دخلت روميساء بوعلام و إيمان خليف تاريخ الملاكمة النسوية الجزائرية من الباب الواسع، بفضل إنجاز بارز باعتبارهما أول سيدتين تفتكان بطاقة المشاركة في الألعاب الأولمبية، لينصب القفاز النسوي الجزائري كضيف بارز خلال فعاليات أكبر محفل رياضي في المعمورة. إنجاز بوعلام و خليف لم يكن بالأمر الهين في تخصص رياضي لطالما كان حكرا على الرجال ولو أن الملاكمة تسمى بالفن النبيل. فاكتساب الملاكمتين لتأشيرة المشاركة في الموعد الأولمبي يعد أبرز محطة في مشوارهما الرياضي. وصنعت روميساء بوعلام، التي استهلت مشوارها سنة 2013، المفاجأة بنيل بطاقة الصعود إلى الألعاب الأولمبية-2020، أثناء الدورة التأهيلية بداكار، لتعانق حلم كل رياضي من المستوى العالي، وهي التي توجت بالميدالية الذهبية للألعاب الإفريقية-2019 بالرباط. وفي تصريح ل"وأج"، صرحت ملاكمة اتحاد الشفة (البليدة) : "حجز مقعد للمشاركة في الحدث الأولمبي أمر مبهر، سيما وأنها سابقة في تاريخ الملاكمة النسوية الجزائرية التي لم يسبق لها الحضور في هذا الموعد الكبير الذي يبقى حلم كل رياضي من المستوى العالي". وتجاوزت بوعلام العقبات والصعاب التي واجهت مشوارها الرياضي "الفتي"، بداية برفض والديها ممارستها الملاكمة التي تصنف دوما كتخصص رجالي بامتياز يتميز بالعنف والضربات الموجعة التي تصيب الوجه "الحسن" ل"الجنس اللطيف"، غير أن المعطيات سريعا ما تغيرت ليصبح الأب و الأم أول المشجعين. وأضافت صاحبة ال25 ربيعا : "مارست الجيدو والكاراتي منذ سن الخامسة، ولم أكن أتوقع أبدا أن ألج عالم الملاكمة خاصة بالنسبة لفتاة لم تعتد على تلقي الضربات القاسية على الوجه. أبي وأمي رفضا تماما ولوجي هذه الرياضة تخوفا من الإصابات. لكن مع مرور الوقت غيرا رأيهما وساهما بقدر كبير في بلوغي هذا المستوى". وشهدت سنة 2014 الانطلاقة الحقيقية لمشوار روميساء بوعلام، حينما شاركت في بطولة العالم بكوريا الجنوبية و كأس إفريقيا بجنوب إفريقيا، لكن لا أحد كان يراهن آنذاك على هذه الفتاة "الصغيرة" التي أضحت بمرور الزمن الرقم واحد في وزن 51 كلغ على الساحة القارية. وأوضحت بوعلام التي تحلم بارتقاء منصة التتويج بأولمبياد طوكيو-2020 : "في وقت ليس ببعيد كانت تهمش النسوة اللائي يمارسن الملاكمة، لكن الوضعية تغيرت. الأمور لكم تكن سهلة للملاكمات لولا العمل الشاق والتضحيات. بمناسبة هذا التأهل التاريخي، آن الأوان أن نوجه رسالة للمجتمع مفادها أن المرأة ليست رياضية من الدرجة الثانية و لها الحق في أن تستفيد من منح قيمة حتى تفتح لها أبواب النجاح والتألق". "أحرزت على الميدالية الفضية في بطولة إفريقيا بياوندي (2013) والكونغو (2017)، إلا أن المركز التاسع الذي تحصلت عليه ببطولة العالم-2018 بالهند شجعني على المضي قدما و النظر لمستويات أسمى. ففي سنة 2019 حققت ذهبية الألعاب الإفريقية بالمغرب واليوم أنا متأهلة إلى موعد طوكيو .. هذا أمر رائع ومشجع"، ختمت ملاكمة الفريق الوطني حديثها. إيمان خليف ... قصة نجاح ملاكمة و "إطفائية" وسارت إيمان خليف، المتأهلة الثانية إلى الألعاب الأولمبية-2020، على نفس المنحى التصاعدي، بفضل نيلها ذهبية الدورة المؤهلة للأولمبياد التي جرت بين 20 و 29 فبراير بالعاصمة السنغالية داكار. وتحدت ابنة مدينة تيارت (20 سنة) جميع الترشيحات والتكهنات، حينما توجت بلقب بطولة الجزائر عام 2018، ليتم بعدها استدعاؤها للمنتخب الوطني والمشاركة في بطولتين عالميتين. وأثناء محاورتها، قالت خليف : "مشواري انطلق سنة 2016. كنت أحلم بخوض دورة أولمبية، كنت أشاهد الملاكمين الجزائريين على شاشة التلفزيون خلال ألعاب ريو-2016 متمنية أن أسير على نهجهم في يوم من الأيام ... اليوم حققت حلمي". وتطمح ملاكمة فريق جمعية الحماية المدنية مواصلة مشوارها ضمن هذه المؤسسة العريقة التي قدمت الكثير للقفاز الجزائري، بتكوين عديد الملاكمين المتميزين للمنتخب الجزائري. وأضافت خليف التي تعتبر أن الملاكمة النسوية الجزائرية في مرحلة تطور جيدة: "خلال الألعاب الإفريقية-2019، اكتفيت بالصف الخامس، لكنني واصلت العمل بجدية من أجل التطور". وتحسرت قائلة : "الملاكمة النسوية لم تتساو مع الرجال بعد فيما يخص المنح الرياضية وحتى في القوانين. نستطيع أن نقوم بنفس الأمور مع الرجال. تنتظرنا طريق طويلة وشاقة للبلوغ بالملاكمة النسوية إلى أحسن المراتب.. لكن صراحة نتواجد في وضعية أحسن بكثير من الفتيات اللائي سبقونا في هذا التخصص".