظهر في الفيلم حاضرا بقوة خاصة و أن وزجها عان كثيرا من رحيلها كما لم يقبل إخفاء أصدقاءه لموتها خلال تواجده بالجبل، معتبرا ذلك بمثابة خيانة و كذب لاسيما من قبل صديق عمره حميد الذي اعتلى مناصب سياسة عليا بعد الاستقلال. رغم تغير نظرة حميد لبعض المسائل إلا انه بقي قريبا من جعفر و حاول مساعدته في تجاوز محنته في فقدان ياسمين . استطاع المخرج بفضل تحكمه في أطوار القصة و الأداء الناجح للممثلين الرئيسين اليأس سالم و خالد بن عيسى و جمال براك أن يشد اهتمام الحضور دون ملل رغم طول مدة الفيلم . وقد ساهم أداء الممثلين إعطاء قوة للعمل و كان للمخرج فضل في ذلك حيث حرص على أدق التفاصيل و عمل طويلا مع الطاقم الفني الذي تسلم السيناريو سنة قبل بدء التصوير كما قال خالد بن عيسى أثناء النقاش . و قد اعتبر اليأس سالم أن فيلم الوهراني المشبع بالرمزية يتطرق لمرحلة هامة من بناء جزائر ما بعد الاستقلال ويطرح أسئلة شرعية و ضرورية لقبول وتبني الذاكرة. سمح أداءه المتميز لدور الوهراني للالياس سالم من الحصول على جائزة "لوفالوا لأحسن دور "في المهرجان السابع للفيلم لانقولام (فرنسا) و سبق للسالم أن نال نفس الجائزة عن دوره في فيلمه "مسخرة" سنة 2007 . هذا الفيلم الجديد إنتاج مشترك بين الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ومؤسستي "لايث ميديا " و""دارام صالا" و سيوزع قريبا في قاعات السينما بالجزائر.