شرعت روسيا اليوم الثلاثاء في خفض عدد القوات الجوية الروسية في سوريا تزامنا مع قرار الهدنة السارية منذ أسبوع و استئناف مفاوضات "جنيف 3" غير المباشرة بين الأطراف السورية تحت رعاية الأممالمتحدة. و كان بيان الرئاسة السورية أفاد أنه "بعد النجاحات التي حققها الجيش السوري بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في محاربة الإرهاب وعودة الأمن و الأمان لمناطق عديدة في سوريا وارتفاع وتيرة ورقعة المصالحات في البلاد اتفق الجانبان السوري والروسي على تخفيض عدد القوات الجوية الروسية في سوريا". و يأتي هذا القرار -حسب البيان- "بما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية واستمرار وقف الأعمال القتالية وبما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية مع تأكيد الجانب الروسي على استمرار دعم روسيالسوريا في مكافحة الإرهاب". و قد أمر الرئيس الروسي بوتين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بسحب القوات الرئيسية من سوريا بدءا من اليوم الثلاثاء، و جاء ذلك عقب لقاء ثلاثي جمع بوتين بشويغو ووزير الخارجية سيرجي لافروف أمس في الكرملين. و أكد محللون سياسيون في سوريا أن الإعلان المفاجئ عن خفض القوات الجوية الروسية في سوريا سيساهم بكل تأكيد في دفع مفاوضات السلام المنعقدة في جنيف حاليا نحو الأمام مشيرين في ذات الوقت إلى أن هذا الإجراء لا يعني تراجعا في الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية في مكافحة الإرهاب. وقالت الرئاسة السورية بهذا الخصوص، ان روسيا تعهدت بمواصلة دعم سوريا لمحاربة الإرهاب كما أشار بشار الأسد إلى استعداد دمشق لبدء العملية السياسية في البلاد أسرع ما يمكن معربا عن أمله أن تثمر المفاوضات التي بدأت في جنيف بين الحكومة السورية وممثلي المعارضة نتائج ملموسة. التأكيد على أن المفاوضات تبقى الحل الوحيد لتسوية الازمة في سوريا أكد مبعوث الأممالمتحدة الخاص للأزمة السورية ستافان دي ميستورا على أهمية المفاوضات لتسوية الأزمة السورية مشددا في ذات الوقت على ان البديل عن المفاوضات هو العودة للحرب في سوريا. و قال انه طرح خلال لقائه الرسمي الأول مع وفد الحكومة السورية برئاسة سفير سوريا لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري- أفكارا متعلقة بجدول أعمال المفاوضات الذي سيركز على الجوانب السياسية للأزمة ممثلة في الحكومة والدستور الجديد والانتخابات. و سيلتقي دي ميستورا اليوم بمقر الأممالمتحدة، في أول لقاء رسمي مع وفد المعارضة السورية و ستكون المحادثات-على حد قوله- شمولية وتنطلق مما جاء بقرار مجلس الأمن 2254 وكذلك إعلان جنيف. و عن الهوة بين مفاوضى الحكومة والمعارضة في ما يتعلق بمسألة الانتقال السياسي في سوريا،قال دى ميستورا بأن "المفاوضات و محادثات السلام دائما ما تبدأ بتصريحات قوية أو رنانة"مؤكدا على أن "الانتقال السياسى هو أساس كل القضايا التي ستتم مناقشتها خلال مفاوضات جنيف". و اعتبر دي مستورا أن هذه المفاوضات والتي ستكون الأولى من ثلاث جولات ستمثل لحظة "الحقيقة" اذ سيكون موضوع الانتقال السياسي هو النقطة الأساسية لكل القضايا التي ستتم مناقشتها بين وفدى الحكومة والمعارضة السوريتين. من جانبه ، قال الجعفري ان اللقاء مع دي ميستورا كان إيجابيا وبناء، و أن الوفد ناقش مع المبعوث الخاص أهمية وضرورة الإعداد الجيد للمحادثات من ناحية الشكل و بما يسمح بالانطلاق على أسس متينة وصلبة نحو مناقشة المضمون والجوهر، مشيرا إلى ان الحكومة قدمت وثيقة بعنوان"العناصر الأساسية لحل سياسي" إلى دى ميستورا. أما وفد المعارضة فقد طلب الوقوف على عدة نقاط، هي طبيعة الوفود التي وجهت إليها الدعوات لتلك الجولة من المباحثات، وإذا ما كانت تتجنب الثغرات التي أدت إلى إخفاق الجولة الماضية، وأيضا إذا ما كانت كافة وفود المعارضة ستشارك في المفاوضات على قدم المساواة. دعوات لوقف أعمال العنف في سوريا حثت العديد من الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة الأطراف المتناحرة في سوريا على وقف أعمال العنف موضحة أن ما يقرب من 500 ألف شخص عالقون وراء خطوط المواجهة في مدن حمص وحلب بشمال سوريا ومليوني شخص يعيشون في مناطق يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي و أن 250 الف سوري قد قتلوا خلال النزاع المستمر من خمسة أعوام و أن أكثر من نصف السكان اجبروا على الفرار من منازلهم. و قالت ان الإمدادات والمعدات الطبية تحتجز في نقاط العبور وهو أمر"غير مقبول" و هذا على الرغم من تراجع القتال وتحسن إمداد المساعدات الإنسانية وإعادة بدء العملية السياسية، مشيرة إلى ان العالم شهد بصيصا من الأمل في انتهاء الحرب في سوريا. من جهتها ذكرت الأممالمتحدة أن نحو 8.4 مليون طفل سوري، تأثروا بسبب النزاع الدائر في بلدهم منذ خمس سنوات، سواء في داخل البلاد أو كلاجئين في الدول المجاورة، مضيفة أن هذا الرقم يشكل نحو 80 بالمائة من مجموع الأطفال في سوريا. يشار إلى أنه لا تزال الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ في 27 فبراير الماضي سارية حتى اليوم رغم بعض الانتهاكات المحدودة كانت آخرها أمس عندما شن مسلحو المعارضة هجوما على نقاط عسكرية تابعة للجيش السوري بالريف الشمالي لمحافظة حماة وسط سوريا. و على خلفية هذه التطورات على الأرض، قررت منظمة الهلال الأحمر و الأممالمتحدة تأجيل إيصال المساعدات للمتضررين في منطقة قلعة المضيق في محافظة حماة و أربع بلدات أخرى محاصرة من قبل المعارضة المسلحة.