تحتضن العاصمة الكازاخية أستانا اليوم الخميس الجولة الثانية من المفاوضات السورية-السورية الرامية إلى إيجاد آلية لمراقبة نظام وقف الأعمال القتالية في البلاد، على أمل أن تشكل أرضية مناسبة لإعادة بعث محادثات السلام التي تسعى من خلالها الأممالمتحدة إلى إيجاد تسوية سياسية دائمة للأزمة السورية التي توشك على بلوغ عامها السادس. فبعد تأجيلها يوم أمس لأسباب تقنية، ستعقد الجولة الثانية من محادثات أستانا برعاية من روسيا وإيران وتركيا، لبحث آلية مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية، حسبما أعلن عنه وزير الخارجية الكازاخي خيرات عبد الرحمانوف. وسيقود الوفد الحكومي السوري في هذه المفاوضات، المندوب السوري لدى الأممالمتحدة، بشار الجعفري، بينما سيرأس ممثل "جيش الإسلام"، محمد علوش وفد الفصائل المسلحة السورية المعارضة الذي يتكون من تسع جماعات مسلحة. وسيسهر على ضمان حسن سير هذه المفاوضات مراقبو الدول الراعية لها (روسيا وإيران وتركيا)، إلى جانب وفد أردني رفيع المستوى ووفد من السفارة الأمريكية في كازخستان. وكانت الجولة الأولى من أستانا حول تسوية الأزمة في سوريا قد جرت يومي 23 و24 يناير الماضي، وشددت في بيانها الختامي على ضرورة الالتزام بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية، وكذا تثبيت نظام وقف الأعمال القتالية ومحاربة الإرهاب. وحسب المراقبين فإن أرضية أستانا-1 كانت "مثالا جذابا وناجعا" فبفضلها أعربت مجموعات مسلحة كثيرة عن رغبتها في الانضمام إلى هذه العملية والتوصل إلى اتفاق مع الطرف الروسي كجهة راعية وضامنة لإحلال السلام. مفاوضات أستانا ... جولة حاسمة لتمهيد الطريق لمحادثات جنيف السلام تعلق الأممالمتحدة والدول الراعية للتسوية في سوريا آمالا كبيرة على محادثات أستانا، كي توفر الأرضية المناسبة لإعادة بعث محادثات السلام السورية التي لطالما تعثرت بسبب التطورات الميدانية. ويرى المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، أن هذا اجتماع سيساهم في تسريع العملية السياسية في سوريا، غير أن رئيس الوفد السوري في هذه المفاوضات بشار الجعفري، يعتبر أنه من السابق لأوانه الحديث عن تفاؤل أو تشاؤم فيما يتعلق بنتائجها. وبالرغم من الحذر الذي أبداه الجعفري، غير أنه أكد حرص الوفد الحكومي السوري على إنجاح اجتماع أستانا بما يسهم في وقف سفك الدم السوري واستعادة الأمن والأمان إلى كافة أراضي سوريا. ومن المقرر أن تنظم جولة جديدة من محادثات جنيف للسلام في سوريا في ال23 فبراير الجاري التي تم تعليقها في أبريل الماضي بعد انسحاب وفد المعارضة منها على خلفية التطورات الميدانية. وحذرت الأممالمتحدة من الابتعاد عن - خلال محادثات جنيف - عن النقاط الرئيسية التي استند إليها قرار مجلس الأمن الدولي 2254 لإنهاء الصراع في سوريا، التي تشتمل على ثلاث نقاط أساسية وهي وضع أسس الحكم والاتفاق على دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأممالمتحدة، وأكد دي ميستورا في هذا الصدد أن الابتعاد عن هذا القرار الدولي س"يفتح أبواب الجحيم" في سوريا. الجيش السوري يواصل تقدمه ويحرر مزيدا من المناطق من قبضة داعش وميدانيا، تواصل قوات الجيش السوري عملياتها العسكرية محرزة تقدما كبيرا على حساب التنظيمات الإرهابية، بالتزامن مع إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين. فقد استعادت وحدات من الجيش السوري سيطرتها على قريتي (بيجان) و(المشرفة) في جنوب مدينة (الباب) في ريف حلب الشرقي بشمال البلاد، التي كانت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي الذي يطلق عليه "الدولة الإسلامية" (داعش). كما تمكنت قوات الجيش من فرض سيطرتها على قرية في محيط بلدة (تادف) في ريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي داعش، بينما نجحت وحدات أخرى قبل يومين في استعادة السيطرة على معمل (حيان) للغاز بريف حمص الشرقي. وتدور معارك عنيفة بين الطرفين في ريف دمشق الغربي في وقت تواصل فيه القصف الجوي لمعاقل "داعش" في مدينة الرقة شمال شرق سوريا. وبالموازات مع الإنجازات الميدانية، وفي إطار الجهود المبذولة لإنجاح اجتماع أستانا، وحرصا من الدولة السورية على كل مواطن مختطف في أي مكان، أعلنت الحكومة السورية عن استعدادها لتبادل سجناء لديها بمختطفين لدى المجموعات الإرهابية، الأمر الذي يبرهن مجددا مساعي السلطات السورية لحقن الدم السوري وإعادة الاستقرار للبلاد بأكثر الطرق سلمية - حسب المتتبعين للملف السوري-. أما على الصعيد الإنساني، يواصل المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع السوري، جهوده لإصال المساعدات الإنسانية للسورين، حيث تمكن من تسليم 7 أطنان من المساعدات لأكثر من ثلاثة آلاف مواطن من سكان مدينة حلب ودمشق وحمص، تم وزيعها خلال تسعة حملات إنسانية، ستة في مدينة حلب واثنتين في دمشق وواحدة في حمص. كما تلقى أكثر من 7 آلاف مواطن سوري مساعدات طبية من أطباء عسكريون روس منذ بدء الحملات الإنسانية في سوريا. وقد دعت وزارة الدفاع الروسية الدول الغربية، والمنظمات الدولية في أكثر من مناسبة، إلى دعم الجهود المبذولة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين هم في أمس الحاجة لها. وفي هذا الصدد، حذر منسق الأممالمتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، علي الزعتري ، من كارثة إنسانية وشيكة في أربع مناطق سورية محاصرة (الزبداني والفوعة وكفريا ومضايا) حيث يعيش ستون ألف مدني، عجزت المنظمة وشركاءها عن الوصول إليها عبر قافلة المساعدات الإنسانية منذ نهاية شهر نوفمبر الماضي رغم المحاولات المتكررة.