أكد المختص القانوني و الأستاذ بالمدرسة العليا للقضاء نور الدين لمطاعي يوم الخميس ان بعض المواد المتعلقة بالطلاق في قانون الأسرة يكتنفها "الغموض والإبهام" ولم يحددها المشرع بدقة ووضوح و قد تؤدي الى تعسف أحد الزوجين. وقال السيد لمطاعي في تصريح ل"واج", أن بعض المواد في قانون الأسرة "لم يحددها المشرع بدقة ووضوح, وهذا ما يجعلها قابلة للتأويل أو إلى صدور أحكام قضائية غير سديدة خاصة تلك المتعلقة بعدة الطلاق". التعسف في الطلاق الرجعي, أي الطلاق الذي يمكن فيه للزوج إرجاع زوجته قبل انقضاء العدة لا يتسبب فيه النص القانوني في حد ذاته, بقدر ما يرجع إلى تأويلاته حسب السيد لمطاعي الذي سجل أيضا "وجود تناقض" في بعض مواد الطلاق في قانون الأسرة. وكان رئيس الجمهورية في رسالته يوم 8 مارس بمناسبة عيد المراة قد أعلن أنه قد أمرالحكومة بمراجعة وتعديل قانون الأسرة في مواده ذات الصلة بالطلاق التي تحتمل عدة تأويلات, وذلك "بما يضفي عليها طابع الوضوح والدقة ويسد الثغرات ويضمن حماية حقوق الزوجين والأولاد". ويتضمن قانون الأسرة المعدل سنة 2005 ساري المفعول مجموع 224 مادة, منها 36 خاصة بالطلاق وتبعاته في بابه الثاني (من المادة 47 إلى المادة 80). وسجل الأستاذ لمطاعي أن المادة 49 التي تنص على أن الطلاق لا يثبت الا بحكم "يفهمها الكثيرعلى أن الطلاق لا يقع إلا بعد صدور الحكم القضائي, رغم أن المادة 48 تنص صراحة على أن عقد الزواج يحل بالطلاق الذي يتم بإرادة الزوج أو بتراضي الزوجين أو بطلب من الزوجة". وحسب هذه المادة, فإن الطلاق يقع بعد تصريح الزوج بذلك, والعدالة تقوم فقط بتثبيته, كما جاء في المادة 49 من نفس القانون, ولكن الاعتقاد بأن المحكمة هي التي تطلق "طغى على الساحة حتى كاد أن يصبح مسلما به" كما أضاف. إن أهمية التطبيق السليم للمادتين 48 و49 حسب السيد لمطاعي تكمن في العدة التي حددها القانون بثلاثة أشهر وما ينجر عنها من تبعات كالنفقة والمسكن والميراث في حال وفاة أحد الزوجين وفي طلب الرجوع الى مسكن الزوجية الذي لا يكون شرعيا إلا قبل انقضاء العدة. ويقضي التشريع باستحقاق الإرث اذا توفي أحد الزوجين قبل انقضاء مدة العدة وهذا ما يبرز أهمية تحديد تاريخ بدايتها حسب الجامعي. ويضيف, أن المادة 132 من الاحكام العامة لقانون الأسرة التي تنص على أنه "اذا توفي أحد الزوجين قبل صدور الحكم بالطلاق أو كانت الوفاة في عدة الطلاق استحق الحي منهما الارث يجب اعادة صياغتها لأنها "تناقض نفسها, كون الحكم قد يصدر بعد أشهر عديدة من مضي العدة". ويقترح أن تعوض كلمة "أو" بحرف "و" حتى تصبح المادة سليمة, أي أن يحق الميراث قبل صدور الحكم وكانت الوفاة قبل انقضاء العدة. وفي رأي السيد لمطاعي إن احتساب الطلاق ابتداء من صدور حكم المحكمة بالطلاق الذي قد يكون بعد أشهر عديدة من تصريح الزوج بالطلاق ورفعه لدعوى قضائية لتثبيته قد يكون له أيضا نتائج