كشف وزير الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، نور الدين بدوي، يوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن قانون الجماعات المحلية قيد التحضير على مستوى الوزارة سيسمح بوضع إطار موحد للمالية المحلية و يمكن البلديات من الحصول على الموارد المالية الضرورية لإنجاز مشاريعها التنموية. وقال السيد بدوي في كلمة له بمناسبة اللقاء الوطني التوجيهي لرؤساء المجالس الشعبية الولائية والبلدية بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، أنه عملا بتوجيهات رئيس الجمهورية المتضمنة إصلاح منظومة المالية المحلية بما يكفل تثمين موارد البلديات، فقد تم العمل على تحضير إطار قانوني جديد مناسب، سيمكن البلدية من الحصول على الموارد الضرورية و الكافية لتسيير شؤونها، كما يهدف لوضع إطار موحد للمالية المحلية، و قادر على تثمين و تنويع الموارد البلدية، و تحسين معدلات و كيفيات تحصيل مستحقاتها و ظبط نفقاتها و تحقيق التأطير المالي الناجع لمشاريعها التنموية. و أضاف السيد بدوي ان هذه الرؤية تندرج في إطار تصور اقتصادي شامل لوظيفة البلدية من خلال لعب دورها "كمساهم في الاستثمار العمومي و كذا تيسير كل مسببات النجاح في التسريع في الاستثمارات الاقتصادية المنتجة و الخلاقة للثروة و مناصب الشغل على المستوى المحلي. و فيما يخص دعم الاستثمار الخاص، أكد السيد بدوي انه تقرر لامركزية مهمة تهيئة الحضائر الصناعية الجديدة، قصد التعجيل في إنجازها و توفير العقار الاقتصادي اللازم على مستوى الولاية، كما تم تبسيط الاجراءات المتعلقة بمنح الرخص الادارية ، لاسيما رخص البناء من خلال الشباك الوحيد و هي ترتيبات، يقول الوزير، "تسهيلية" يجب ان تلقى صداها لدى المجالس المنتخبة المحلية و التي هي دعوة للتجاوب مع المستثمر و مرافقته من اجل تجاوز كل العقبات و التعامل معه بروح ايجابية و مرحبة ،بعيدة عن اي صور النفور . و في حديثه عن العقار الصناعي الموجه لمشاريع الشباب، ذكر الوزير بالتشجيع الكامل لإنشاء مناطق نشاط مصغرة على مستوى البلديات لفائدة المؤسسات الصغيرة و حاملي المشاريع من الشباب المؤهل و مرافقتها قدر الامكان بهياكل اقتصادية جاهزة لاستقبال الاستثمارات المنتجة. و قال في هذا الصدد "انها رؤية تهدف لإعطاء المؤسسات المصغرة الناجعة و الجادة من توسيع افق امكاناتها و تحويلها تدريجيا لمؤسسات كبرى بإمكانيات اكبر و جعلها مصدر دخل اكبر للمجموعة المحلية المبادرة". كما اوضح في هذا الاطار ان المجالس المنتخبة مطالبة بالاقتراحات الانسب التي تمكن من استغلال المحلات البلدية المنجزة و توجيهها لكل نشاط يمكن ان تستقبله يكون في خدمة المواطن سواء لغرض مهني او تجاري او مرفق عمومي. "ان املاك البلدية يجب على كل مجلس منتخب تثمينها و ضمان استغلالها بالصورة الانسب وفقا للترتيبات الجاري العمل بها و حمايتها من الضياع و التلف و منع استخدامها لغير ما خصصت له" يقول السيد بدوي. و عبر الوزير عن إيمانه بأن إرادة الشباب المقاول القوية،التي ما تلقى الدعم و التوجيه اللازمين "انفجرت طاقاتها و مكنت من تحقيق المستحيل"، داعيا في هذا السياق كل الفاعلين المحلين الى تهيئة الظروف المواتية لمناخ عمل جيد دافع للقدرات المبادرات . ان المنظور الاقتصادي للبلدية، يقول الوزير، هو استعمال كل البدائل المتاحة و الكفيلة للتحكم في التكاليف و رفع الموارد و كذا اعتماد مقومات التنمية المستدامة من طاقات نظيفة متجددة و عناصر اقتصاد دائري صديق للبيئة. و في هذا الاطار اشار السيد بدوي الى ان مصالح دائرته الوزارية سطرت برنامج طموحا يهدف الى تطوير استعمال الطاقات المتجددة مما يساهم في تخفيض معدلات الاستهلاك الطاقوي الحالية، كما سيشجع على نشوء شبكة جديدة من المؤسسات الاقتصادية التي تعنى بهذا المجال، و ما لذلك من أثر أكيد على خلق مناصب الشغل لفائدة الشباب، مشيرا الى انه "انتقال صعب، لكنه ضروري و سنقوم معا و بصورة تدريجية لغاية بلوغ كل اهدافه الطموحة". 