يتجه حي الدويرات العتيق الذي يقع في وسط مدينة البليدة نحو إعادة ترميمه بغية حمايته قانونيا و استرجاع عبقه التاريخي و الأثري و رونق بناياته القديمة و ذلك بموجب دراسة وضعتها السلطات العمومية لإعادة تهيئة هذا المعلم الذي يعود تاريخ تشييده إلى القرن 16 ميلادي. و يشهد حي الدويرات أو حي "أولاد السلطان" كما يحلو لسكان البليدة تسميته, إهمالا كبيرا سواء في شكله الخارجي أو في أزقته الضيقة أو مبانيه ناهيك عن تشويه الهندسة الأصلية به بفعل البناءات العشوائية و التوسعات التي قام بها سكانه. و في هذا الصدد أطلق المختصون في الهندسة العمرانية الأثرية القديمة و في المحافظة على المواقع التراثية, عدة نداءات استغاثة لإنقاذ و حماية هذا الحي الذي يحمل بين أزقته جزءا هاما من ذاكرة مدينة الورود. و لقيت هذه النداءات آذانا صاغية و صدى كبير لدى السلطات العمومية التي أعلنت عن انجاز دراسة لإعادة تهيئة و حماية الحي العتيق للدويرات في انتظار الشروع في تنفيذها. انجاز دراسة لحماية حي الدويرات و إعادة ترميمه ... و أوضح مدير الثقافة مسحوب الحاج لوأج أن الديوان الوطني لاستثمار الممتلكات الثقافية فرع البليدة قام بإنجاز دراسة لإعادة تهيئة و ترميم حي الدويرات و إعداد مخطط لحماية المنطقة و محيطها ككل و ذلك بهدف الحفاظ على النسيج العمراني و القيمة الأصلية و التراثية للمدينة القديمة . و أضاف السيد مسحوب أن الطراز العمراني للمدينة يشهد تشوها كبيرا بسبب بعض التصرفات والسلوكات العمرانية التي لا تتناسب مع الطراز القديم الذي عرف به حي الدويرات و لهذا فكرت السلطات العمومية في إعادة الطابع الأصلي لها حيث تم انجاز الدراسة و هي على مستوى وزارة الثقافة و فور المصادقة عليها سيتم إطلاق أشغال الترميم لحماية هذه المدينة التراثية بصفة دائمة و المحافظة على الطراز الذي اشتهرت به في فن العمارة العثمانية و الإسلامية. و أعلن والي البليدة مصطفى العياضي في وقت سابق عن تخصيص غلاف مالي قدره 55 مليون دج لإعادة تهيئة البنايات الأثرية القديمة لمدينة البليدة من بينها حي الدويرات و قصر عزيزة و قاعة "نجمة" من خلال دهن الواجهات و الجدران و تصليح الأبواب و النوافذ و غيرها من الأشغال التي من شأنها أن تساهم في استرجاع بريق المدينة . و كان سكان الحي قد طالبوا في العديد من المناسبات بإعادة ترميم و تهيئة حيهم بسبب الوضعية المتدهورة التي يشهدها هذا الحي الاثري ناهيك عن تدهور طرقاته و ارصفته التي أصبح من الصعب السير عليها كما أن البنايات ûحسب احد سكان الحي- أصبحت آيلة للسقوط على مستوى الحي العتيق . و تعكس هذه العمليات إرادة السلطات العمومية في الحفاظ على المعالم الأثرية و رغبتها في حماية المدن و البنايات التراثية العتيقة التي تروي بين جنباتها تاريخ مدينة الورود و الحضارات التي تداولت عليها. الدويرات او "قصبة البليدة" التي يفوح عبق التاريخ من بين ازقتها ... و يذكّر حي الدويرات الذي يطلق عليه أيضا "قصبة البليدة" الزائرين بقصبة الجزائر العاصمة حيث يتميز بأسطحه القرميدية و بأبوابه الضيقة والمقوسة وبفناءاته المعروفة محليا ب "وسط الدار" بنافوارات المياه أو ما يعرف ب"الفوارة" وأشجار الليمون و الياسمين ومختلف الورود و الأزهار . و يعد الحي تجمع سكني ذو هندسة داخلية مستطيلة الشكل طولها يفوق عادة الستة أمتار في حين أن عرضها لا يتجاوز الثلاثة امتار كما أنها تسمى غالبا وفقا لاتجاهاتها الجغرافية فهناك الشرقية والغربية وهناك أيضا القبلية (باتجاه الجنوب) والبحرية (باتجاه الشمال). و يضم حي الدويرات معلما اثريا مهما و هو قصر الملك بيهنزن كوندو وهو الملك الحادي عشر لداهومي (البنين حاليا) والذي تواجد بالمكان من 1894 وإلى غاية وفاته في 1906 بعد أن نفته الإدارة الاستعمارية الفرنسية إلى الجزائر. و تأسس حي الدويرات خلال القرون الوسطى أثناء الانتداب العثماني في الجزائر و تعود تسميته الى مجموع "دويرة" أي تجمع سكاني صغير لأنه كان ينتدب عن مجموعة من الدويرات. و لدى قدوم مؤسس مدينة البليدة سيدي احمد الكبير سنة 1535 ادخلت على بنايات الحي ذات الطابع الإسلامي بعض الرتوشات ذات الطابع الأندلسي و ذلك اثر التحاق حوالي 7000 شخص من الأندلس بهذه المدينة . من جهة أخرى كشف مدير الثقافة لولاية البليدة عن مشاريع أخرى تصب في نفس الاتجاه و تهدف لحماية و المحافظة على البنايات الأثرية و تثمين التراث الثقافي تشمل استرجاع قصر عزيزة الأثري و ترميمه علما أن القصر يسكنه حاليا حوالي 12 عائلة ستقوم السلطات المحلية بإعادة إسكانهم لترميم هذا المعلم الأثري. كما تشمل هذه العملية أيضا عدة معالم أخرى كالمساجد العتيقة (بن سعدون و الحنفي تركي ) و قاعة نجمة.