تسعى سلطات ولاية البليدة بالتنسيق مع مختلف الجمعيات الناشطة في مجال البيئة و المجتمع المدني و كذا الشركاء إلى استرجاع لقب "مدينة الورود" الذي افتقده الولاية في السنوات الأخيرة. و تتجلى هذه الإرادة من خلال مبادرة ذات السلطات بتنظيم عدة حملات بداية بالقضاء على التجارة الفوضوية فتنظيف المحيط مرورا بغرس الورود و الأزهار و وصولا إلى طلاء المباني و المؤسسات و المحلات. و كانت بداية المبادرة نهاية السنة الماضية حيث أطلقت السلطات الولائية بالتنسيق مع مديرية التجارة و الجهات الأمنية حملة واسعة استهدفت القضاء على أكبر الأسواق الفوضوية بالولاية و استبدالها بأخرى نظامية تتوفر على كافة شروط الممارسة التجارية. كما مكنت هذه العملية - علاوة على القضاء على أكبر الأسواق الفوضوية على غرار سوق "باب الجزائر" بعاصمة الولاية و "الجواجلة" بأولاديعيش و آخر بوسط مدينة بوفاريك و كذا بالعفرون و الأربعاء و موزاية - من تحرير الأرصفة من مثل هذه الأنشطة التجارية. وأكدت مديرية التجارة للولاية إزالتها منذ الشروع في هذه العملية على 33 موقعا فوضويا من أصل 74 موقعا تم إحصائها على مستوى الولاية لتبقى العملية متواصلة من أجل إزالة باقي الأسواق الفوضوية (41 سوقا) و إدماج الناشطين في هذا المجال ضمن أسواق نظامية. واستنادا لذات المصالح فان ولاية البليدة تحصي زهاء 3000 ناشط فوضوي 2000 منهم لوحدهم ينشطون على مستوى عاصمة الولاية يجري حاليا إدماجهم تدريجيا ضمن أسواق نظامية سواء كانت قطاعية أو أخرى بلدية تستوفي كافة شروط الممارسة التجارية سيما ما تعلق بنظافة المحيط الذي تسعى السلطات المحلية كسب رهانه. مؤسسات جديدة تعنى برفع النفايات و تزيين المحيط و الإنارة العمومية وفي مسعى تجسيدها لهذا الهدف و التكفل الجيد بالنفايات التي تطرحها مختلف بلديات الولايةال25 بادرت السلطات المحلية إلى استحداث ثلاث مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي تعنى إلى جانب هذه المهمة (رفع النفايات) بتزيين الحدائق و المحيط و أخرى بصيانة الإنارة العمومية اختير لها اسم كل من "متيجة نظافة" و "متيجة حدائق" و "متيجة إنارة". وتهدف هذه العملية حسب تصريحات سابقة لوالي البليدة عبد القادر بوعزقي إلى "تخفيف على البلديات ما كان يثقل كاهلها سيما ما تعلق برفع النفايات و تصليح الإنارة العمومية و كذا الاعتناء بالمساحات الخضراء و الحدائق المتواجدة على مستوى مختلف البلديات". ويجري حاليا استنادا لذات المسؤول استكمال كافة الإجراءات الإدارية لدخول هذه المؤسسات الثلاث حيز الخدمة في القريب العاجل الأمر الذي سيساهم لا محالة في تحسين الإطار المعيشي للمواطن الذي يبقى حسب الوالي "الحلقة الرئيسية في مدى تحقيق هذا المبتغى من خلال مشاركته الإيجابية في المجتمع". رهان غرس 50 ألف وردة تم تجاوزه بكثير ومواصلة لها لهذه الجهود كان الموعد يوم 19 مارس الفارط المصادف لعيد النصر مع حملة غرس 50 ألف وردة و زهرة عبر كامل تراب الولاية و هي المبادرة التي حققت "نجاحا باهرا" حسب القائمين عليها بعد تجاوز هذا الرقم بكثير ليصل حسب حصيلة قدمها الوالي بوعزقي مؤخرا إلى غرس ما لا يقل عن 140 ألف شجيرة و وردة. وأرجع ذات المتحدث الفضل في نجاح هذه الحملة إلى المشاركة الفعالة للمواطنين و ممثلي مختلف القطاعات الحيوية و المديريات التنفيذية و الجمعيات و الكشافة الإسلامية. وتم بعدها في مسعى الاهتمام بالأشجار و الورود المغروسة توفير مختلف الإمكانيات اللازمة إلى جانب تكليف فرق تقوم بخرجات يومية لسقيها و الاهتمام بها -يقول السيد بوعزقي -الذي وجه نداء إلى المواطنين الغيورين على مدينتهم إلى مواصلة جهودهم في تزيين البليدة من خلال المشاركة في الاهتمام بهذه الورود و الأشجار على مستوى أحيائهم. وتحسبا لشهر رمضان الفضيل أطلقت السلطات المحلية مؤخرا حملة "البليدة في حلة جديدة" تقضي بحمل كافة المؤسسات عمومية كانت أو خاصة و الإدارات و حتى المحلات التجارية على دهن و تزيين واجهات مؤسساتهم و ذلك في مسعى تحسين الوجه الجمالي لمدينة الورود. تلقى هذه العملية التي تجري على قدم و ساق لاستكمالها قبل حلول شهر رمضان- حسب تعليمات الوالي في تصريح له خلال أشغال المجلس التنفيذي الأخير- "تجاوبا كبيرا من طرف مختلف الشركاء بحيث يلاحظ الزائر لمدينة البليدة كيف أنها تحولت إلى ورشة حقيقية بمشاركة جميع الفاعلين." وكشف السيد بوعزقي بشأن التجاوب الذي تعرفه هذه الحملة عن وضع عدد من المتعاملين الاقتصاديين ل2000 دلو طلاء تحت تصرف الولاية إلى جانب تبرع مواطن بألف أخرى في خطوة تعكس -حسبه- مدى استجابة المواطن البليدي مع هذه الحملة التي من شأنها إعادة الوجه الجمالي لمدينة الورود. و يأتي هذا العمل لدفع المسؤولين بفضل الحملات التحسيسية التي أطلقتها الجمعيات في وسط التجار الى حمل ذات المتعاملين على الانخراط في هذه المبادرة حيث أشارت الانطباعات الأولى لمنظمي هذه الحملة إلى تسجيل نسبة استجابة فاقت 70 بالمائة. ويحاول القائمون على الولاية من خلال تنظيم هذه المبادرات و مبادرات أخرى كإحياء تظاهرة "الربيع البليدي" و "مهرجان الزهور" الذي جاب في الفاتح مايو الماضي مختلف أحياء المدنية إلى إعادة إحياء ثقافة الزهور بالولاية التي تجابه خطر الاندثار بفعل تراجع غراسة الورود و زحف الاسمنت من جهة و قلة اهتمام الأجيال الصاعدة بهذه الحرفة من جهة ثانية. غير أن نجاح هذه الحملات يبقى- علاوة على ضرورة المتابعة الدورية للقائمين عليها- مرهونا بمدى مشاركة سكان المدينة الذي يطوق الكثير منهم إلى رؤيتها بألوان الورود و الزهور و الحدائق الغناء كما كانت عليه أيام فترة مؤسسها العلامة سيد احمد الكبير سنة 1519 حيث كانت شبيهة بمدن الأندلس الزاهرة.