100 مليار دينار لدعم برامج التنمية المحلية في 2018 من جهة اخرى قال السيد بدوي أن الألفية الثالثة طلت على بلادنا بإرادة متجددة لتحسين ظروف معيشة المواطنين و إلحاق البرامج التنموية السابقة بأخرى واعدة و إتباع المشاريع الكبرى باخرى و الحرص على استفادة كل ربوع الوطن منها قرى و حواضر و مناطق كانت تعد نائية اصبحت اليوم تعج بالورشات المفتوحة التي ستجعلها مستقبلا اقطابا تنموية . و في هذا الصدد، كشف الوزير أن هذه الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية جاءت كتتويج لمسعى المصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الذي يوثق اسس الامن بصرح جديد للتنمية المستدامة التي اولى لها السيد بوتفليقة كل الموارد المالية اللازمة، موضحا ان هذه الموارد هي في تزايد بالغة سقف 100 مليار دينار، و التي وجهت لدعم برامج التنمية المحلية في 2018، و هو "ما يقطع الشكوك و يرسم الاستمرارية و تؤكد على التزام الدولة الراسخ بدعم تنمية بلدياتها مهما كانت الظروف" حسبه. و أضاف السيد بدوي هذه المشاريع كان لها الاثر الكبير على المواطن و الفضل الواسع في تحقيق العديد من المؤشرات التنموية التي تعد في عالم اليوم اهداف الالفية للتنمية المستدامة و هو مكسب استدعى إحترام العالم لمنجزات بلدنا. و في هذا السياق أكد الوزير على دعم الهيئات و المؤسسات المتخصصة للمنتخبين المحليين في تنفيذ هذه البرامج، مشيرا الى أن الهدف الاسمى من كل هذه الاصلاحات على المستوى المحلي هو بناء مرفق عمومي عصري يخدم المواطن و يقدم له خدمات عصرية و ذات نوعية و جودة عاليتين. "ننا لن ننغلق في هذا المسعى بل سننفتح على جميع الشركاء الكفيلين بإضفاء هاته الصيغة النوعية على مشاريعنا سواء من مراكز البحث والتنمية او من الشركاء الاقتصاديين العموميين و الخواص" يقول السيد بدوي. نظرا لما يقتضيه هذا من تحكم في التقنيات و توفير للموارد دعا الوزير المنتخبين الى التوجه نحو تقنيات معمول بها عالميا لتجاوز الصعوبات الظرفية لاسيما تلك المعتمدة على مبدأ التضامن المحلي ما بين الجماعات الاقليمية ،"فهي الوسيلة الانسب التي ستمكنكم من تحقيق العديد من المشاريع و الاهداف و نحن مستعدون لمرافقتكم في هذا المسعى" حسبه. و اعتبر السيد بدوي أن تكييف الخدمة العمومية مع متطلبات العصر و التكنولوجيا لم يعد خيارا من بين خيارات اخرى ،بل حتمية لا محيد عنها لذلك يجب ان تكون العصرنة النابض للبلديات و الضامن لكل خدماتها. "ان قطاعنا ليس سوى في بداية المسير على درب العصرنة و ما حققناه ليس سوى غيث من فيض ،فنحن مقبلون على جيل جديد من ورشات العصرنة التي ستغير راسا على عقب طرق تواصلكم مع المرتفق البلدي عماده الخدمات عن بعد و التسيير التعاوني عبر الارضيات الرقمية متعددة الخدمات و عليكم التحضر لهدا التحول الذي نحن بصدد التحضير له" يؤكد السيد بدوي. كما شدد الوزير على أن هذا التوجه لا يعني المغالاة في التركيز على اقتناء تجهيزات مكلفة قد لا تتناسب مع الاحتياجات بل هي مقاربة شاملة تقتضي اقتناء احدث التقنيات و توظيفها باقل قدر ممكن من الموارد البشرية المؤهلة و باقل تكاليف بل و باقتصاد الكثير منها، موضحا أن "المقاربة بين التكلفة و القيمة المضافة هي معادلة يجب تركها دائما نصب الاعين سواء في مشاريع العصرنة او في مجال التنمية المستدامة او غيرها من المجالات". كما تطرق الوزير الى ميدان التهيئة العمرانية الذي يقود الى الحديث عن إقليم البلدية في بعده المدني و التجمع الحضري و كذا الجواري، الذي هو هيكلة عمرانية تقتضي من المنتخبين رفع تحدياتها من خلال حرصهم التام على تهيئة الوسط الحضاري و نظافته و احترام القواعد العمرانية. من جهة اخرى، قال السيد بدوي ان النظرة المتبصرة لرئيس الجمهورية ترمي لتنمية كل الاقاليم و استفادتها من كل البرامج لا عطائها نفس الحظوظ في التنمية و التوسع الإقتصادي و لعب دورها كاملا في معركة التنمية الوطنية و التنويع الإقتصادي، مضيفا ان ولايات الجنوب "خير دليل على تلك المكنونات الهائلة لأقاليمنا المحلية فما تحققه من نتائج على كل الاصعدة، لا سيما الفلاحية منها، اذهلت القريب قبل البعيد، و اصبحت محل إهتمام الجميع". و أشار الوزير في هذا السياق الى ان إعادة بعث صندوقي الجنوب و الهضاب العليا بموجب قانون المالية للسنة الجارية هو دليل على العزم و مواصلة المسير على نفس النهج، مؤكدا أن الدولة ستدعم كل البرامج التنموية الخاصة بالولايات الداخلية "التي هي في امس الحاجة لها".