تسعى الأطراف المعنية بأزمة شمال مالي وفي مقدمتها الحكومة المالية إلى التوصل إلى اتفاق شامل و نهائي ويضع حدا لأعمال العنف التي تشهدها المنطقة من حين لآخر. ففي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي مساء يوم الثلاثاء دعا وزير الخارجية المالي عبد اللاي ديوب المجلس إلى "الضغط" على الحركات السياسية المسلحة الناشطة في شمال مالي و المنخرطة في مسار مفاوضات الجزائر "من أجل حمل قادتها على الإنخراط شخصيا في هذا المسار". وقبيل انعقاد الجولة الخامسة من المفاوضات الجوهرية بين الفرقاء الماليين في إطار مسار الجزائر المرتقبة شهر فيفري المقبل أكد ديوب "إننا لسنا بعيدين من التوصل إلى إتفاق" من شأنه وضع حد لأزمة الشمال المالي. من جهته إعتبر قائد عملية الأممالمتحدة لحفظ السلم في مالي هيرفي لادسوأن مسار المفاوضات بين الفرقاء الماليين في "مرحلة حاسمة" معربا عن قلقه إزاء التطورات الأمنية في المنطقة. كما دعا لادسو الأطراف المعنية بالحوار إلى "التحلي بروح القرار والقيادة والإرادة في التوصل إلى إتفاق" معتبرا أن الإتفاق المرتقب التوصل إليه "لابد ان يتضمن الترتيبات المتعلقة بتجسيده ميدانيا". وتعد منظمة الأممالمتحدة شريكا في مسار المفاوضات بشأن الأزمة المالية بإعتبارها عضوا في فريق الوساطة الذي يضم كلا من الإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي و منظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإقتصادية لتنمية دول غرب إفريقيا (الإكواس) بالإضافة إلى دول الجوار ممثلة في موريتانيا ونيجيريا و النيجر و تشادو بوركينافاسو. وتأتى تصريحات ديوب بعد أعمال العنف المتفرقة التي شهدتها بعض المناطق شمال البلاد مؤخرا حيث لقي سبعة جنود ماليين على الأقل مصرعهم في هجوم شنه مسلحون يوم الإثنين في بلدة نامبالا على بعد حوالي 520 كيلومترا شمال شرق العاصمة باماكو. كما تعرض معسكر تستخدمه القوات المالية والدولية في تيساليت بأقصى شمال شرق مالي لقصف صاروخي يوم الأربعاء الماضي من دون وقوع ضحايا حيث أوضحت مصادر عسكرية في مالي أن "أربعة صواريخ أطلقت على المعسكر الذي يأوي القوات الفرنسية وقوات الاممالمتحدة والقوات المالية دون سقوط ضحايا" وهو الهجوم الذي تبنته جماعة "انصار الدين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" الإرهابي. يأتى هذا في حين يعكف فريق الوساطة على توفير الظروف الملائمة لإستئناف المفاوضات بين الفرقاء الماليين في جولتها الخامسة المنتظرة شهر فيفري. وقد أفضت آلية الحوار خلال جولاتها الأربع (يوليو-سبتمبر-أكتوبر-نوفمبر) إلى تعميق النظر في كل القضايا الخلافية والوقوف على إنشغالات كل طرف على نفس القدر من الأهمية وهو ما مكن فريق الوساطة من توسيع دائرة التوافق بشأن العديد من المسائل و حصر أوجه الخلاف في نقاط لا تتجاوز الأربع أو الخمس. وتميز هذا المسار بثبات كل الأطراف على نهج الحوار لحل الأزمة على الرغم من محاولات التشويش التي تحدث من حين لآخر من خلال إستهداف القوات الأممية لتحقيق الإستقرار في مالي (مينوسما). وكان الفرقاء الماليون قد إستلموا خلال الجولة الفارطة (نوفمبر) مقترح الوساطة المعدل الموسوم "مشروع الإتفاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية في مالي" والذي أيدته لحد الآن خمس حركات منخرطة في الحوار بوصفه "قاعدة صلبة" للتوصل إلى اتفاق نهائي. وقد إستلم أطراف التفاوض هذه الوثيقة "بتفاؤل كبير" كونها تشمل كل الإنشغالات المعبر عنها في جميع مجالات التفاوض حيث يعكف حاليا كل طرف على دراسة هذه الوثيقة قبل المرحلة المقبلة. وكانت الوثيقة محل "نشر واسع" لدى مؤسسات الدولة والقوى الحية بمالي من قبل الحكومة التي جمعت مساهمات مختلف تشكيلات وتيارات المجتمع في حين أعربت الحكومة عن ارتياحها "خاصة لتجديد التأكيد في المشروع على ثوابت أمة مالي وأسس الجمهورية المتمثلة في السلامة الترابية والوحدة الوطنية والطابع الجمهوري والعلماني للدولة".