دخل النزاع في سوريا, اليوم الإثنين, عامه العاشر, مخلفا مئات الآلاف من القتلى والملايين من المشردين وعدة آلاف من الجرحى, ودمارا شاملا في البنى التحتية, وسط عجز دولي عن رسم أي أفق سياسي للسلام المنشود, في وقت باتت فيه قوات النظام تسيطر على 70 في المئة من مساحة سوريا. ووفقا لحصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان عشية دخول النزاع عامه العاشر, فقد تسببت تسع سنوات من الحرب الدامية و المدمرة في سوريا بمقتل 384 ألف شخص على الأقل, من بينهم أكثر من 116 ألف مدني. وتشمل هذه الإحصاءات وفق المرصد, من تم التأكد من توثيق وفاتهم جراء القصف خلال المعارك, ولا تضم من توفوا جراء التعذيب في معتقلات النظام أو المفقودين والمخطوفين لدى مختلف الجهات, ويقدر عدد هؤلاء بأكثر من 97 ألف شخص. وتسببت الحرب في سوريا منذ إندلاعها عام 2011 -حسب الأممالمتحدة- في "أكبر مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية", مع نزوح و تشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد و خارجها, كما استنزفت الإقتصاد و موارده و البنى التحتية, و تسببت في إنهيار قياسي في قيمة الليرة السورية. ومع دخول الحرب في سوريا عامها العاشر, قال الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش "إن المدنيين هناك هم من يدفع الثمن الأكبر, وإن عقدا من القتال لم يجلب إلا الدمار والفوضى". وأشارت المنظمة الدولية إلى الحاجة للمزيد من التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية لإنقاذ حياة أكبر عدد ممكن من السوريين بالداخل وفي الدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين منهم, مؤكدة أنها بحاجة هذا العام إلى تمويل بقيمة 3.3 مليار دولار أمريكي لتلبية الاحتياجات الإنسانية داخل سوريا, و5.2 مليار دولار لمساعدة اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، ودعم المجتمعات المضيفة. وحسب بيانات دولية فإن الصراع خلف أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري, فضلا عن أكثر من ستة ملايين نازح بالداخل، وهناك أكثر من 11 مليون شخص داخل سوريا بحاجة للمساعدات الإنسانية, من بينهم أكثر من أربعة ملايين طفل, كما أن نصف مليون طفل هناك يعانون من سوء تغذية مزمن. كما أحدث النزاع منذ إندلاعه, عدا الخسائر البشرية, دماراً هائلاً, قدرت الأممالمتحدة في وقت سابق كلفته بنحو 400 مليار دولار. ووفقا لتقديرات الخبراء تحتاج سوريا نحو 300 إلى 400 مليار دولار لإعادة إعمارها, إلا أن التمويل الأجنبي لإعادة الإعمار غير متاح أو مضمون, إذ تشترط العديد من الدول وجود عملية سياسية حقيقية للسلام تشارك فيها جميع الأطراف والفصائل السورية. ويرى المراقبون أن سوريا "تحولت على مر سنوات, إلى ساحة تتواجه على جبهاتها جيوش وقوى دولية لكل واحدة منها أهدافها ومصالحها, وكان التدخل العسكري الروسي لصالح النظام في سبتمبر 2015, النقطة الأهم في مسار المعارك في سوريا وتغيير موازين القوى على الأرض لصالح قوات النظام بعد أن فقدت السيطرة على الكثير من المدن ومساحات واسعة من الأراضي". ومع بدء النزاع عامه العاشر, باتت قوات النظام السوري تسيطر على 70% من مساحة سوريا, وتنتشر في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرق البلاد, بموجب اتفاق بين الطرفين أعقب هجوماً تركياً على المنطقة الحدودية في أكتوبر الماضي. وشنّت القوات النظامية هجوماً واسعاً بدعم روسي في الأشهر الأخيرة على مناطق في إدلب ومحيطها خارجة عن سيطرتها, ما أدى إلى فرار نحو مليون شخص, في أكبر موجات النزوح منذ بدء النزاع. وباتت القوات النظامية تسيطر على أكثر من نصف مساحة المحافظة. وتوقّف الهجوم إثر وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو الداعمة لدمشق مع أنقرة, وبدأ تطبيقه منذ السادس من الشهر الحالي, توقفت بموجبه المعارك وغابت الطائرات الحربية عن الأجواء. وتشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة تخطى معها سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة ال1000 ليرة مؤخراً, بعدما كان يعادل 48 ليرة قبل اندلاع النزاع. ويلقي النظام السوري اللوم في ذلك على الحصار الاقتصادي والعقوبات التي تفرضها دول غربية على دمشق منذ سنوات.