تحتضن الجزائر يومي الثلاثاء و الأربعاء ملتقى دولي حول "مساهمة الجزائر في تصفية الاستعمار بإفريقيا" بمشاركة شخصيات بارزة وطنية و افريقية و عديد الأساتذة الجامعيين. و سيشكل هذا الملتقى المنظم تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة و بمبادرة من وزارة الشؤون الخارجية بالتنسيق مع وزارة المجاهدين فرصة للمشاركين من اجل "تأكيد العلاقة الخاصة التي تربط الجزائر بإفريقيا و التي تمتد ماهيتها من النضالات المشتركة من اجل التحرر من نير الاستعمار و نظام الميز العنصري" حسبما أكده بيان لوزارة الشؤون الخارجية. و أضاف المصدر أن الجزائر لم تدخر سواء في الماضي أو في الحاضر أي جهد لتقديم مساهمتها بخصوص المسائل التي تخص القارة الإفريقية و تلك المرتبطة بتصفية الاستعمار و الخلافات الحدودية بين الدول و السلام أو حق الشعوب في تقرير مصيرها. وكان وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي رمطان لعمامرة قد أكد في إحدى خرجاته الإعلامية أن الجزائر كانت "دوما في طليعة الكفاح من اجل تصفية الاستعمار و اندماج القارة الإفريقية حتى تكون في مستوى التطور الاقتصادي العالمي". كما تقوم الدبلوماسية الجزائرية على ثلاثة مبادئ ثابتة تتمثل في حق الشعوب في تقرير مصيرها و عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وترقية الحوار الشامل في النزاعات الدولية مهما كانت درجة خطورتها.و على هذه الأسس قامت و تعززت الدبلوماسية الجزائرية منذ الاستقلال في سنة 1962 و هي ثلاثة أمثلة واضحة حول تمسك الجزائر بمبادئها. نصف قرن من الدبلوماسية في خدمة السلام و ترأست الجزائر مؤخرا, الوساطة الدولية في النزاع بمالي حيث أدت مهمتها كمسهل للحوار, بنجاح كبير, و هو عمل دبلوماسي كبير توج في نهاية يونيو 2015 بالتوقيع على اتفاق سلم و مصالحة بمالي الذي أطلق عليه "اتفاق الجزائر" و هو قيد التنفيذ. و بفضل وساطة الجزائر عرف نزاع آخر حلا. و يتعلق الأمر بالخلاف الحدودي بين اريتريا و ايثيوبيا سنة 1998 و هنا ايضا رأت الجزائر صوابا من خلال تقديم مساعدتها للطرفين في حل النزاع سلميا. و خلال قمة منظمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت بالجزائر العاصمة في يوليو 1999 قبل طرفا النزاع أنماط تطبيق الاتفاق الإطار لمنظمة الوحدة الإفريقية. و الحنكة الدبلوماسية الجزائرية قد تأكدت في وساطات أخرى يعود بعضها إلى العهد الاستعماري و يشار على سبيل المثال إلى اللقاء بين الزعيم التاريخي لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا و شوقي مصطفى (عضو الحكومة الجزائرية المؤقتة) للحديث عن نقاط التفاهم بين الثورتين (الجزائرية و الجنوب افريقية). و قال نيلسون منديلا أن "التشابه" بين نضال الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي هو مصدر الهام بالنسبة لجنوب إفريقيا و نضال شعب جنوب إفريقيا ضد الابرتيد كان "بديهيا", مضيفا أن "الجزائر هي التي جعلتني رجلا", مذكرا بتدريبه من طرف المجاهدين الجزائريين. و من جانب آخر ساهمت الجزائر في تحويل منظمة الوحدة الإفريقية إلى الاتحاد الإفريقي و إنشاء مبادرة النيباد (الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا) التي تعد أداة للتنمية الاقتصادية لإفريقيا و التفكير حول إصلاحات الأممالمتحدة و جامعة الدول العربية (قمة الجزائر 2005). الجزائر التي اندرجت تقريبا في جميع المنظمات الدولية منها (الأممالمتحدة و جامعة الدول العربية و الاتحاد الإفريقي و غيرها ) كانت دائما في الاستماع للمجموعة الدولية. الدبلوماسية الجزائرية مسموعة من قبل المجتمع الدولي و تميزت الدبلوماسية الجزائرية التي يقودها دبلوماسيون جزائريون معروفون بتقديمها اقتراحات جزائرية هامة. و نذكر على سبيل المثال اللائحة المتعلقة بتجريم دفع الفدية للجماعات الارهابية التي عرضتها على منظمة الاممالمتحدة التي توجت بالمصادقة على اللائحة. و بالتالي تفرض الجزائر وجودها في كل مكان يمكنها ترقية مشاريعها و افكارها على المستوى الدولي. و ظل شعار الدبلوماسية الجزائرية ثابتا منذ الاستقلال. و انطلاقا من ذلك تواصل الجزائر بذل جهود مكثفة لتسوية النزاع في الصحراء الغربية اخر مستعمرة في افريقيا المحتلة من قبل المغرب منذ 1975 المدعمة من قبل فرنسا. و يظل موقف الجزائر من اجل حل سياسي عادل و مستديم الداعي الى تقرير مصير الشعب الصحراوي ثابتا لا يتغير. و من جهة اخرى لا تدخر الجزائر التي تساهم في ترقية سياسة حسن الجوار اي جهد للتسوية السياسية للازمة السياسية و الامنية في ليبيا التي اندلعت بعد انهيار نظام معمر القذافي سنة 2011. و جدد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الافريقي و جامعة الدول العربية عبد القادر مساهل اليوم الاثنين موقف الجزائر الذي يرتكز على عدم التدخل في الشؤون السياسية و رفض كل تدخل اجنبي في تسوية النزاع في ليبيا الداعي الى حل سياسي من خلال حوار شامل بين الليبيين. و قد اختضنت الجزائر العاصمة سلسلة من المحادثات بين الليبيين في اطار جهودها المستمرة لتسوية الازمة في ليبيا.