أكد الوزير الأول، عبد المالك سلال، أن الدستور المصادق عليه يوم 7 فبراير المنصرم يعد "خطوة عملاقة" في مسيرة الجزائر و"طفرة" في مجال الحقوق والحريات الجماعية والفردية. وأوضح السيد سلال في حوار مع مجلة "الأهرام العربي" المصرية، أن الدستور الجديد يعد"طفرة في مجال الحقوق والحريات الجماعية والفردية وخطوة عملاقة في مسيرة الجزائر". وأضاف بأن الدستور المصادق عليه أقر أحكاما تضمنت "تقوية للوحدة الوطنية والشخصية الجزائرية من خلال دسترة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية". كما نصت الأحكام الجديدة -- يضيف الوزير الأول-- على "حقوق الإعلام والوصول إلى المعلومة والحرية الأكاديمية والعملية والفنية وحرية المعتقد وحرية النشاط السياسي والتظاهر السلمي، ووجوب حماية الأطفال والمسنين والفئات المحرومة والاستقلال التام للقضاء ومفهوم المحاكمة المنصفة والحق في بيئة سلمية". التشريعات الوطنية المتتالية عززت مكانة المرأة في المجتمع وفي رده على سؤال بشأن البرامج والإجراءات التي وضعتها الحكومة لترقية وضعية المرأة، أكد الوزير الأول بأن التشريعات الوطنية المتوالية "عززت مكانة المرأة وحقوقها"، مبرزا أن التعديل الدستوري الأخير "أرسى هدف الوصول إلى المناصفة بين الرجال والنساء في مجال العمل والمشاركة السياسية والمجتمعية". وفي هذا الإطار أعرب السيد سلال عن "افتخاره بالمؤشرات الايجابية التي تحققت في مجال التكفل بانشغالات المرأة على غرار نسبة النساء العاملات (16،8 بالمائة) وفي البرلمان (32 بالمائة) وفي المجالس المحلية (20 بالمائة) وعدد الناجحات في امتحانات البكالوريا والجامعيات اللائي فقن عدد الذكور في السنوات الخمس الأخيرة". كما أبرز السيد سلال في هذا المجال "حضور المرأة في كل هياكل الدولة من الحكومة إلى الدواوين الوزارية إلى مجلس الدولة إلى أسلاك السفراء والولاة وحتى في رئاسة الأحزاب السياسية". الجزائر واجهت الإرهاب بمفردها لعشرية كاملة وعلى صعيد آخر و بشأن "خصوصية" التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، ذكر السيد سلال بأن الجزائر "واجهت لعشرية كاملة ولوحدها إرهاب مقيتا حصد آلافا من أبنائها"، مبرزا أن المصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أكدت "خيار الشعب من أجل السلم وثقافة العفو والتسامح ونبذه للعنف بكل أشكاله ووضعه للثوابت الوطنية في مرتبة أسمى من المعترك السياسي". وتابع بأن الجزائريين الذين "يعلمون جيدا ثمن الأمن والاستقرار (...) لا يتسامحون مع المتاجرين بقيم الدين أو الوطنية، كما أن تعلقهم وعرفانهم كبير للجيش الوطني الشعبي وباقي الأسلاك الأمنية على سهرهم لحماية شعبنا وبلادنا". ومن هذا المنطلق --يضيف السيد سلال-- "ترافع الجزائر من أجل تنسيق دولي ومقاربة شاملة لمحاربة الظاهرة الإرهابية خصوصا أن هذه الأخيرة امتزجت في الأزمة الأخيرة بشبكات الجريمة العالمية العبرة للحدود مما زاد في قدراتها". وفي هذا الإطار ذكر بأن الجزائر "طالبت وما زالت تطالب بتجفيف مصادر تمويل الإرهاب لا سيما عبر تجريم دفع فدية المختطفين ومحاربة الاتجار غير الشرعي بالأسلحة والمخدرات والبشر، ومواجهة دعاة التطرف في المجتمع والمدارس و دور العبادة". الأزمة النفطية: مواصلة العصرنة دون المساس بالمكاسب الاجتماعية وفي ره على سؤال بشأن تداعيات الأزمة النفطية على الاقتصاد الجزائري، أكد الوزير الأول أن هذه الأزمة "عنيفة وذات جذور جيو إستراتيجية أكثر منها اقتصادية"، مشيرا إلى انه من "الصعب التكهن بتطورها على المديين القريب والمتوسط". وذكر بأنه يتعين على الجزائر لمواجهة هذه الأزمة "مواصلة عصرنة البلاد دون المساس بالمكاسب الاجتماعية أو اللجوء المفرط لاحتياطاتنا"، مشيرا إلى أنه "بفضل التسديد المسبق للديون والتسيير المالي الراشد، نواجه الأزمة أحسن من كثير من الدول المنتجة". وفي ذات الإطار، شدد على ضرورة "البحث عن الثروة في القطاع المنتج وفي المؤسسة الجزائرية عمومية كانت أم خاصة". وبشأن مجهودات الدولة في جذب الاستثمارات الخارجية، أكد السيد سلال أن البلاد "تعمل على بناء اقتصاد ناشئ يرتكز على القطاع المنتج الخالق للثروة". واستطرد بأنه تجسيدا لهذا الهدف، "تم التركيز في السنوات الأخيرة على إعادة بناء القاعدة الصناعية الوطنية من خلال شراكات في عدد من القطاعات مع متعاملين ذوي خبرة عالمية معترف بها". التعاون الجزائري-المصري يبقى دون طموح البلدين بالرغم مما تحقق وبخصوص التعاون الثنائي بين الجزائر ومصر، أكد الوزير الأول بأن "المحرك الأساسي لعلاقات البلدين يكمن في الإرادة السياسية الكبيرة للرئيسين بوتفليقة وعبد الفتاح السيسي في الدفع بها وتوسيعها إلى آفاق أرحب". وفي هذا الإطار، أوضح السيد سلال أنه ب"الرغم من الحجم المعتبر للشراكة الاقتصادية بين البلدين، تبقى التبادلات التجارية دون طموحنا، خصوصا إذا نظرنا إلى فرص التكامل الكثيرة التي تتيحها الإمكانيات الهائلة المتوفرة في الدولتين في مختلف الميادين". وشدد في هذا الإطار على ضرورة "البحث عن أفضل السبل لتوسيع قاعدة التعاون كي تشمل سائر قطاعات الحياة الاقتصادية والمالية، بما يحقق شراكة حقيقية وتكاملا اقتصاديا ملموسا". وفي هذا الجانب، ذكر الوزير الأول بأن اللجنة المشتركة للتعاون قررت اعتماد "نظرة متجددة" للعلاقات الجزائرية -المصرية، خصوصا في المجال الاقتصادي ترتكز على "الواقعية و البراغماتية والصرامة في تنفيذ الاتفاقيات والبرامج المشتركة".