ستعتمد الحكومة "مسعى ميزانياتي مجدد" يرتكز على استراتيجية تنويع الاقتصاد الوطني الرامية إلى ترسيخ نمو "حيوي وقابل للاستمرار" حسبما أشار إليه مخطط عمل الحكومة من اجل تطبيق برنامج رئيس الجمهورية والذي سيعرض على المجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء المقبل. ويوضح مخطط العمل أن الحكومة التي تتطلع إلى تعزيز حركية النمو المنتهجة خلال السنوات الأخيرة وتدعيمها مع حرصها على المحافظة على سياسة العدالة الاجتماعية واعية ب"محدودية استراتيجية النمو المرتكزة على النفقات العمومية وحدها". وبالتالي فهي عازمة على تغيير نظام النمو بتوجيهه نحو تطوير القطاعات المنتجة للثروات والقيمة المضافة والتشغيل وذلك هو رهان التنوع بالنسبة للاقتصاد الوطني المرتبط ارتباطا وثيقا بالمحروقات. وحسب خارطة طريق الجهاز التنفيذي ترمي هذه السياسة الميزانية الجديدة إلى الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد من خلال تحسين إيرادات الجباية العادية لتغطي في النهاية اهم نفقات التسيير وترشيد النفقات وحشد الموارد الإضافية اللازمة من السوق المالية الداخلية. وستعمل الحكومة في هذا الإطار على التدرج في تكييف الميزانيات والتحكم الأفضل في النفقات العمومية من خلال إعادة ترتيب النفقات في مستويات معيارية قصد ضمان تماسك سياسة الميزانية مع الإبقاء على الطابع الاجتماعي للاقتصاد الوطني. وبالموازاة مع ذلك سيتم مراجعة آليات إعداد برنامج التجهيز وتركيبته ومتابعته وتمويله وذلك بهدف إعادة تأهيل مبادئ مردودية الاستثمار وفاعليته وإعادة توزيع الموارد الميزانية تجاه العوامل الأساسية للنمو الداخلي وتنويع موارد التمويل على أساس الشفافية. اما فيما يخص ميزانية التسيير يوضح مخطط عمل الحكومة أن "مجهود الترشيد يجب ان يحافظ على النفقات الغير قابلة للتقليص ومراعاة خصوصيات كل قطاع بما يسمح بالحفاظ على السير الحسن للمصالح وتغطية السكان المحرومين بالتحويلات الاجتماعية وكذا المنتجات والخدمات الأساسية". إصلاح الإطار المؤسساتي وفي إطار تطبيق المسار الميزانياتي المستدام فإن الحكومة ستقوم بتجسيد إصلاح الإطار المؤسساتي خاصة تدعيم التسيير المتعدد السنوات للميزانية المؤسسة في قانون المالية لسنة 2015 وتسجيل الميزانية المؤسسة على النجاعة. كما يتعلق الامر كذلك بتأطير نفقات التسيير قصد احتوائها ضمن حدود مقبولة و إعادة توزيع نفقات الميزانية لفائدة النمو الاقتصادي من خلال مخططات الاستثمار المتعددة السنوات التي تمنح الاولوية للتجهيزات المدرة للأرباح والكفيلة بدفع انتاجية الاقتصاد إلى الامام. ووضع المخطط أيضا بين أهدافه العمل على استقرار نفقات الميزانية مع السهر على الحفاظ على نفقات التجهيز في مستوى مطابق لقدرات اقتصادنا ويضمن للمؤسسات الإبقاء على مستوى نشاط يكفل المحافظة على مناصب الشغل. وتهدف هذه الإصلاحات كذلك إلى تعزيز حشد الموارد المالية في سوق قيم الخزينة والتعبئة المثلى للادخار الداخلي إضافة إلى إعداد قانون عضوي إطار متعلق بقوانين المالية وكذا تحيين أنظمة المحاسبية المالية وتدعيم قدرة تقييم المشاريع الكبرى وتدعيم النظام الوطني للإحصائيات وتحسينه طبقا للمقاييس الدولية. ترشيد النفقات العمومية يشير مخطط عمل الحكومة الى أن النفقات العمومية الموجهة نحو مختلف الإعانات والإعفاءات الجبائية ستكون محل تقييم لفاعلية مختلف سياسات التشجيع قصد تقليص تلك الموجهة لنشاطات لا تنتج عنها أي تداعيات إيجابية بالنسبة للاقتصاد أو المجتمع. وفي هذا الإطار "فإن أي تدبير جديد يلتمس بشكل صريح أو ضمني ميزانية الدولة يجب أن يعتمد على آليات متابعة وتقييم اقتصاديين". وستعمل الحكومة في هذا الإطار على الانطلاق في مشاورات واسعة بمشاركة البرلمان والأحزاب السياسية والمجتمع المدني وذلك قصد التكييف التدريجي لسياسة التحويلات الاجتماعية لإضفاء الفاعلية والكفاءة عليها وإرساء العدل والإنصاف الاجتماعيين بشكل أكبر من خلال استهداف دقيق. وستسهر الحكومة من خلال مخطط عملها على إعداد سياسات فعالة لإعادة التوازن التعريفي الذي سيتم وضعه بشكل تدريجي قصد التقرب من التكاليف الاقتصادية لهذه الخدمات مع الحفاظ على التعريفات التي تلائم الأسر ذات الدخل الضعيف. وستقوم العلاقة بين الدولة والمتعاملين المكلفين بالخدمات العمومية على أساس عقود النجاعة التي ستحدد الاهداف الواجب بلوغها بالنسبة لكل متعامل من المتعاملين لا سيما فيما يخص تلبية احتياجات السكان ومستوى نوعية الخدمة المقدمة ومقابل ذلك الممنوح من الدولة.