يعد الشهيد العربي بن مهيدي (1923-1957) رمزا من رموز حرب التحرير الوطنية و الزعيم السياسي القريب من النضال اليومي لشعبه. و تعد صورته في الوعي الشعبي قوية ومختومة بهالة استثنائية، فهدوئه أربك الجنرالات الفرنسيين و قادتهم لشنقه ليلة من 3 إلى 4 مارس 1957 دون محاكمة. و لا يزال العربى بن مهيدي، الرجل ذو الابتسامة الهادئة بعد 61 عاما من استشهاده ي مصدر إلهام لكثير من الجامعيين و الأكاديميين، تكرس لشخصيته الكاريزمية بحوث و مقالات تعكس تعلق الشهيد بقضية بلده . "ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب" ... محمد العربي بن مهيدي المولود بدوار الكواهي ببلدية عين مليلة بولاية أم البواقي منذ حوالي خمس و تسعين عاما من اليوم بطل و رمز بارز من رموز ثورة نوفمبر المظفرة و شخصية كاريزمية، كما وصفه لوأج أساتذة باحثون و طلبة جامعيون، خصوصا ممن تعرضوا بالبحث الأكاديمي لشخصه من جوانب عدة، وأجمعوا بالمقابل أنهم لم يتطرقوا إلا إلى القليل منها نظير ما تحلى به القائد بن مهيدي من صفات جمة كصفة القائد العسكري والمثقف و الإستراتيجي و الإنسان و خاصة الشجاع. و من بين ما ذكره الدكتور عبد الوهاب بخصوص المصادر و المراجع التي يمكن اعتمادها في التنقيب عن شخصية محمد العربي بن مهيدي "الشهادات الحية و مذكرات الأحياء و الأموات ممن عرفوا الشهيد الرمز من عسكريين و مجاهدين و مفكرين و مؤرخين"، لتليها -حسبه- مرحلة التناول الأكاديمي لهذه الحقائق عبر إخضاعها للمناهج العلمية الدقيقة و الخروج بعدها بكتابة دقيقة لتاريخ الحركة الوطنية و تاريخ الثورة المباركة"، و التي "تقودنا- يقول نفس المصدر- إلى "أن نقرأ التاريخ قراءة واحدة و لو كانت من زوايا مختلفة دون بث للفرقة و الشكوك و زعزعة الوجدان الجزائري". لأن صناعة الوعي يضيف الدكتور "تكون عن طريق كتابة التاريخ و شخصيات التاريخ مثلما هو الحال عن الكتابة لشخصية محمد العربي بن مهيدي الذي يعتبر فسيفساء من القيم عاش لقضية عادلة و اتسم بالذكاء و الثقافة الواسعة و النضال المميت و خاصة شجاعة هذا الرجل الذي أعتقل من قبل المستعمر و كبلت يديه و بينما هم يقودونه إلى الموت نظر إلى عدسة آلة التصوير وابتسم". طابع السرية في مسيرة الرمز محمد العربي بن مهيدي كقائد حالت دون بروز جوانب كثيرة منها يرى الدكتور عبد المومن إبراهيم أستاذ تخصص التاريخ بجامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي أن شخصية البطل بن مهيدي لم تنل حظها من الدراسة الوافية الكافية بعد، لافتا إلى أن عدد الدراسات الأكاديمية المتعلقة بهذه الشخصية لا تكاد تتجاوز في الجزائر العشر (10) دراسات. وأرجع سبب ذلك إلى استحالة الوصول إلى أرشيف الثورة المخزن في دور الأرشيف الفرنسية، بالإضافة إلى أن الشهيد العربي بن مهيدي كان قائدا للولاية الخامسة إبان ثورة التحرير و قائدا في معركة الجزائر، و القيادة يفرض فيها -وفقا للدكتور ابراهيم- التكتم و السرية، حتى أن رفقاء هذا البطل في السلاح من جهة أخرى استشهدوا في أيام الثورة الأولى و منهم من سجن و ذهبت معم أسرار و محطات حياة بن مهيدي وهو ما حال -حسبه- دون التوصل إلى معلومات كافية للتعمق أكثر بالدراسة و البحث حول شخصيته. يلقن أساتذة تخصص التاريخ بقسم العلوم الإنسانية بجامعة العربي بن مهيدي لطلبتهم التعريف بشخصيات و أبطال و صانعي ثورة الفاتح نوفمبر 1954 من خلال مناهج التدريس النظرية منها و التطبيقية و المقاييس المختلفة في هذا التخصص، على غرار تخصص "تاريخ الثورة الجزائرية" الذي يتم عبره ، استنادا للدكتور بذات القسم محمد غزالي، تكليف الطلبة بإجراء بحوث علمية يتعرضون فيها إلى معرفة عمومية بأبطال الثورة . كما يضطلع بعض الطلبة باختيار شخصيات يجرون حولها مذكرات تخرجهم و أطروحاتهم. و قد أبان في ذات السياق طلبة التاريخ الذين التقتهم وأج بجامعة العربي بن مهيدي عن معرفة تباينت بين المعمقة و السطحية بشخصية الشهيد العربي بن مهيدي فاستذكروا أنه ابن ولاية أم البواقي و أنه واحد من مجموعة الاثنين و العشرين (22) و من مفجري الثورة بالمنطقة الخامسة ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 و صاحب مقولة " ألقوا بالثورة إلى الشارع سيحتضنها الشعب".