تعرف مدينة تنس بولاية الشلف بقصبتها العتيقة أو ما يصطلح عليه الأهالي ب "تنس الحضر" وهي الجزء القديم من المدينة والذي يحتوي على مجموعة من الآثار الإسلامية التي تترجم الحركة الثقافية والعلمية التي اشتهرت بها المدينة آنذاك. غير أن "تنس العتيقة" تعاني اليوم من تدهور في معالمها و إهتراء سكناتها مما جعل القائمين والمهتمين بالحفاظ على الموروث التاريخي و الحضاري للمدينة يدقون "ناقوس الخطر" و المبادرة إلى إنجاز مخطط دراسي واقتراحه على وزارة الثقافة. و كان وزير الثقافة عز الدين ميهوبي خلال زيارته نهاية السنة المنصرمة للموقع وافق على المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ واعدا بتسريع الإجراءات خصوصا ما يتعلق بالسيولة المالية اللازمة لتمويل عملية الترميم. و أكد مدير الثقافة أحمد مودع أن مخطط الحفظ الدائم يندرج ضمن مسعى الدولة للحفاظ على الهوية الوطنية من خلال تسجيل عدة عمليات ترميم متعلقة بالتراث المادي على غرار "تنس الحضر" التي تتربع على مساحة تقدر ب 12 هكتارا. و أضاف ذات المسؤول أن هذه العملية التي تكلف حوالي 100 مليون دج سوف تسمح بإعادة صورة المدينة والمحافظة على الذاكرة الإسلامية مشيرا إلى أن مصالحه قامت باقتراح تسجيل العملية ضمن التدابير "الاستعجالية" لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. من جهته طالب الباحث في علم الآثار و مدير المتحف العمومي بالشلف محمود حسناوي بالإسراع في تنفيذ مخطط الحفظ الدائم والتدابير الاستعجالية حيث تم إحصاء 64 منزلا بالإضافة إلى 14 معلما تاريخيا تستدعي "التدخل الفوري". و أضاف السيد حسناوي أن عديد المعالم الأثرية تسقط يوميا مثلما زال معلم برج الغولة قبل سنوات مؤكدا أنه" لا حاجة للتدخل بعد حصول الكارثة" وينبغي التسريع بإصدار مشروع المخطط الدائم لحفظ واستصلاح "تنس الحضر" في الجريدة الرسمية. قاطنوا "تنس الحضر" يعانون الأمرين : تأخر عمليات الترميم و خطر الانهيار ويواجه الساكنة بأحياء قصبة تنس الأمرين : خطر سقوط منازلهم في أي لحظة خاصة أن بناءها يرجع لقرون خلت و أن أسوارها بنيت من الطين والحجارة كما لا يمكنهم ترميم منازلهم المصنفة كتراث وطني وأثري إلا بعد حصولهم على رخصة من مديرية الثقافة ومكتب الدراسات بعد صدور المخطط في الجريدة الرسمية. ويرى رئيس لجنة الحي معمر عيواز أن "تنس الحضر" على "فوهة بركان" خاصة في الظروف المناخية المضطربة أين يقضي أهالي المنطقة لياليهم في المدارس الابتدائية المحاذية أو في العراء مطالبا السلطات بالتدخل العاجل لتفادي وقوع الكارثة. و أكد محمد بن حامي الذي يقطن منزلا عمره ... 5 قرون أن سكنات "تنس الحضر" تتلاشى وتسقط تلقائيا خاصة في ظل تعليق عملية الترميم منذ سنة 2007 تاريخ بداية الدراسة الخاصة بها. و حسب رئيس جمعية الآثار كاستيلوم تانجتانوم بالشلف شريفي أحمد فإن مخطط الحفظ الدائم سيسترجع القطاع الأكبر من المدينة العتيقة وهو "مكسب كبير" يستدعي من المواطنين الصبر واحترام الإجراءات الإدارية تفاديا لتدمير مزيد من المعالم التاريخية. و حسب المرشد السياحي مروان سفطة فإن أوضاع مدينة "تنس الحضر" التي يزورها سياح من مختلف بقاع العالم "تستدعي التدخل عاجلا" من أجل وضع حد لزوال المعالم التاريخية على غرار معلم "باب البحر" وكذا الحفاظ على حياة السكان المحليين الممنوعين من القيام بترميم منازلهم بمجرد تصنيف المنطقة كقطاع محفوظ. "تنس الحضر" المملكة الإسلامية الصغيرة مدينة "تنس الحضر" التي توصف بأنها مدينة العلم والثقافة والتي تخرج منها كبار العلماء في صورة الأخوين أبو إسحاق وأبو الحسن هي اليوم تتحدى الظروف المناخية وعامل التقادم الزمني من أجل استمرار إشعاعها الثقافي والتاريخي. و لحظة زيارتك لمدينة " تنس العتيقة " المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط تكتشف أنك في وسط متحف مفتوح على الهواء الطلق يعود بذاكرتك التاريخية إلى مملكة صغيرة ذاع صيتها أيام ازدهار الحضارة الإسلامية. وحسب المرشد السياحي سفطة فإن "تنس القديمة" التي تقع في الجزء الجنوبي من المدينة بنيت من طرف البحارة الأندلسيون سنة 262ه/808م وفق النمط المعماري الإسلامي السائد في تلك الحقبة. وكانت "تنس الحضر" عبارة عن "مملكة صغيرة تمتد شرقا إلى شرشال البليدةالمدية وجنوبا إلى تيسمسيلت ومن الغرب إلى غليزان و مستغانم وهو ما خلق منافسة بينها و بين مملكة بنو زيان في مدينة تلمسان". وعند تجوالك بأزقة قصبة تنس تلتمس ذلك التشابه الكبير بينها وبين قصبة العاصمة و قسنطينةوتلمسان في امتداد حضاري وتاريخي لنمط معماري معين إلا أن قصبة تنس تعتبر الأقدم حيث تم تصنيفها كتراث وطني سنة 2007 حسب رئيس الجمعية الثقافية والأثرية لمدينة تنس مروان زروقي. و تحوي المدينة على عدة معالم أثرية ولعل أهمها هي مسجد سيدي معيزة ثاني أقدم مسجد بالجزائر مسجد سيدي بلعباس مسجد لالة عزيزة بالإضافة إلى أبراج المراقبة كبرج الغولة والأسوار المحيطة بالمدينة وباب البحر. ويعد مسجد سيدي معيزة ثاني مسجد بني في الجزائر سنة 367ه بعد مسجد سيدي عقبة ببسكرة ليتم تصنيفه كمعلم تاريخي وأثري من قبل الاستعمار الفرنسي سنة 1905 ثم كمعلم عالمي سنة 1935 حسب ما صرح به قيم المسجد مروان زروقي. و يعتبر برج الغولة وباب البحر أبرز الشواهد الأثرية من أسوار وأبراج المراقبة التي كانت تحيط "بتنس الحضر" في حين اختفت أبواب الرحبة الخوخة والقبلة غير أن مواقعها لا تزال محفوظة في ذاكرة السكان الأصليين للمدينة.