شكلت الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 17 أفريل الماضي تحديا رفعه الشعب الجزائري بنجاح خلال سنة 2014 بالنظر إلى الظروف التي واكبت هذا الحدث الهام، سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الدولي. وقد حظي استحقاق 17 أفريل الماضي الذي أفضى إلى فوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعهدة رئاسية جديدة بنسبة 53ر81 بالمئة، بمتابعة متميزة من طرف العديد من البلدان لاسيما تلك المرتبطة بمصالح اقتصادية مع الجزائر وكذا من طرف العديد من الملاحظين من مختلف المنظمات والهيئات الدولية وكذا وسائل الإعلام. وبالرغم من الحراك السياسي وبعض الاضطرابات التي صاحبت سير الحملة الانتخابية للمترشحين، إلا أنها لم تؤثر على العملية الانتخابية التي جرت في ظروف جيدة وسط إصرار الجزائريين على صون أمن واستقرار بلدهم في ظل الأزمات التي تعيشها بعض البلدان العربية. إشادة دولية بحسن سير الانتخابات وبالرغم من الانتقادات التي صاحبت الإعلان عن نتائج الاستحقاق من طرف بعض الأحزاب والشخصيات، إلا أن العملية الانتخابية لقيت إشادة من طرف عدد كبير من الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية من جهة ومن قبل كبار الدول في العالم من جهة أخرى. وفي هذا الإطار تلقى الرئيس بوتفليقة برقيات تهنئة من ملوك و رؤساء دول و حكومات شقيقة و صديقة ومنظمات دولية بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للبلاد للمرة الرابعة. ومن بين الذين بادروا بتهنئة رئيس الدولة بفوزه، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي جدد "إرادة" بلاده في مواصلة العمل مع الجزائر وكذا وزير الشؤون الخارجية البريطاني ويليام هيغ الذي أشاد بسير الانتخابات في كنف "الهدوء و السكينة". كما أعرب رئيس الحكومة الإسباني، ماريانو راخويمن، عن تمنياته للرئيس بوتفليقة بالنجاح ومواصلة العمل على دفع الإصلاحات وتكريس التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبدوره هنأ الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الشعب الجزائري وحكومته على سير الانتخابات الرئاسية "في كنف الهدوء والسلم" وشجعهما على العمل معا على تعزيز المسار الديمقراطي في البلاد. وعلاوة على العديد من رؤساء وملوك ومسؤولي بلدان العالم، حيت عدة منظمات إقليمية ودولية على غرار منظمة التعاون الإسلامي والإتحاد الإفريقي والشبكة الدولية للحقوق والتنمية التي أوفدت بعثات لمتابعة سير العملية، الجو الذي جرت فيه الانتخابات والذي تميز كما أكدو ب"الشفافية" و"النزاهة". تحديات في الأفق ... من جهة أخرى، شكلت انتخابات السابع عشر أفريل لبنة جديدة في صرح استكمال مسار الإصلاحات وتكريس الديمقراطية وحكم المؤسسات التي شرع فيها رئيس الدولة منذ عهدته الماضية. وفي هذا الإطار يعد مشروع تعديل الدستور من بين الورشات التي تنتظر التجسيد خلال هذه العهدة، حيث تم مباشرة بعد الاستحقاق الرئاسي، الشروع في مشاورات واسعة بشأنه جمعت خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين السلطة بالعديد من الأحزاب والشخصيات والجمعيات بهدف التوصل الى وثيقة دستور توافقي. على الصعيد الاقتصادي، حمل برنامج رئيس الدولة خلال حملته الانتخابية العديد من النقاط تصب في خانة إنعاش ودعم الاقتصاد الوطني بغية الخروج نهائيا من التبعية لقطاع المحروقات. و في هذا الشأن يولي برنامج رئيس الدولة (2015-2019) إهتماما كبيرا بتطوير قطاع الصناعة من خلال بعث قاعدته عن طريق الاستثمارفي العديد من المجالات على غرار البترو كيمياء، الحديد والصلب والمناجم وكذا قطاع الفلاحة باستصلاح المزيد من الاراضي وبناء السدود وتشجيع الشباب على الاستثمار في هذا المجال الحيوي. ولعل ما يعزز هذا المنحى هو توجه الجزائر الى تنويع شراكتها الاقتصادية مع العديد من البلدان مثلما تبرزه الاتفاقيات التي أبرمت مع فرنسا وقطر على وجه الخصوص. على الصعيد الاجتماعي، يواصل برنامج رئيس الجهورية، خلال هذه العهدة، سياسية إزالة الفوارق الجهورية من خلال برنامج تنمية الهضاب العليا والجنوب بالموازاة مع الاستمرار في الاهتمام بالفئات الهشة من المجتمع عبر العديد من الآليات، خاصة تلك المتعلقة بتمكينها من الحصول على السكن بمختلف الصيغ وكذا ترقية الخدمات في قطاعات الصحة والتربية والربط بشبكة الغاز والكهرباء، ناهيك عن خلق مناصب الشغل وتدعيم الشباب الراغب في الاستثمار.