يعتبر قرار إنشاء لجنة يقظة و ضبط و مراقبة و تقييم نشاط زراعة الحبوب الذي أصدرته الحكومة أمس الأحد إجراء جديد من شأنه ترشيد الاستيراد بغية احتواء تآكل احتياطي الصرف للبلاد. تهدف اللجنة إلى وضع تصور واضح للمدى القصير و المتوسط بخصوص ملف عقلنة تسيير الحبوب و استيرادها مع تكليف هذه اللجنة الرقابية بإجراء تدقيق شامل حول احترام الالتزامات القانونية لكل المتعاملين النشطين بصورة قانونية في الميدان. خلال هذا المجلس الوزاري المشترك و بعد الاستماع لعروض مختلف المتدخلين، ذكر الوزير الأول السيد نور الدين بدوي أن هذا الإجراء الجديد يندرج في إطار المقاربة الشاملة التي تنتهجها الحكومة للمحافظة على احتياطات الصرف من العملة الصعبة من خلال تقليص اللجوء الى الاستيراد و حصره فقط في تلبية الحاجيات الحقيقية للسوق الوطنية مع حصر عقلنة الدعم العمومي. و كانت الحكومة قد وافقت، خلال اجتماعها في 23 مايو على إجراءات جديدة تهدف لتنظيم واردات الحبوب و الحليب، التي تشكل وحدها أكثر من نصف الواردات الغذائية للبلاد، و ذلك في اطار مسعى شامل يهدف للحد من تآكل احتياطيات الصرف. و شكل تنظيم واردات هاتين الشعبتين الاستراتيجيتين محور العرض الدوري لوزير المالية، الذي أبرز نمط الاستيراد المعتمد في هذا المجال والدعم المالي الهام الذي تقدمه الدولة في شكل إعانات، موضحا المستوى التصاعدي لفاتورة استيراد القمح الصلب واللين. و في نفس السياق، صادقت الحكومة على قرار يتعلق بتمديد أجل التسديد المؤجل للواردات (paiement différé) المعتمد من طرف بعض القطاعات، إلى أجل لا يتعدى سنة واحدة. و في تصريح لواج، أوضح مصدر بنكي أن مدة التسديد المؤجل للواردات تقدر حاليا ب59 يوما (شهرين). و بدخول الاجراء الجديد حيز التنفيذ، سيكون بامكان المستورد التفاوض مع مورده من أجل تخليص مؤجل فاتورة استيراده في حدود مدة تصل الى سنة. و قال المصدر البنكي :" أظن أنه اجراء مهم لتقليص الضغط على احتياطيات الصرف لأنه في غضون سنة تدخل البلاد مبالغ من العملة الصعبة مما يحدث توازنا لحد ما مع العملة الصعبة التي تذهب للخارج في اطار تخليص الواردات". و منتصف أبريل المنصرم، انشأت وزارة المالية لجنة لليقظة و متابعة تطور التحويلات بالعملة الصعبة نحو الخارج في خطوة تهدف لمراقبة حركة الأموال مع الخارج. و يتوقع قانون المالية 2019 للفترة الممتدة من 2019 الى 2021، انخفاض احتياطي الصرف الى 62 مليار دولار سنة 2019 ثم الى 8ر47 مليار دولار سنة 2020 الى ان يصل الى 8ر33 مليار دولار سنة 2021. و بلغت هذه الاحتياطيات نهاية 2018 مبلغ 12ر82 مليار دولار. و خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، سجل الميزات التجاري للجزائر عجزا ب37ر1 مليار دولار (مقابل 23ر1 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2018). و تراجعت الواردات خلال نفس الثلاثي الى 12ر11 مليار دولار (-83ر0 بالمئة) و بلغت الواردات نهاية 2018 أكثر من 2ر46 مليار دولار. و سجل عجز ميزان المدفوعات من جهته انخفاضا معتبرا خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018 اذ انتقل من 37ر16 مليار دولار سنة 2017 الى 42ر10 مليار دولار سنة 2018 (-34ر36 بالمئة) مع تسجيل ارتفاع في الصادرات و انخفاض طفيف في الواردات.