واصل مئات المحتجين, اليوم الأحد, في ساحة التحرير وسط بغداد بعد ليلة طويلة من المظاهرات استخدمت القوات الأمنية فيها الغاز المسيل للدموع لتفريقها. وواصل العراقيون الاحتشاد رغم تخطي حصيلة القتلى 60 شخصا في الموجة الثانية من الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي انطلقت مساء الخميس الماضي. وقتل بعض الضحايا بالرصاص الحي, والبعض بقنابل مسيلة للدموع, والبعض الخر احتراقا خلال إضرام النار في مقار أحزاب سياسية. وتقدم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي بمقترحات عدة لتنفيذ إصلاحات لم تكن مقنعة للمتظاهرين. وذكرت تقارير إعلامية أن المشهد في ساحة التحرير الرمزية بوسط العاصمة كان اليوم "فوضويا", إذ تمركز بعض المتظاهرين على أسطح مراكز تجارية للتلويح بالأعلام العراقية, فيما قام آخرون بإحراق الإطارات في الشوارع التي تغطيها القمامة. وفي ركن آخر, نصب البعض خياما في وقت بدأ فيه متطوعون بتوزيع الطعام والماء على المتظاهرين. وقال مصدر أمني, إن قوات مكافحة الارهاب وقوات الجيش بدأت اليوم عمليات تفريق وإعتقال لمتظاهرين في مدن وسط وجنوب البلاد, بأمر من رئيس الوزراء. ويأتي نشر قوات مكافحة الارهاب وقوات الجيش في مسعى لإعادة الأوضاع الأمنية الى ما كانت عليه بعد أن تمكن المحتجون يومي الجمعة والسبت الماضيين من إضرام النيران في اكثر من 80 مقرا حزبيا وأخرى تابعة للحشد الشعبي ومؤسسات حكومية مختلفة. وقال نقيب الشرطة أحمد خلف في تصريح صحفي إن "قوات مكافحة الارهاب انتشرت في غالبية مناطق بغداد بأمر من رئيس الوزراء بهدف حماية جميع المؤسسات الحكومية والأهداف الحيوية ومنع اي جهات من الاعتداء عليها". وأوضح خلف أن "نشر قوات مكافحة الارهاب جاء بعد عجز قوات مكافحة الشغب للسيطرة على الأوضاع في بغداد". وقتل 63 متظاهرا وأصيب نحو 2.500 آخرين بينهم أفراد أمن خلال 48 ساعة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة, بحسب مفوضية حقوق الانسان العراقية. وموجة الاحتجاجات الجديدة التي بدأت مساء الخميس الماضي هي الثانية من نوعها خلال الشهر الجاري, بعد أخرى قبل نحو أسبوعين شهدت مقتل 149 محتجا وثمانية من أفراد الأمن. وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد, قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة, إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم وهو ما أقرت به الحكومة ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه. ومنذ بدء الاحتجاجات, تبنت حكومة عادل عبد المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة, لكنها لم ترض المحتجين الذين يصرون على إسقاط الحكومة. ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات, فيما يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطا متزايدة على حكومة عبد المهدي, وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.