تتصاعد وتيرة القلق الدولي بشأن فيروس "زيكا" الذي يشتبه في علاقته بالتشوهات الخلقية المسجلة لدى المواليد الجدد بالعديد من دول أمريكا اللاتينية، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة طواريء على المستوى العالمي، مناشدة بحشد الجهود لمكافحة هذا الوباء. وبعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن حالة الطوارئ على المستوى العالمي بسبب فيروس زيكا، أكدت وكالات أممية عزمها دعم المجتمعات المتضررة من الفيروس خاصة مع وجود "شكوك قوية" تربط بين الفيروس والارتفاع الكبير في التشوهات الخلقية لدى المواليد في أمريكا اللاتينية. وبعد أن بات هذا الفيروس منتشرا في 13 بلدا في الاميركيتين، جاءت توقعات أممية بتسجيل أزيد 3 ملايين حالة إصابة هذا العام من بينها 5ر1 مليون حالة في البرازيل. وارتفعت بالبرازيل الحالات المؤكدة والمشتبه بها لمواليد جدد ولدوا برأس صغير على نحو غير عادي و هي الحالات المرتبطة بفيروس "زيكا"، إلى 4074 حالة و ذلك حتى الثلاثين من يناير الماضي بعدما كان العدد 3718 قبل أسبوع. أما في كولومبيا فقد بلغت حالات الإصابة بالفيروس حوالي 20 ألف و 297 حالة، من بينها 2116 حالة إصابة لنساء حوامل يمكن أن تتسبب بتشوهات خلقية للمواليد، في حين تم تسجيل 21 حالة إصابة مؤكدة بالمكسيك، 18 تم داخل البلاد وثلاثة في خارجها. وفي كل من الولاياتالمتحدة و الشيلي وتايلاندا واندونيسيا سجلت أولى حالات الإصابة منذ أيام قليلة إلا أن الوضع في هذه البلدان لم يبلغ درجة وبائية. و في إفريقيا أعلنت جزر الرأس الأخضر عن تسجيل إصابات بالمرض. -- قلق دولي و حشد للجهود للحد من انتشار الفيروس -- وخلال اجتماع طاريء لمنظمة الصحة العالمية يوم الإثنين المنصرم حول الفيروس، أكدت المديرة العامة للمنظمة مارغريت شان على ضرورة التحرك بشكل سريع لمواجهة هذا الوباء، موضحة أن اجتماع خبراء الصحة الدوليين المنضوين في لجنة الطوارىء لدى المنظمة وافقوا على أن "الشكوك قوية (بوجود) علاقة سببية بين الإصابة بفيروس زيكا خلال الحمل وصغر الرأس رغم أنها غير مثبتة علميا". وأوضحت شان إن "الخبراء اعتبروا كذلك أن أنماط التفشي الأخير والانتشار الجغرافي الواسع لأنواع البعوض التي يمكنها نقل الفيروس وغياب اللقاحات واختبارات التشخيص السريعة والموثوقة وعدم توفر المناعة لدى السكان في البلدان المصابة حديثا (...) كلها تشكل أسبابا إضافية للقلق". وأمام هذه المعطيات المقلقة، أكد مدير قسم صحة الأم والأطفال والمراهقين بمنظمة الصحة العالمية، أنتوني كوستيلو، "إن هناك تحديين رئيسيين حاليا يجب معالجتهما الأول هو عدم وجود اختبار تشخيص متاح تجاريا لتحديد المصاب بفيروس زيكا. وأوضح المسؤول الأممي أن الاختبار المتاح في الوقت الراهن لا يكتشف الفيروس إلا بعد نشاطه، مشيرا إلى أن الصعوبة الثانية تتعلق بتشخيص مشكلة صغر الرأس عند الأطفال حديثي الولادة. وأنشأت منظمة الصحة العالمية وحدة استجابة عالمية استعدادا للتعامل رسميا مع المرض مستفيدة من الدروس السابقة في التعامل مع وباء إيبولا. من جانبه، قال صندوق الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف" انه سيعزز التنسيق مع الحكومات لتعبئة المجتمعات المحلية وتعليمهم كيفية الوقاية من عدوى فيروس زيكا. وقال مسؤولون بارزون بالمنظمة إنه رغم عدم وجود دلائل دامغة حتى الآن تربط بين الفيروس وضمور الرأس عند الأطفال، إلا أن هناك مخاوف كافية للتصرف على نحو عاجل. وأكد المسؤولون أن هناك حاجة للتصرف سريعا من اجل تزويد النساء الحوامل بالمعلومات التي يحتجن اليها لحماية أنفسهن وأطفالهن من العدوى. وبدوره وجه الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر نداء عاجلا لجمع المال لتعزيز جهود مكافحة وباء (زيكا) الذي يشكل خطرا على المواليد أمام سرعة انتشاره في أميركا اللاتينية وتسجيل إصابات في قارتي إفريقيا وآسيا. وقال مدير الأميركيتين في الاتحاد الدولي والتر كوتي أن "الطريقة الوحيدة لوقف انتشار الفيروس هي في السيطرة على البعوض الناقل للمرض أو وقف أي احتكاك بينه و بين البشر على أن يترافق ذلك مع تدابير لخفض الفقر". ولهذا وجه الاتحاد نداء عاجلا لجمع التبرعات آملا في جمع 2،3 مليون دولار لدعم جهود المكافحة في الأميركيتين بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية (زيكا) "حالة صحية طارئة على المستوى الدولي". -- فيروس زيكا، الأصل، النواقل و الأعراض -- ويقترن اسم فيروس "زيكا" باسم غابة كثيفة الأشجار تقع في العاصمة الأوغندية كمبالا، وهي الموطن الأصلي لهذا الفيروس الذي ظهر لأول مرة سنة 1947 ليعود ويظهر بالبرازيلوكولومبيا منذ نحو شهر ثم ينتقل وبشكل سريع لاحقا إلى عدد من الدول. وينتقل هذا الفيروس عبر أنواع من البعوض خاصة "البعوضة الزاعجة" و "البعوض الشجري" ويؤدي لأعراض مثل الحمى والطفح الجلدي والصداع التي تستمر لأيام عدة حيث تشير تقارير إلى وجود صلة محتملة بين إصابة الحوامل به وإنجاب أطفال يعانون من التشوه الخلقي الذي يسمى ب"الصعل" وهو صغر الرأس. وفيروس زيكا من الفيروسات المستجدة وقد اكتشف لأول مرة (1947) في "قرود الريص" بواسطة شبكة رصد الحمى الصفراء الحرجية ثم اكتشف بعد ذلك في البشر في عام 1952 في أوغندا وجمهورية تنزانيا ، وينتمي إلى جنس فيروسات تسمى "الفيروسات المصفرة". وقد ظهر أن فيروس زيكا يمكن أن ينتقل بين البشر عن طريق الاتصال الجنسي حكما ظهرت بعض الحالات التي تؤكد إمكانية انتقال الفيروس عبر المشيمة (حالات الحمل) مما يؤثر على الجنين، فقد وجد أنه من الممكن أن ينتقل الفيروس من الأم المصابة إلى الطفل أثناء الولادة.