يرتقب سكان دلس والجمعيات المهتمة بالتراث بشغف كبير دخول"المخطط الدائم لحفظ وترميم قصبة دلس العتيقة" الذي من المزمع انطلاقه نهاية 2014 تماشيا مع المرسوم التنفيذي الصادر في 5 أكتوبر 2005 حسبما أعلنه مدير الثقافة. وأوضح كبور اعمر في معرض رده على انشغالات المنتخبين في هذا الشأن خلال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي التي تواصلت لوقت متأخر من ليلة أول أمس بأن هذا الملف ينتظر مناقشة ومصادقة" اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية" ثم نشره في الجريدة الرسمية حتى يدخل حيز التنفيذ ميدانيا لتمكين الملاك الخواص والبلدية من الترميم وإعادة البناء بداخل القطاع المحفوظ. وأضاف كبور في هذا الصدد بأن هذا الملف تم إيداعه يوم 20 مارس 2014 لدى وزارة الثقافة وسيتم نشره في الجريدة الرسمية تماشيا مع القوانين السائرة المفعول في المجال بعد مناقشته والمصادقة عليه في اجتماع اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية المبرمج يوم 10 ديسمبر 2014. وأضاف المدير بأن هذا الإجراء سيكون متبوعا مباشرة بعملية أخرى تتمثل في إنشاء ملحقة على مستوى قصبة دلس ل"الوكالة الوطنية للقطاع المحفوظ" يرجع إليها وتكون مكلفة بتنفيذ المخطط ومتابعة وتوجيه ومرافقة كل أشغال التهيئة والترميم والتعمير العمومية أو الخاصة التي ستقام لاحقا بداخل القصبة العتيقة. وكانت أخر عملية أنجزت في إطار إتمام كل الإجراءات التي يتضمنها المخطط المذكور" استقصاء عمومي" حول "المخطط " كإجراء أخير أودع رفقة المخطط لدي مصالح الوزارة بعدما سبقته مصادقة المجلس الشعبي الولائي. وتم طرح المخطط على الاستقصاء العمومي قصد "تسجيل كل انشغالات وملاحظات واقتراحات المجتمع المدني والملاكين لعقار بداخل القطاع المحفوظ قبل الشروع في تنفيذه". أزيد من ستة سنوات لإعداد المخطط الدائم لحفظ وإصلاح وترميم قصبة دلس استغرق إنجاز المعالم الكبرى للمخطط الدائم لحفظ وإصلاح وترميم قصبة دلس الذي يتضمن ثلاثة مراحل أساسية بالاستناد إلى التشخيص الشامل الذي أنجز عن القصبة أزيد من ستة سنوات حيث انطلقت أشغال إنجازه سنة 2007. وتتضمن المرحلة الأولى من المخطط التي استكملت سنة 2009 إنجاز" أشغال إستعجالية" بالقصبة تتمثل أهمها في إزاحة المخلفات من الحجارة والأتربة وتصنيف الحجارة القديمة وإرجاع السليمة منها إلى مكانها وتدعيم البنايات المهددة بالانهيار التي تضررت أو هي آيلة للانهيار بفعل الزمن والإنسان والزلزال والفيضانات التي تعرضت لها البلدية. واستهدف هذا المخطط بالبناء والترميم كذلك كل الزوايا والمسجد العتيق والمدرسة القرآنية وجدار الصد الذي يحيط بكل مدينة دلس بطول يقارب 2000 متر إضافة إلى حوالي 200 بناية أخرى تعود إلى العهد العثماني. ومن خلال المرحلة الثانية من هذا المخطط التي شرع في تنفيذها في 2010 تم القيام ب "التحاليل التاريخية والتيبولوجية" لمختلف المعالم والبنايات المشكلة للقصبة العتيقة وإعداد " المشروع التمهيدي للمخطط الدائم للحفاظ على القصبة العتيقة". وتكمن أهمية المرحلة الثالثة والأخيرة من المخطط التي استكملت سنة 2013 باعتبارها "آلية قانونية ومعمارية" توضع تحت تصرف البلدية ل "تنظيم البناء والتعمير والتجهيز" داخل القطاع المحفوظ بغرض "المحافظة على تراثها ورونقها المعماري". كما ستسمح هذه الدراسة التقنية بفتح آفاق جديدة للقصبة من ناحية"المعمار وتثمين التراث الثقافي المتوارث "و" فتح آفاق سياحية وتنموية جديدة" لهذه البلدية الساحلية. و تم رصد لعملية إعداد المخطط بمجمله ميزانية إجمالية تتجاوز 260 مليون دج بينما كلف القيام بعمليات الأشغال الاستعجالية 100 مليون دج من مجمل المبلغ المذكور إضافة لإنجاز الترميمات والإصلاحات الفنية الدقيقة بداخل المدينة وبالجدار المحيط بها. .. مدينة دلس العتيقة تحاول الصمود رغم الظروف لا تزال مدينة دلس العتيقة تحتفظ بمسحة جمالية من طراز فريد حيث امتزجت فيها الطبيعة الخلابة بسحر المكان وتاريخ أسطوري عريق على الرغم من الآثار السلبية للزمن والإنسان. ويتوسط دلس الواقعة على مرتفع يناهز ال 400 متر عن سطح البحر ويحميها ميناء تركي شهير من الرياح البحرية الغربية طيلة السنة الطريق الوطني رقم 24 الذي يقسم المدينة إلى حيين كبيرين هما القصبة (أو المدينة القديمة) والمدينة الحديثة. ويلفت انتباه المتجول في أزقة وثنايا مدينة دلس التي لا تزال تحتفظ في مخيلة أجيال متعاقبة بهيبتها الأسطورية بعض المعالم الأثرية التي لا تزال على حالها وبقايا أخري لمعالم اندثرت تدل على العمق التاريخي للمدينة ومنها القصبة ومبانيها التي يناهز عددها ال 200 دارا والمدرسة القرآنية "سيدي عمار" وضريح سيدي الحرفي والمسجد الكبير وجدار الصد الذي يسيج المدينة من جهة البحر على طول زهاء ألفي متر إضافة إلى الميناء القديم ومنارة "تامغوت". واشتهرت هذه المدينة العريقة بقصبتها العتيقة التي يعود تاريخ تأسيسها حسب المؤرخين إلى فترة الحكم العثماني وهي عبارة عن مجموعة من البنايات المعمارية القديمة ومقسمة إلى شوارع متنوعة وأزقة ضيقة في مساحة إجمالية تناهز 1200 هكتارا. ويحد هذه القصبة التي تغيرت معالمها وتركيبتها العمرانية الأولي كثيرا بفعل عدة عوامل منها الزمن والكوارث الطبيعية من الشمال الثانوية التقنية التي يعود تأسيسها إلى فترة الاستعمار الفرنسي ومن الجنوب مقر البلدية ومجموعة من الأحياء الحديثة وشرقا ميناء المدينة وغربا باب الأصواف وضريح سيدي منصور ومن الناحية الشمالية الغربية باب البساتين وضريح سيدي زايد ومن الناحية الجنوبية الشرقية باب القبائل. يذكر أن معالم حدود منطقة القصبة العتيقة المحفوظة لدلس حددت وفق القانون الصادر شهر سبتمبر 2007 الذي نص على خلق وتحديد المنطقة المحمية لقصبة دلس من الجهة الشرقية ب"واد تيزا" ومن الجهة الغربية بمقر الدرك الوطني وبميناء دلس من الجهة الشمالية وغابة بوعربي جنوبا.