تم فتح المتحف الصحراوي بورقلة يوم الأربعاء بعد استكمال عمليات تهيئة و ترميم واسعة امتدت لسنوات. و جرت مراسم فتح هذا الفضاء الثقافي في أجواء احتفالية "مميزة" تحت إشراف السلطات الولائية ، على هامش إحياء اليوم العالمي "للعيش معا في سلام" ، مما سيسمح للجمهور الإطلاع على الموروث الثقافي و الرصيد التاريخي والشعبي الذي تزخر به منطقة ورقلة و ما جاورها منذ أزمنة قديمة. و سيتيح المتحف الصحراوي الفرصة أمام زواره من اكتشاف حضارات تعاقبت على منطقتي "وادي مية" و "وادي ريغ" ( تقرت) منذ أزمان غابرة من جهة ، و توفير من جهة أخرى مادة علمية أصلية للطلبة والباحثين في هذا المجال. و ثمن بالمناسبة والي الولاية عبد القادر جلاوي فتح هذا الهيكل الثقافي "الهام" الذي اعتبره مكسبا "كبيرا" لسكان ولاية ورقلة و الولايات المجاورة والذي يعكس مدى تعايش الإنسان عبر العصور و الحضارات التي مرت بجنوب البلاد خلال حقب زمنية مختلفة . و تعود مقتنيات هذا المتحف التي أعيد تصنيفها داخل خزائن مخصصة لهذا الغرض و بقاعات مهيأة حسب كل حقبة زمنية (أحجار و فؤوس و سهام و رؤوس سهام صخرية و أواني فخارية و أخرى نحاسية ) إلى حقب تاريخية مختلفة، من بينها عصور ما قبل التاريخ و العصرين الوسيط و الحديث والتي تغطي منطقتي وادي مية ووادي ريغ إلى غاية منطقة الطاسيلي ( إيليزي) بأقصى جنوب شرق الوطن ، بالإضافة إلى أسلحة قديمة استعملت إبان ثورة التحرير المباركة ، و أخرى من طرف الإنسان القديم مع بداية استخدام مادة المعدن. و تضاف هذه الأدوات القديمة إلى عديد المقتنيات التي تم اكتشافها خلال الحفريات التي أجريت من طرف الباحثة السويسرية "مارغاريت فان برشم " على منطقة سدراتة الأثرية ( 7 كلم جنوبورقلة) و التي يعود تاريخ تأسيسها إلى حدود القرن العاشر ميلادي (10م) على يد الرستميين. و طالما شكل هذا المعلم التاريخي في الماضي محطة توقف للقوافل القادمة من مناطق الساورة و قورارة و توات الكبرى التي كانت تحط رحالها بمنطقتي وادي مية ( ورقلة) و وادي ريغ ( تقرت) ، حسب مصادر تاريخية. و سيساهم المتحف الصحراوي في حلته الجديدة بتنشيط الحركة السياحية بالمنطقة من جهة و فتح من جهة أخرى المجال واسعا أمام الباحثين و المختصين في علم الآثار و كذا الطلبة و الدارسين للبحث في تاريخ منطقة ورقلة بشكل خاص و الجنوب الشرقي لجنوب الوطن بشكل عام بالنظر لقيمته التاريخية و احتواءه على هذا الرصيد "الهام" و "النادر" من الآثار و التحف الفنية المتنوعة. يذكر أن المتحف الصحراوي بورقلة كان قد عرف عملية جرد واسعة لمقتنياته من طرف الديوان المحلي لتسيير و استغلال الممتلكات المحمية دامت حوالي سنتين ، مما سمح إعطائها قيمتها التراثية و التاريخية و تصنيفها وفق النوع و التاريخ.