تم اليوم السبت إحياء الذكرى ال350 سنة لحادثة هزيمة دوق بوفورت الذي قاد في سنة 1664 حملة عسكرية فرنسية من أجل احتلال مدينة جيجل. و تناولت هذه الندوة التي نظمت بالمركز الثقافي الإسلامي أحمد حماني بجيجل بمبادرة من جمعية "المجد للتاريخ و التراث" لولاية جيجل وتتزامن والذكر ال60 لاندلاع الثورة التحريرية واستشهاد الرائد حسين رويبح الذي كان محافظا سياسيا للولاية الثانية التاريخية "المقاومة البطولية لسكان هذه المنطقة الساحلية من الوطن أمام هذا الإنزال العسكري الذي قرره لويس الرابع عشر من أجل إقامة قاعدة بحرية دائمة بالمنطقة". وفي هذه الندوة التي جمعت مثقفين و طلبة جامعات و ثانويات و عديد المواطنين تحدث المحاضر عبد اللطيف سفيان من جامعة وهران عن "المقاومة الطويلة لسكان جيجل ضد الاستعمار الفرنسي". وتناول المؤرخ مختلف الحضارات التي مرت بهذه المنطقة الشمالية التي تملك تاريخا عريقا و التي ظلت المقاومة على أراضيها مستشهدا في ذلك بعديد المصادر التاريخية. وذكر المتحدث أن جيجل العتيقة تعرضت في 1664 إلى هجوم كبير شنه الملك لويس الرابع عشر تحت ضغط من أحد وزرائه و هو جون بابتيست كولبير (1619-1683) مشيرا الى الانزال العسكري بقيادة فرانسوا دو بوربون فاندوم و هو ثاني دوق لبوفورت بجيجل بتاريخ 23 يوليو 1664 بالقرب من المكان المسمى سيدي عمار إلا أن هذا الاحتلال لم يدم طويلا بفضل المقاومة الشرسة للسكان المحليين. إذ بعد 3 أشهر من المواجهات انهزم الطاقم العسكري بتاريخ 31 أكتوبر 1664 على يد السكان المحليين الذين ساعدهم الجيش الانكشاري لداي الجزائر الذي وصل متأخرا إلى المكان. وبعد تلك الهزيمة القاسية و عاد الجنود الذين ظلوا على قيد الحياة من الطاقم العسكري الى فرنسا الا أن مدينة تولون التي أصابها وباء الطاعون لم تستقبل الناجين من البحرية الملكية حيث تم إرسالهم نحو المدن المجاورة. وذكر المحاضر أن ذريعة ذلك المرض "لم تكن سوى طريقة لإلهاء السكان عن الهزيمة الساحقة التي لحقت بالقوات الفرنسية بجيجل حيث انكسرت إحدى السفن التي تحمل اسم "لا لون" (القمر) و التي كانت مملوءة بالرجال و في حالة سيئة إلى اثنين و غرقت بأقصى ميناء تولون حيث تم العثور على حطام السفينة في سنة 1993 عن طريق الصدفة في عرض ساحل هذه المدينة الواقعة جنوبفرنسا". واعتبر المحاضر أن إحباط محاولة السيطرة على جيجل بفضل السكان المحليين والدعم الذي قدم من طرف آغا شعبان بالجزائر العاصمة لم تهضمه فرنسا وانتقمت بالقيام باحتلال كامل الجزائر فيما بعد. وكشف السيد سفيان أنه من المفارقات أو المصادفة التاريخية أنه تم الهجوم على جيجل في يوليو و تم تحريرها في 1 نوفمبر 1664 مشيرا أنه بعد حوالي 3 قرون اندلعت الثورة التحريرية للجزائر بتاريخ 1 نوفمبر 1954 لتسترد استقلالها في 5 يوليو 1962. وشدد البروفيسور عبد اللطيف سفيان على "ضرورة كتابة تاريخ البلاد حتى لا يتم الاعتماد فقط على مؤلفات و كتابات و أدلة و مصادر قادمة من الضفة الأخرى لحوض البحر الأبيض المتوسط" حيث اعتبر أن 'هذه المصادر منشورات تشوه حقيقة شعب شجاع تمكن بكل قوة من مواجهة محاولات أو حملات احتلال أرضه".