استلزم بعث الإنتاج الوطني ليتسنى تدريجيا استخلاف الصادرات التي باتت مكلفة جدا في سياق انخفاض كبير لعائدات النفط تعبئة سنة 2015 كل الطاقات التي يتوفر عليها قطاع الصناعة بصفته "محرك بلا منازع للنمو". و قد تجلت هذه الإرادة في جعل من بعث استثمار منتج و تنويع الاقتصاد الوطني أولوية الساعة من خلال إعادة تنظيم القطاع التجاري العمومي و مباشرة مراجعة قانون الاستثمار و انطلاق انجاز مركب الحديد و الصلب لبلارة و كذا إعداد دفتر شروط جديد خاص بوكلاء السيارات. ذلك هو الثمن الذي تعتزم به الحكومة تحقيق "بروز الاقتصاد" سنة 2019 مع نمو يقدر ب 7 بالمائة خارج المحروقات محققة أساسا من القطاع الصناعي و مباشرة إعادة بناء الأطر التنظيمية و القانونية لعدة نشاطات تابعة للقطاع. و قد أفضت إعادة تنظيم القطاع العمومي التجاري في فيفري الفارط إلى بروز 12 مجمعا اقتصاديا منبثقا عن 14 شركة تسيير مساهمات الدولة و 5 مجمعات قديمة مكونة للقاعدة الصناعية العمومية إضافة إلى 7 مجمعات جديدة تعتبر جميعها "محركا للنمو". و قد تم اختيار الفروع السبعة المدمجة في التراث الصناعي العمومي (الصناعة الغذائية الزراعية و الكيمياء و الميكانيكا و التعدين و الحديد و الصلب و النسيج و التجهيزات الكهربائية و الكهرومنزلية و الالكترونية و مجمع مخصص كلية للصناعات المحلية) بهدف تعزيز و تشجيع نشاطات "إستراتيجية" تثقل كاهل ميزانية الدولة. إعادة بناء الإطار القانوني للاستثمار و في سياق هذا المنطق باشرت وزارة الصناعة و المناجم في بداية سنة 2015 إعداد قانون جديد للاستثمار من شأنه تكريس "حرية الاستثمار". و يرمي مشروع النص هذا المتمم لقانون الاستثمار لسنة 2001 الذي استكمل و صادقت عليه الحكومة و الذي ما يزال قيد الدراسة على مستوى البرلمان إلى تحقيق نوع من "الاستقرار و الشفافية" للإطار القانوني المسير لهذا المجال في الجزائر. و من المنتظر ان يكون مشروع القانون المستلهم من العقد الاقتصادي و الاجتماعي للنمو إطارا "محفزا" و "مرافقا" للمؤسسة صغيرة كانت أو كبيرة و وطنية كانت أو أجنبية. و مع ذلك فإن هذا المشروع الذي انتظره المتعاملون الوطنيون و الأجانب كثيرا لن يصدر إلا سنة 2016. و قد أصدرت الوزارة أيضا خلال شهر مارس المنصرم دفتر شروط جديد يحدد نشاط وكلاء السيارات الجديدة بهدف وضع حد للعديد من اختلالات سوق مدعم بالواردات. و مع ذلك ينتظر الوكلاء صدور دفتر الشروط المسير لنشاطاتهم الصناعية (المناولة أو التركيب) و هو إلزام يفرضه قانون المالية لسنة 2014 لم يتم إتباع نصوصه التطبيقية. و من شان هذا النص الذي سيصدر في بداية 2016 تأطير نشاط تركيب السيارات في الجزائر الذي يبقى في بدايته و تنوي السلطات العمومية دفعه بالنظر إلى ما يحمله من قدرات من حيث المناولة و بالتالي النمو و التشغيل. مشاريع تم تجسيدها و أخرى جارية و بشكل ملموس تميزت سنة 2015 على وجه الخصوص بتدشين في ماي الفارط مصنع لتركيب و صيانة التراموي بعنابة و خاصة وضع الحجر الأساس لمركب الحديد و الصلب ببلارة (جيجيل) في شهر ماي بعد أربعين سنة من "الغموض". و من شأن هذا المشروع الذي يعتبر نتاج شراكة جزائرية قطرية بكلفة ملياري (2) دولار أن ينتج سنة 2017 مليوني (2) طن من الفولاذ في السنة قبل مضاعفة إنتاجه في أفق 2019 علما أن الواردات من المنتوجات الفولاذية تكلف الجزائر أكثر من 10 ملايير دولار سنويا. كما تميزت سنة 2015 بتصنيع أول سيارة تحمل "علامة جزائرية" سيارة رونو سامبول ليتم بعدها مباشرة مفاوضات مع صانع سيارات فرنسي آخر بوجو لخوض تجربة جديدة في تركيب السيارات و المناولة. و استرجعت الدولة من جهة أخرى في أكتوبر 2015 مجموع أسهم مجمع ارسيلور ميتال التي كانت تتقاسمها مع الهنديين و هو إجراء من شأنه إعطاء دفع جديد للصناعة الوطنية للحديد و الصلب. إعطاء الأولوية للمنتوج الوطني و تثمين المناجم الانتقال من اقتصاد تنمية إلى اقتصاد نمو قادر على التصدير : لقد بررت هذه الضرورة التي ميزت السنة المنقضية مسعى حكوميا قائما على إشراك المتعاملين الوطنيين للقطاعين الخاص و العام و كذا على الشراكة الأجنبية. و عليه تم تنظيم أزيد من عشر لقاءات اقتصادية ثنائية و عقد نحو عشر لجان مختلطة في الجزائر و في الخارج خلال السنة. و يتعلق الأمر بشكل خاص بفرنسيين و أمريكيين و ايطاليين و صينيين و ألمانيين و تونسيين و بولونيين و إيرانيين و سودانيين و جنوب إفريقيين. و أفضت معظم هذه اللقاءات إلى إبرام اتفاقات تعاون اقتصادي و نداءات لتعزيز الاستثمارات في الجزائر عوض الاقتصار على المبادلات التجارية التقليدية. بالنسبة للأجندة الصناعية لسنة 2016 فستكون مكثفة بما أن القطاع سيستكمل الورشات الجارية : قانون الاستثمار و دفتر الشروط لتركيب السيارات و المفاوضات مع صانع السيارات بوجو. كما ستتميز السنة المقبلة بتواريخ هامة لاسيما في الصناعة المنجمية التي تولي إليها وزارة الصناعة أهمية قصوى. سيتعلق الأمر بتجسيد المفاوضات الجارية من اجل إنشاء مجمعات لاستغلال حقول منجمية و منها على وجه الخصوص حقل غار جبيلات (تيندوف) الذي تقدر احتياطاته ب 3 ملايير طن من المعادن.