أبرز المشاركون في اليوم الثاني من المنتدى الدولي حول حياة ومؤلفات كاتب ياسين اليوم الأحد بقالمة بأن هذا الكاتب استوحى الشكل المسرحي اليوناني القديم في مختلف أعماله من أجل "إخراج المسرح من القاعات المغلقة وإيصاله إلى أوسع الطبقات الشعبية". وتطرق الأستاذ باتريك ستراسير من جامعة فيننا (النمسا) في محاضرة بعنوان "الجوقة الموسيقية في أعمال كاتب ياسن" ضمن أشغال هذا المنتدى الدولي الذي تحتضنه قاعة المسرح الجهوي محمود تريكي في الفترة ما بين 19 و21 مارس الجاري بأن هذا الكاتب اعتمد على تقنية الجوقة الموسيقية التي كان معمول بها في المسرح القديم من أجل الوصول إلى مختلف الشرائح الاجتماعية والتعبير عن قضاياهم وهمومهم ومآسيهم. وذكر المحاضر بأن الجوقة أو أداء مجموعة من الأشخاص لأغاني و رقصات وحركات متناغمة ظهرت في عدة أعمال مسرحية لكاتب ياسين بداية من "الجثة المطوقة " التي عرضت لأول مرة باللغة الفرنسية ببروكسل (بلجيكا) في 1958 ثم فرنساوتونس وأعيدت باللغة العربية في الجزائر بعد الاستقلال في 1967 مضيفا بأن نفس الشيء ظهر في مسرحيات " سحابة دخان " و"المرأة المتوحشة " و"مسحوق الذكاء". واعتبر نفس المتدخل في هذا المنتدى الذي خصص لمحور "المسرح والتمسرح في أدب كاتب ياسين (1929 - 1989 ) " بأن ياسين وإلى جانب اعتماده على الجوقة كعنصر رئيسي في أدائه المسرحي حاول أيضا إخراج مسرحياته إلى الفضاءات الشعبية المفتوحة والملاعب والشوارع على طريقة المهرجانات المسرحية الكبيرة التي كانت تنظم قديما وتستمر عدة أيام من طلوع الشمس إلى غروبها. من جهته أشار الأستاذ سعد برغل من جامعة منستير بتونس في مداخلة بعنوان "كاتب ياسين بين مسرح الشعب ومسرح للشعب" إلى أن هذا الكاتب العالمي صاحب رائعة "نجمة" حاول أن يجد الآليات الناجعة التي تكسر تلك النمطية في ذهن المواطن الجزائري البسيط على أن الطبقة المثقفة والأنتلجنسيا بعيدة عن همومه اليومية. وذهب الأستاذ في مداخلته إلى أن التزام كاتب ياسين بالقضايا القومية والوطنية وهموم الطبقات الكادحة جعله يغير حتى يتحول من الكتابة باللغة الفرنسية التي كان يعتبرها "غنيمة حرب" ليكتب باللغة الدارجة الجزائرية التي يفهمها غالبية الشرائح مبرزا بأن التغير ظهر أيضا في المواضيع التي انتقلت من العدو الفرنسي كموضوع لتصل إلى رصد الظواهر الاجتماعية بمنظار جديد استجابة لمتطلبات المرحلة ومعطياتها السياسية والاجتماعية. وتتواصل أشغال هذا اللقاء الدولي الأكاديمي الذي تبادر إليه سنويا جمعية ترقية السياحة والتنشيط الثقافي لولاية قالمة إلى غاية يوم غد الاثنين ليصل مجموع المداخلات المقدمة طيلة الفترة المخصصة للمنتدى إلى ما مجموعه 20 محاضرة باللغتين العربية والفرنسية من طرف أساتذة وباحثين أجانب من فرنساوالنمسا و تونس والمغرب وكذا مختصين من داخل الوطن يمثلون جامعات الجزائر العاصمة و بومرداس و وهران ومعسكر وتيارت وعنابة. تجدر الإشارة إلى أن اختتام هذه التظاهرة سيعرف الإعلان عن أسماء الفائزين بالجائزة الدولية الأدبية كاتب ياسين في الشعر والرواية بالعربية والفرنسية.