وخيمة على المطلقة بحكم "تعسف" الزوج. وأوضح أنه يحدث كثيرا أن يطلب الزوج إلزام زوجته الطالق بالرجوع إلى بيته, في حين تكون مدة عدتها قد انقضت, واذا رفضت, يطلب الزوج التعويض رغم أن ذلك ليس من حقه, وينطق القاضي بطلاق النشوز وتبقى بذلك المطلقة طيلة مدة العدة في حكم غير المطلقة. ويرى الأستاذ لمطاعي أن المادة 50 من نفس القانون تحتاج أيضا الى إعادة صياغة, علما أنها تقضي بأن من راجع زوجته أثناء محاولة الصلح لا يحتاج الى عقد جديد ومن راجعها بعد صدور الحكم بالطلاق يحتاج الى عقد جديد. إن هذه المادة في نظر الأستاذ لمطاعي تناقض مواد أخرى لأنه بمرور العدة لا يمكن إعادة الزوجة, وأن حكم العدالة قد يصدر أشهر عديدة بعد الأشهر الثلاثة التي تلي تصريح الزوج بالطلاق, فبالتالي الرجوع بعد انقضاء العدة يحتاج الى عقد جديد. ان هذه المادة تناقض المادة 48 التي تقضي بأن عقد الزواج يحل بمجرد تصريح الزوج بالطلاق في حال تم ذلك بإرادته, كما أن المادة 52 تؤكد هذا الطلاق إذ تقول "اذا تبين للقاضي تعسف الزوج في الطلاق (...)" أي تتحدث عن الطلاق قبل صدور الحكم. وتناقض المادة 50 أيضا نفسها حسب السيد لمطاعي لأن القاضي إذا نطق بحكم الطلاق ولم تمض فترة العدة فبإمكان الزوج إعادة طليقته دون عقد جديد. ولتجاوز الكثير من المشاكل الناجمة عن تأخير مدة تثبيت العدالة وإصدارها لحكم الطلاق, فإن الاستاذ يقترح على المشرع إضافة مادة قانونية يفرض من خلالها تقييد دعاوى الطلاق لأول جلسة من الأسبوع الذي رفعت فيه الدعوى وتعديل المادة 49 بما يمنع صدور الحكم بالطلاق قبل انقضاء مدة العدة. كما أن المادة 58 تحتاج إلى توضيح إذ تقضي بأن تعتد المطلقة ثلاثة أشهر من تاريخ التصريح بالطلاق, وقد يفهم من ذلك أن التصريح هو الحكم القضائي وعلى المشرع أن يوضح ذلك باضافة كلمة واحدة هي الزوج, أي تصريح الزوج بالطلاق حسب نفس المختص. ومن جهة أخرى, يعيب الجامعي على قانون الأسرة, كونه لم يحدد العدة في حالة الطلاق بالتراضي و كذا في الخلع و التطليق وهذا حسبه "أدى إلى غموض وأخطاء عند الفصل في القضايا" خاصة في قرارات المحكمة العليا. من جانب آخر, دعا الأستاذ لمطاعي المرأة إلى الوعي بأنها طالق بمجرد نطق زوجها بذلك, وأن عدتها تبدأ من ذلك اليوم مهما كان التاريخ الذي يصدر فيه حكم إثبات الطلاق من العدالة, حتى لا تسمح لمطلقها أن يعتدي على حقوقها. وأكد أن التعسف الحاصل إن كان يعود إلى بعض المواد التي تحتاج إلى توضيح أكثر, ففي أحيان أخرى تكون النصوص واضحة ولكن ما يطبق هو ما جرت عليه العادة. وعن تداعيات مراجعة قانون الأسرة على نسبة الطلاق في الجزائر, يرى السيد لمطاعي أن ذلك قد لن يحدث ولكنه "سيحد حتما من التعسف في استعمال حق الطلاق". وللإشارة, فإن السيد لمطاعي, أستاذ أيضا في كلية الحقوق بجامعة الجزائر, وقد أصدر كتابا حول عدة الطلاق وآثارها على الأحكام القضائية سنة 2009.