خرجت الملاكمة الجزائرية بخفي حنين من مشاركتها في أولمبياد-2016 بري دي جانيرو, بعد ان كانت تطمح للصعود الى المنصة الشرفية مجددا بعد عشريتين من الإخفاق, مؤكدة في الوقت ذاته حدة الأزمة التي تتخبط فيها رياضة الفن النبيل. ولم يبلغ المنتخب الجزائري الذي سافر إلى ريو بتعداد يضم 8 ملاكمين الهدف المسطر قبل انطلاق المنافسة, رغم مشاركة عبد الحفيظ بن شبلة و عبد القادر شادي في الموعد الأولمبي للمرة الثالثة. خيبات أمل بالجملة, وبن بعزيز الملاكم الوحيد المتألق من بين الملاكمين الجزائريين الثمانية المشاركين في موعد ريو, كان بن بعزيز الوحيد الذي ترك افضل الانطباعات حيث حقق ابن مدينة أقبو, مشوارا مشرفا في أول حضور أولمبي له ببلوغه عن جدارة و استحقاق الدور ربع النهائي, وكان قادرا على حصد ميدالية أولمبية لو استفاد من الخبرة اللازمة في مثل هذا المستوى من المنافسات. في المقابل, خيب زملاؤه السبعة الآخرون كل الآمال و البداية بشعيب بولودينات الذي خرج منذ الدور الأول في موعده الأولمبي الثاني. من جهته, أكد عبد الحفيظ بن شبلة مقولة "لا اثنان بدون ثلاثة" لما تعثر للمرة الثالثة في الدور ربع النهائي على غرار مشاركتيه الأوليين في مثل هذا الدور. وحتى محمد فليسي, أكبر آمال رحلة ريو دي جانيرو في حصد ميدالية, فقد كان ظلا لنفسه, حيث سقط كملاكم مبتدئ في الدور ربع النهائي أمام شاب فنزويلي يبلغ من العمر 19 سنة. و من أصل 8 ملاكمين, بلغ ثلاثة منهم الدور ربع النهائي, واكتفى رابع بالدور ثمن النهائي فيما أقصي الباقون (4) في خرجتهم الأولى على الحلبة. "نتيجة أفضل من اولمبياد لندن" بالنسبة للمدير الفني الوطني للملاكمة, مراد مزيان, فإن حصيلة المشاركة الجزائرية ليست سيئة مثلما يعتبرها البعض, مقارنة بنتائج أولمبياد-2012 بلندن. وأوضح مزيان لواج قائلا: "أنا مستاء من النتائج المسجلة, كون ملاكمينا كانوا قادرين على تحقيق الأفضل, لكني راض جدا عن المردود العام. فلو نجري مقارنة مع أولمبياد لندن, نجد هناك تحسنا في النتائج حيث سجلنا تأهل 3 ملاكمين الى الدور ربع النهائي مقابل 2 في لندن. رغم ذلك كان هدفنا الصعود على المنصة". بالنسبة لرابح حمداش أحد أعضاء الطاقم الفني الوطني, عانى الملاكمون الجزائريون من "الانسداد" في الدور ربع النهائي, وهي "وضعية قائمة منذ مدة طويلة, حيث يجب دراستها وتحليلها". واضاف حمداش يقول: "لا يقوى ملاكمونا على اجتياز عقبة الدور ربع النهائي في الأولمبياد, وهذا امر غير طبيعي. فالرياضي يقوم بصفة عامة بما هو مطالب به, لكن هناك معايير أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار, منها معيار التحكيم". لكن الأخطاء التحكيمية لا تبرر لوحدها المشوار المتواضع للملاكمين الجزائريين في ريو دي جانيرو, خاصة وأنهم استفادوا من كل إمكانيات التحضير. وكانت المديرية الفنية الوطنية قد اعترفت بأن كل إمكانيات التحضير سخرت للملاكمين, لكن المشاكل المهنية و الاجتماعية لبعض الملاكمين, أثرت سلبيا على مردودهم. ويقول المدير الفني في هذا السياق: "لقد جرت التحضيرات في ظروف حسنة, لكن لما يثير ملاكم ما, مشاكله المهنية و الاجتماعية ليلة المنافسة, فهذا أمر غير طبيعي". كما أن انسحاب الجزائر من منافسات المجلس العالمي للملاكمة نصف المحترفة (WSB), عام 2015 قبيل مونديال-2015 بالدوحة, لم يكن في صالح الملاكمين الجزائريين الذين فقدوا إمكانية مواجهة احسن الملاكمين العالميين لوزنهم. ويضيف المدير الفني يقول: "التربص لا يعوض ابدا المنافسة. فقرار الانسحاب من المجلس العالمي للملاكمة لم يكن قرارا صائبا, فهذا خطأ جسيم. لقد سمحت هذه المنافسة لملاكمينا بالاحتكاك بأفضل المنافسين, وخاصة الاستفادة من منازلات عديدة". كما يتحمل الطاقم الفني الذي يشرف عليه مرشود بحوس جزء من مسؤولية هذا الإخفاق, و لو أن المدير الفني الوطني يرى بأن "المدربين بذلوا كل ما في وسعهم لتحقيق أفضل النتائج". والشيء المؤكد هو أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح, وان الملاكمة الجزائرية لم تنجح في حل مشاكلها كلما يتعلق الأمر بالألعاب الأولمبية.